في أمسية فنية مميزة على مسرح مرايا بمدينة العلا ضمن فعاليات مهرجان شتاء طنطورة الثاني، فاجأ الموسيقار المصري الشهير عمر خيرت جمهوره بمقطوعة موسيقية ساحرة أعدها خصيصًا لمدنية العلا احتفاءً بمكانتها التاريخية والأثرية.
عمر خيرت
وألّف عمر خيرت معزوفة العلا الموسيقية التي لاقت ترحيبًا واسعًا بين جمهور المسرح في زيارته الثانية للسعودية في موسم شتاء طنطورة، بعدما أوحى له بها وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان.
العلا مصدر إلهام عمر خيرت
وقال عمر خيرت -في تصريحات صحفية قبل صعوده على مسرح مرايا بمدينة العلا- إن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان قال له سوف ترى العلا وكنوزها الأثرية والحضارية من النقوش والآثار، ومن الممكن أن تعطيك انطباعًا موسيقيًّا، فشعر أنه أشعل الفكرة.
وتعدّ معزوفة العلا أول مقطوعة لمدينة سعودية بصبغة عالمية شارك فيها أكثر من 70 عازفًا، ومن المتوقع أن يستلهم عمر خيرت مزيدًا من الألحان من سحر تضاريس الطبيعة في العلا، بعدما عبّر خيرت عن ذلك في تصريحات صحفية له.
القيمة التاريخية لمدينة العلا
والعلا هي مدينة التاريخية تقع شمالي المملكة العربية السعودية، وتعدّ إحدى الوجهات السياحية الصاعدة خاصة خلال السنوات الأخيرة، كنتيجة طبيعية لإرث المدينة تاريخيّ، وطبيعتها الجبلية الساحرة، وطقسها المثالي، خاصة في فصل الشتاء.
محافظة العلا تعود جذورها إلى 900 عام قبل الميلاد، إذ اكتشف الأثريون بقايا آثار تعود لعصر اللحيانيين الذين استطونوها قبل الميلاد بـ900 عام، كما أشار المؤرخون إلى أن الأنباط -قوم النبي صالح- سكنوها بسبب خصوبة الأرض ووفرة المياة، ومن ثم أسسوا حضارتهم فيها.
وتمثّل العلا نقطة التقاء بين حضارات الشرق الأدنى القديم وحاضرة التجارة القديمة، لوقوعها آنذاك على طريق البن والبخور والتوابل، إضافة لقربها من حدود الشام، وعزز تلك المكانة قطار الحجاز الأثري لربط الشام بمكة الذي انطلقت أولى رحلاته على 1907.
أشهر أثار مدينة العلا
وتشتهر مدينة العلا التاريخية بمواقع عدة متميزة، إذ يقصدها سنويًّا ما لا يقل عن 30 ألف سائح من داخل وخارج السعودية، وفقًا لإحصاءات الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة.
ومن أشهر أثارها "دار الحجر"، وهي أبرز ما يزوره السياح في المنطقة، وتبعد 22 كم عن محافظة العلا، ويوجد بها آثار ترجع لفترة ما قبل التاريخ، ممثلة في الرسوم الصخرية والرجوم الركامية، كما يزور السياح البلدة القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن الـ14 الميلادي.
وبلدة العلا القديمة عبارة عن أطلال لنحو 800 منزل تنتشر حول قلعة مرتفعة بمواجهة المزارع التي روتها اليانبيع التي جفّت منذ سنوات، وترتفع البلدة القديمة 70 مترًا عن سطح البحر، هجرها السكان في بداية الثمانيات لتصبح مزارًا سياحيًّا في ما بعد.
وتتوسط البلدة القديمة قلعة موسى بن نصير، التي تعود إلى القرن الـ6 قبل الميلاد، وهو مبنى من الحجر المشذب المقام على رأس هضبة صغيرة، بالإضافة إلى الخريبة هي منطقة من بقايا أطلال مدينة دادان القديمة التي تعود لحضارة مملكة دادان العربية، والتي برزت سيادتها في تلك المنطقة في القرن الـ7 قبل الميلاد.
وتحتوي "الخريبة" على مقابر الأسود الـ4 التي تعلو مقبرتين جنوب موقع الخريبة، أبرزها نحت الأسد الذي عثر عليه عام 1914، ومن أبرز صخور العلا صخرة جبل الفيل التي يبلغ ارتفاعها 50 مترًا عن الأرض وتتميز بشكلها الذي يشبه الفيل ويحيط بها جبال ذات ألوان فاتحة في مشهد بديع.
وفي يونيو من عام 2008، سجّلت يونيسكو موقع الحجر الأثري في محافظة العلا، ضمن قائمة التراث العالمي لتصبح بذلك أول موقع أثري سعودي يسجل ضمن قائمة التراث العالمي.
اهتمام ملكي بمدينة العلا
وفي قرار ملكي وضع مدينة العلا في بؤرة الضوء في عام 2017، تم إنشاء هيئة ملكية لتطوير مدينة العلا، يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، وتضمنت هذه الرؤية تطوير البنية التحتية مع الحفاظ تراثها وتاريخها، وإبرازه بالمرافق السياحية المتنوعة حول طبيعة المدينة.
ولتحقيق الرؤية الملكية لشأن المدينة التاريخية، استقطبت السعودية الخبرات الفرنسية لتطوير المواقع التراثية في المدينة، بموجب اتفاقية تعاون مشترك بين البلدين تشمل التعاون الثقافي والسياحي والتبادل المعرفي.
تطوير مدينة العلا بـ2مليار ريال
ومن أجل تطوير العلا، طرحت وزارة الخارجية السعودية خطة استثمارية تسعى لإقامة مشروعات سياحية وتراثية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار ريال، تتمثل في إنشاء متحف العلا الجديد، وتطوير موقع مدائن صالح، وترميم محطة سكة حديد العلا، وتأهيل المواقع الأثرية وتهيئتها للزيارة.
وتأتي تلك الخطة ضمن رؤية المملكة 2030 لتطوير القطاع السياحي، حيث تستهدف المنطقة استقبال 400 ألف سائح سنويًّا، وتوفير 4200 وظيفة، إضافة إلى تحقيق إيرادات متوقعة بقيمة 360 مليون ريال.
تنشيط سياحة الترفيه بمدينة العلا
ولتنشيط سياحة الترفيه، انطلق في 20 ديسمبر 2018، مهرجان شتاء طنطورة الأول، والذي يعد أبرز خطوات الجذب السياحي لمدينة العلا التي تشهد أجواءً ساحرة مع قدوم فصل الشتاء، إذ شيدت الهيئة الملكية لمحافظة العلا مسرح مرايا، الذي بات المركز الرئيسي لمهرجان شتاء طنطورة.
وانطلقت فعاليات مهرجان "شتاء طنطورة" 19 ديسمبر الحالي، وتستمر حتى 7 مارس 2020، ومن أبرز فعاليات المهرجان حفل الموسيقار الكبير عمر خيرت، وعودة المطربىة المغربية المعتزلة عزيزة جلال بعد 30عامًا.
كما يشارك في المهرجان عدد من النجوم العالميين منهم إنريكى إيجليسياس وليونيل ريتشى والموسيقار ياني، ويقدم المهرجان عرضًا مسرحيًّا عن أمجاد وتاريخ مدينة العلا تقدمه فرقة كراكلا العالمية بعنوان جميل بثينة.