قال الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء د. هشام الجضعي: «بناء على رأي وشكاوى المستهلك.. نعم، طعم الدخان الجديد «تغير»، ومن غيّر في مكونات التبغ هم شركات التبغ، وتغيُّر نكهة جميع منتجات التبغ فجأة يعطي احتمال أن هناك عملًا مرتبًا بين شركات التبغ لأجل إفشال مشروع التغليف الجديد لعلب الدخان، وشركات الدخان لم تنتهك المواصفات، ولم نجد اختلافًا بين مواصفات الدخان القديم والجديد، لكن هناك مكونات أخرى تضيفها الشركات لتغيير نكهة المنتج».
وناقش عدد من المسؤولين والخبراء ملف قضية التبغ في المملكة، والتي اشتغلت خلال الفترة الأخيرة، ولا سيما مع ما تردد حول اختلاف المنتج وتغير نكهات السجائر لتصبح متشابهة من كل الشركات، وسط اكتشاف وجود هذا التغير من هيئة الغذاء والدواء، ونفْي شركات التبغ الكبرى ووكلائها في المملكة والتي تؤكد أن المصانع والمكونات والنكهة لم تتغير وأن التغيير الذي يشعر به المدخنون «وهم نفسي»، وذلك في حلقة هذا الأسبوع من برنامج «في الصورة» الذي يقدمه الإعلامي عبدالله المديفر على قناة روتانا خليجية.
وزاد رئيس الغذاء والدواء: «حذفنا عبارة التحذير من التدخين لمن هم أقل من 18 عامًا من على علب الدخان لأنها تسهم في الترويج للتبغ وليس العكس، وطلبنا من الشركات وضع العبارات التحذيرية وذكر بلد المنشأ حتى لا يكون هناك قلق لدى المستهلك حول مصدر التبغ، وشركات التبغ لديها مسؤولية تجاه زبائنها والإفصاح عن كل المعلومات عن إنتاجها ومكونات السجائر، ونطالبها بذكر ماذا تغير في المنتج الجديد من حيث الجودة والنكهة، والتأكد من أن المنتج في التغليف الجديد ذاته في القديم، وسيتم محاسبة المقصرين».
ونفى الجضعي اتهام الهيئة أنها وراء كل ما يحدث للتبغ حتى يترك الناس التدخين، مشددًا على أن مسؤولية الهيئة وضْع المواصفات للتبغ من خلال لائحة خارجية، وأن عملها ليس التوعية، وأن هناك تغيرًا في نكهة التبغ، وتابع: «نفحص التبغ عند وصوله للمملكة، كما أننا نحلل في محتوى ومكونات السجائر ونطالب الشركات المصنعة بذلك، والدولة تحمي المستهلك، وتحارب الفساد بشتى أشكاله وأي تلاعب في المواصفات أو قرارات الدولة والإضرار بالمستهلك، وليس هناك أحد فوق القانون وشركات التبغ ليس لها حصانة».
وكشف معالي محافظ الهيئة العامة للزكاة والدخل م. سهيل أبانمي، أن هناك ضريبة تفرض على السلع الضارة بالبيئة ومنها التبغ طبقت عام 2017 في دول مجلس التعاون عدا الكويت، وضريبة السلع الانتقائية بنسبة 100% على التبغ ومنتجاته، وهذه الضريبة تفرض على السلع الضارة بالصحة والبيئة، مبينًا أن الختم الضريبي يتيح للهيئة تتبع المنتج بداية من تصنيعه في المصنع وحتى بيعه في المملكة، وأكد أن هذا الختم لا يمكن تزويره ويتم التأكد في الجمارك من ذلك.
وأضاف أبانمي: «من المستحيل دخول التبغ (المزور) إلى المملكة بسبب وجود الختم الضريبي، لم تختلف مصانع التبغ بعد تغيير تغليف العلب، وهي ذاتها المصانع المسجلة في الهيئة فمصانع التبغ لم تتغير ولا علاقة للدخان الجديد بمصانع جبل علي، ولدينا تطبيق (تحقق) يتيح للمستهلك التأكد من صحة الختم الضريبي وعدم تزويره».
وأوضح معالي محافظ الهيئة العامة للجمارك أحمد الحقباني، أن الجمارك تشرف على الإرساليات والبت في دخول هذه البضائع أو عدمه من خلال هيئة الغذاء وجمع الأموال لهيئة الزكاة والدخل، وأن طريقة تخزين الدخان لم تتغير في منافذنا الجمركية، مشيرًا إلى أن ذات الإرساليات لمنتجات التبغ لم تتغير ومصانع الدخان لم تتغير، والدول الثلاث هي المصدر الرئيس للدخان الموجود بالسوق السعودي هي تركيا وألمانيا وسويسرا، وأيضًا لم يتغير سلوك الشركات والموردين للإرساليات.
وأعلن أن الجمارك لا تهتم بالباركود على منتجات التبغ ولكن بصحة استيراد وتوريد المنتج والإرساليات، موضحًا أن الباركود فقط تسجيل المنتج وليس تصنيعه في دولة معينة، وأن الختم الضريبي هو الذي يكشف بلد التصنيع، و«629» لا يعني أن الدخان مصنّع في جبل علي، ولفت إلى أن وارادت المملكة من التبغ 1.9 مليار ريال قيمة بضائع التبغ قبل الرسوم والضرائب، مبينًا أن هناك زيادة في حالات تهريب التبغ للمملكة خلال الفترة الأخيرة.
وأفاد الخبير الأسترالي د. مايك دوب، أن أستراليا أول دولة غيرت تغليف علب السجائر عام 2012، وشركات التبغ عارضت هذا القرار وهاجمت الحكومة وأنفقت الملايين في حملات منسقة بين هذه الشركات ضد هذا التشريع، واكتشفنا من خلال وثائق سرية سربت من تلك الشركات أهمية هذه الصناعة؛ لأنهم يعلمون أن تغيير شكل تغليف العلب سيسهم في فقد جاذبية العلب للزبائن، والحكومة لم تتراجع عن هذا التشريع وجميع الأحزاب ساندت الدولة في ذلك، ونجح القرار في التقليل من التدخين بين الشباب وحتى الكبار وتغير أسلوب استهلاك الشباب.
وأوضح الخبير التسويقي د. عبيد العبدلي، أن التغليف الجديد لعلب السجائر يضر في تسويق شركات التبغ لمنتجاتها ويقلل من جاذبية المنتج، مبينًا أن أستراليا أول الدول التي تبنت هذا القرار وانخفض فيها نسب المدخنين من 7 إلى 8%، وذكر أن استخدام الصور أكثر تعبيرًا وتنفيرًا ومقززة وهي أقوى من العبارات التي كانت تستخدم قديمًا واعتادها الناس وهذا سبب تخوف الشركات الكبرى في التبغ، وأن شركات التبغ تنفق 9 مليارات دولار سنويًا للترويج لمنتجاتهم رغم أنهم ممنوعون من ذلك، مؤكدًا أن تلك الشركات لديها لوبي للضغط في كل الدول من أجل تغيير هذا القرار.
وقال الخبير القانوني د. حمد الرزين: «بيع التبغ يتم وفق علاقة تعاقدية لبيع سلعة بكمية ونكهة معينة وفي حال تغير ذلك يتم فسخ التعاقد، ويتحمله من غيّر في بنود التعاقد، ويحق للمستهلك الذي تضرر من تغير المنتج أن يقاضي شركة التبغ، من أفراد أو جهات».
وذكر الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري، أن ما تقوله شركات التبغ أن تغير نكهة التبغ وهم نفسي كلام غير صحيح واستخفاف بالمستهلك والدولة، مشددًا على ضرورة وجود عقوبات صارمة ضد الغش التجاري في منتج التبغ في المملكة مثلما حدث مع شركات السيارات قبل خمس سنوات، وأكد أن السجائر الموجودة حاليًا في المملكة ليست دخانًا ولكن شيئًا آخر اختلف تمامًا، وأن سوق التبغ في المملكة تضرر والمستفيدين المصنعين والموردين مع زيادة السوق السوداء، وأن شركات التبغ لن تقف ساكتة أمام قرار المملكة، مطالبًا بوقوف المسؤولين في وجه هذه الشركات وتلاعبهم مع تأخرهم في الرد من خلال برنامج «في الصورة».
وأفاد الخبير الطبي د. فهد الخضيري، أن التحليل أثبت أن هناك كحة وحرقة في الحلق بما يدل على تغير في السجائر الجديدة؛ وفسر ذلك بقلة الرطوبة وعدم جودة التدخين وجفاف السجائر وتقليل المصانع للمواد المرطبة للسجائر وكذلك خلل في الفلتر وأيضًا اختلاف ورق التغليف، مبينًا أن شركات التبغ قد تكون تلاعبت في المواد الإضافية في التبغ مثل مواد الترطيب وطبيعة التغليف الجديد، وذكر أن أغلب المستهلكين الذين عانوا من بعض التأثر السلبي من السجائر الجديدة تعرضوا لأزمات وقتية وأغلب ما يشاع عبر التواصل الاجتماعي مبالغ فيه.