سلطت قناة MBC الضوء على فكر محمد بن سرور، والذي أسس ما يعرف بالمنهج أو الفكر السروي، والذي يقوم على الفكر الثوري والإفساد في بلاد المسلمين.
وقال التقرير الذي أعده الكاتب والإعلامي أحمد النويصري: "قبل أكثر من 55 عاما وصل إلى السعودية معلم لمادة الرياضيات سوري الجنسية يدعى محمد بن سرور بن نايف زين العابدين، من أجل تدريس مناهج الحساب في المملكة العربية السعودية آنذاك، وتحديدًا إلى مدينة حائل في عام 1965، أما ما كان يخفيه في الباطن، وهو الشاب البالغ من العمر 27 عامًا مشبع بأفكار جماعات الإسلام السياسي، وهاربًا من تنظيم الإخوان المسلمين بعد عدة خلافات، وحالما بتشكيل جماعته الخاصة الذي وجد في السعودية ما بين الأوساط السلفية البيئة الخصبة لولادة هذه الجماعة ليؤسس لطرح جديد يجاوز بين العقيدة والسياسة، وسلك بطرحه النهج الذي تعلمه من جماعة الإخوان عندما كان منتميا لها".
فكر محمد بن سرور
وتابع التقرير "الجماعة الجديدة التي سيطلق عليها لاحقا السرورية نسبة لهذا الرجل والتي أخذت من جماعة الإخوان المسلمين نموذجها الفكري والسياسي وأسلوبها التنظيمي والحركي، وحاولت أن تأخذ من السلفية العلوم الدينية ووقار الشيخ، مزيج لم تشهده المنطقة من قبل، حيث كان عموم الناس لا يعرفون سوى قال الله وقال الرسول خالية من السياسة، وهذا ما لم يعجب محمد بن سرور.
وقدم بن سرور مسألة ثنائية الحاكمية وجاهلية المجتمع، وهي التي ورثها عن سيد قطب وأسس لطرح جديد يجاوز فيه بين العقيدة والسياسة، حديث لم يسبق بأن سمعه الناس وسلك بطرحه أسلوب ثورة جماعة الإخوان حيث استطاع بهذه الأفكار أن يجد آذانا صاغية لدى شباب متحمس في فترة كان العالم العربي يعتنق شبابه أفكاراً ويطلق شعارات شيوعية وقومية، رغم عدم تعلمه الواسع في الدراسة عامة ولا في أصول العقيدة.
بدأ محمد بن سرور في دائرته الأولى مع طلاب المعهد العلمي بمدينة حائل فكان يدخل الفصول حاملاً بيده كتب سيد قطب، وفي يده الأخرى كتب ابن تيمية ليمارس عمله الدعوي في ظاهره، بينما تنطوي هذه الأنشطة على عمل تنظيمي حركي بحت، لتمكنه يوما بعد الآخر بلقاء مجموعات جديدة وتوسيع دائرة المنضمين، ثم انتقل إلى القصيم واستقر عامًا في البكيرية وأسس فيها أيضا خلية صغيرة، ثم انتقل إلى بريدة واستقر بها خمس سنوات، وبدأ هناك فعليا التأسيس الحقيقي لتيار السرورية.
ألف سرور كتابه "منهج الأنبياء" الذي قدم من خلاله الدعوة إلى التوحيد في ثوبها الحركي لاعتقاده بأن كتب العقيدة السلفية لا تحرك الجموع الثائرة، حيث كان يقول "نظرت في كتب العقيدة فرأيت أنها كتبت في غير عصرنا، وكانت حلولا لقضايا ومشكلات العصر الذي كتبت فيه ولعصرنا مشكلاته التي تحتاج حلولا جديدة، ومن ثم فأسلوب كتب العقيدة فيها كثير من الجفاف لأنها نصوص وأحكام"، حيث اتخذ من هذا الكتاب منهجًا لتقديم السلفية بشكل عصري على أمل أن تكون مشابهة لحياته في الطفولة.
اتساع نفوذ محمد بن سرور
وتابع التقرير "في عام 1969 ومع مطلع السبعينات في بريدة ازداد نفوذ محمد بن سرور واتسعت دائرة المهتمين بالسرورية، وبعد قرابة 10 سنوات على تنقل محمد بن سرور في مناطق مختلفة من السعودية بدأ مرحلة جديدة بتجنيد أسماء من أهالي وأبناء المناطق التي تواجد فيها، وتوزيعهم حول المملكة، هذه الحركة التي أضفت شرعية جديدة على التيار وكأنها ولدت من السعوديين أنفسهم، وكان من أوائل الشخصيات التي تولت قيادة التيار الثلاثي، سلمان العودة في القصيم، ناصر العمر في الرياض، سفر الحوالي في جدة".
عمل محمد بن سرور بالتوازي مع نشر التيار على التقرب من السلطة بطريقة غريبة ليبعد عن نفسه الشبهات، وفي نفس الوقت ليسقط أعدائه من جماعة الإخوان المسلمين التي كانت متواجدة في المناطق نفسها آنذاك، حيث كان يبحث عمن كان يخالفه ويستثيره.
كتابة التقارير في المراهقين الصغار
وكان يعمل بن سرور عملًا آخر غريبًا، يستغربه كل شخص يعرف الدقائق والتفاصيل الإخوانية، وهي أن الإخوان لا يلتقون مع رجل الأمن ويكفرونه على طول الخط فضلًا عن أن يعادونه، لكن محمد بن سرور كسر هذه القاعدة، وكان يتعامل مرة مع الشرطة، ومرة مع الإمارة، ومرة مع الاستخبارات ويقدم بعض التقارير عن بعض الشباب المراهق في ذلك الوقت، شباب من أبناء بريدة مراهقين صغار في الثانوية المسحورين بعملية القومية والناصرية وجمال عبدالناصر وما إلى ذلك، وكلهم كانوا أطفال في الثانوية، وكان يكتب التقارير بأسمائهم وكان يقدمها على أنه ترى أني معكم متعاون، وأحد القريبين من محمد سرور في تلك الفترة كان يقول إن الرجل أحيانا إذا كانت له حاجة معينة يقدم لها ببعض التقارير ثم يطلب حاجته".
غادر محمد بن سرور السعودية إلى الكويت تحت ضغط الإخوان في منتصف السبعينات متخليا عن الأجيال التي أفرزها.
وأضاف تقرير MBC "من هنا بدأ القادة الذين تربوا على يده في منهج جديد تبينت ملامحه إبان حرب الخليج في التسعينات، بعمل ممنهج لمدة عشرين عاما للترويج للأفكار من خلال العديد من المجالات، أولها التعليم عبر المدارس والمعاهد، والمشاركة في إعداد المناهج، ثانيًا عبر مكاتب الدعوة، ثالثًا من خلال المحاكم والقضاة، ورابعًا عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بل أسسوا فضائيات خاصة وشبكات للتواصل الاجتماعي، خامساً من الأعمال التطوعية والجمعيات الخيرية، وبالتأكيد منابر المساجد وتقارب التيار مع الجماعات الإسلامية الأخرى، والأنشطة الاجتماعية التي يمكن من خلالها كسب مناصرين وأعضاء جدد، ومنها استهداف الشباب صغيري السن وتوظيف حلقات القرآن ولجان التوعية الإسلامية والاهتمام بالتنشئة الاجتماعية للأطفال والتغلغل في المراكز الحساسة والهيئات الرسمية في المدارس والمساجد، وأبرز تلك الاختراقات هي الاختراقات التي طالت وزارة التعليم وجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
تحذير علماء المملكة من هذا التيار
تحالف التيار أيضًا مع كل من اختلف مع الحكومة السعودية كالمعارضين في الخارج وعول عليهم بأن يكونوا طلائع قادة التغيير المزعوم لوجودهم خارج حدود الدولة، حتى أن استقر الحال بمحمد بن سرور بالذهاب إلى برمنجهام في بريطانيا بين جموع المعارضين.
وحذر كبار العلماء في السعودية من هذا التيار وأفكاره وعملوا على عمل مضاد لكل ما يصدره السروريون.
وصل هذا العمل والتيار السياسي الحركي إلى طريق مسدود وتكشف ما كان يتوارى خلفه من تزهد في الدين وتقديم أنفسهم بثوب الداعية الغير عارف بالسياسة، حيث لا تزال الحكومة السعودية تلاحق أعضاء هذا التيار وتعمل على مقاضاتهم متى ما توفرت الأدلة الكافية عليهم.
اقرأ أيضا: