المجلس الأطلسي يكشف كيف سيطرت «طالبان» على أفغانستان خلال أسابيع

المجلس الأطلسي يكشف كيف سيطرت «طالبان» على أفغانستان خلال أسابيع
تم النشر في

حالة من الترقب سيطرت على العواصم العالمية مع دخول مقاتلي حركة «طالبان» العاصمة الأفغانية كابول، بعد سيطرتهم على كافة المدن الرئيسية بدون مقاومة تذكر من القوات الأمنية والجيش المحلي، وفرار الرئيس أشرف غاني إلى خارج البلاد، وسط حالة من الغموض خيمت على مستقبل البلاد.

ويظل التساؤل الأهم، كيف نجحت «طالبان» في السيطرة على البلاد بهذه السرعة القياسية؟. الإجابة، كما يقول تقرير نشره المجلس الأطلسي، مساء الأحد، تكمن في فهم طبيعة استراتيجية الحركة من حيث «فن العمليات». فـ«طالبان» في نسختها الحالية تختلف كليًا عن «طالبان» التي رأيناها بالتسعينات من القرن الماضي، إذ باتت تملك أدوات عسكرية وغير عسكرية متنوعة، تستخدمها لتحقيق أجندتها السياسية.

وقال المجلس الأوروبي، المعنيّ بالشؤون السياسية العالمية، إن الحكومة الأفغانية لم تخسر المعركة بسبب انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، لكن القوات الحكومية وقعت ضحية مناورات من قبل حركة عسكرية تملك قدرة أكبر على التكيف.

وتابع أن «طالبان» وضعت أهداف محددة وخطوط واضحة لتفريغ القوات الأمنية الأفغانية، وتطبيق تطويق استراتيجي للعاصمة كابول، لإجبار الحكومة على الاستسلام، وقال كذلك: «بمرور السنوات، تطورت طالبان إلى مجموعة عسكرية قادرة على التقدم وفق خطوط متنوعة. وتحولت من مجرد مجموعة متمردة تنفذ الكمائن وتستخدم الأجهزة المتفجرة، إلى منظمة معقدة تدير أكثر من 80 ألف مقاتل قادرين على استخدام الأسلحة ووسائل التواصل الاجتماعي».

وأضاف موضحًا: «تضمنت استراتيجيتهم جمع المعلومات، نداءات الولاء من شيوخ القبائل، والأوامر اللامركزية التي تسمح للقادة المحليين، من أصحاب الخبرة بتضاريس مناطقهم، بتحديد الفرص لأخذ زمام المبادرة. عندما تحقق قوات طالبان نجاحًا عسكريًا، فإنها تعزز تلك التطورات بقوات احتياطية متنقلة، وهي جحافل من الكوماندوز على الدراجات النارية، ما يسمح لها بالحفاظ على وتيرتها في ساحة المعركة».

عزل الجيش الأفغاني
واعتمدت حملة «طالبان» العسكرية على أربع خطوط واضحة، أولها عزل الجيش الأفغاني. فانهيار القوات الأمنية جاء نتيجة عزل على مستوى العمليات. والعزل، حسب الجيش الأمريكي، يعني عزل الخصم نفسيًا وماديًا عن قاعدة داعميه، وحرمانه من حرية الحركة وجمع التعزيزات، وهو ما فعلته «طالبان»، إذ اتبعت نهج متعمد لعزل خصومها لأكثر من 18 شهرًا، عبر استغلال نقاط الضعف الرئيسية في هيكل وتشكل القوات الأمنية الأفغانية.

في البداية، ركزت الحكومة الأفغانية على بسط سيطرتها عبر نقاط التفتيش والمواقع الاستيطانية الصغيرة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. ومن وجهة نظر سياسية، سمح هذا الموقف لغاني باستمالة الجماعات السياسية المختلفة.

لكن الواقع العسكري كان مختلفًا: فقد أدى هذا النهج إلى تفريق الوحدات في جميع أنحاء البلاد وجعلها غير قادرة على تعزيز بعضها البعض بشكل متبادل، وهو ما استغلته «طالبان» لتعطيل خطوط الاتصال الأرضية وعزل نقاط التفتيش وتهيئة الظروف لهزيمة القوات الأفغانية.

والنتيجة النهائية جاءت عبارة عن سلسلة من البؤر الاستيطانية حيث كانت القوات الأفغانية في كثير من الأحيان بدون طعام أو ماء أو ذخيرة، مما أثار السخط وخيبة الأمل بينها.

الحرب النفسية
الخط الثاني في استراتيجية «طالبان» كان استهداف التماسك المحلي من خلال حملة دعائية منسقة، وشنت حرب نفسية معقدة ضد القوات الأمنية الأفغانية، المحاصرة جسديًا بالفعل بشكل محكم.

وأغرقت عناصر الحركة مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي بصور لانسحاب القوات الأمنية في نقاط تفتيش مختلفة. وبالنظر إلى امتلاك أكثر من 70% من الشعب الأفغاني للهواتف النقالة، شنت الحركة حرب معلومات قوية، شملت حسابات مزيفة وحجافل الكترونية لنشر رسائلها وتقويض الحكومة الأفغانية.

كما مزجت الحركة الأساليب القديمة والحديثة، واستخدمت نداءات القيادات القبلية إلى جانب الرسائل النصية لدفع القوات الأمنية إلى الاستسلام. ومع انهيار المواقع تلو الأخرى، حافظت «طالبان» على الزخم في أرض المعركة لاستغلال صور الانسحاب في معركتها الدعائية.

نشر الرعب
وثالثًا، عمدت «طالبان» إلى نشر الرعب من أجل تقويض الحكومة وقدرتها على القتال، وتحولت من الاعتماد على هجمات العبوات الناسفة المحمولة لإرهاب السكان إلى تكتيكات حرب الظل التي أثبتت أنها أكثر فاعلية في تقويض شرعية الحكومة الأفغانية.

وخلال العامين الماضيين، نفذت «طالبان» حملة اغتيال سرية لاستهداف قادة المجتمع المدني والعسكريين، بهدف تضخيم رسائل الحركة الاستراتيجية بأن نظام غني لا يستطيع تأمين البلاد، وتدمير القوة الجوية عبر اغتيال الطيارين في منازلهم، وذلك لافتقارها لأسلحة دفاع جوي متطورة.


التفاوض لشراء الوقت
أما الخط الرابع فهو الاعتماد على المسار الدبلوماسي. فقد دمجت «طالبان» حملتها العسكرية مع الدبلوماسية، واستغلت اتفاق السلام الذي أبرمته مع الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة، دونالد ترامب.


ومع إقصاء الحكومة الأفغانية، قوض الاتفاق إدارة غني سياسيًا وجعل من الصعب الحفاظ على وحدة الجهود بين الشركاء في حملة مكافحة التمرد. استخدمت «طالبان» غطاء اتفاق السلام لمحاصرة المناطق الرئيسية ومراكز المقاطعات، والحد من القوة العسكرية الأمريكية. فكل جولة من المحادثات الدبلوماسية قيدت قدرة أمريكا على مهاجمة أهداف «طالبان».


اقرأ أيضًا:
حركة طالبان تعلن دخولها القصر الرئاسي في كابل

https://ajel.sa/twNm9k/

بالفيديو.. قوات طالبان تتجول في أحد القصور بعد الاستيلاء عليها

https://ajel.sa/rKYPTs/

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa