تداعيات «موقعة إسطنبول» تتواصل.. 3 انتكاسات تصيب أردوغان في ليلة واحدة

إصرار الناخبين على تحدي الرئيس يلفت الأنظار
تداعيات «موقعة إسطنبول» تتواصل.. 3 انتكاسات تصيب أردوغان في ليلة واحدة

لا تزال أصداء الهزيمة المدوية التي تلقّاها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا تتردد في عواصم العالم، بعدما أظهر الناخبون بمدينة إسطنبول إصرارهم على تحدي الرئيس رجب طيب أردوغان.

ووصفت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية نتائج الانتخابات البلدية التي شهدتها مدينة إسطنبول قبل يومين وانتهت بهزيمة مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم، بأنها «ضربة مدوية للرئيس أردوغان»، مشيرة إلى ثلاثة انتكاسات أصابت رجل تركيا الأول، في وقت واحد.

وقالت الصحيفة، إن نتائج الانتخابات انتصار كبير للديمقراطية، مضيفة أنه «يبدو أن أردوغان غامر وخسر بشدة». مضيفة -في افتتاحيتها- أنه «بعد اعتراض حزب العدالة والتنمية الحاكم على نتائج الجولة الأولى من انتخابات البلدية وإعادتها، بزعم وجود تجاوزات، رد الناخبون بمنح انتصار أكبر للمرشح المعارض، أكرم إمام أوغلو، وانتصار أعظم للديمقراطية في تركيا».

واعتبرت الصحيفة «هزيمة الحزب الحاكم في إسطنبول ضربة شديدة رمزية لأردوغان». وقالت: «إسطنبول هي المدينة التي استخدمها أردوغان كمنصة لانطلاقه سياسيًّا، عندما كان عمدة لها منذ 25 عامًا مضت. ومع إضافة نتائج إسطنبول إلى نتائج الانتخابات التي أجريت في مارس، يكون الحزب الحاكم قد فقد السيطرة على أكثر مدن تركيا أهمية».

كما أشارت الصحيفة إلى «التكلفة المالية الثقيلة» التي جلبتها هزيمة الحزب الحاكم في إسطنبول، موضحة أن «حزب العدالة والتنمية كان يتمتع لسنوات بالسيطرة الحصرية على موازنة إسطنبول المقدرة بـ4 مليارات دولار، ما مكّنه من السيطرة بشكل دائم على شبكات العملاء، التي كانت ركيزة أساسية في دعمه. فقدرة تلك الشبكات على توفير الخدمات العامة وعقود المشتريات العامّة أساسية لبقاء الحزب الحاكم في السلطة».

وتابعت: «الانتكاسة الثالثة لأردوغان، تتمثل في أن حزب العدالة والتنمية بات مطالبًا بأن يواجه معارضة نشطة وفعّالة من قبل حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه إمام أوغلو وشركاؤه السياسيون».

واستطردت الصحيفة موضحة: «ميول حزب الشعب للقومية والتمدن لطالما نفرت المحافظين الإسلاميين، وهم حجر الأساس لدعم حزب العدالة والتنمية. لكن إمام أوغلو تمكّن من الحصول على نسبة من أصوات المحافظين، كما تمكّن حزب الشعب من تشكيل تحالفات، شملت حزبًا يهمين عليه الأكراد».

ورغم أن فوز المعارضة بإسطنبول أظهر أن الديمقراطية في تركيا لا تزال حية وتتنفس، قالت الصحيفة إن ذلك لا يجب أن يطغى على حملة القمع المستمرة التي يقوم بها أردوغان في مناطق أخرى، مشيرة إلى احتجاز عشرات الآلاف من المدرسين والموظفين ورجال الشرطة والطلاب منذ محاولة الانقلاب في العام 2016، إلى جانب آلاف الآخرين الذين فقدوا وظائفهم.

وحول رد فعل أردوغان بعيد هزيمة حزبه بإسطنبول، توقعت الصحيفة أن «يحاول الرئيس التركي تضييق الخناق على حزب الشعب الجمهوري ماليًّا، ومقاضاة قيادات الحزب أمام المحاكم. مع زيادة الضغط على المؤسسات الديمقراطية في تركيا، فضلًا عن تجاهل الاستياء من الوضع الاقتصادي، رغم أنه سبب هزيمة حزبه في حقيقة الأمر».

وتابعت: «قد يعود أردوغان إلى ما تسبب في نجاحه بالمقام الأول، وإعادة التفكير بالإصلاح والتنمية المستدامة وخلق الوظائف. وهذا يعني اللجوء إلى حلول غير تقليدية، مثل استعادة استقلال المصرف المركزي، وإزالة صهر الرئيس بيرات البيرق من منصبه، والسماح لخليفته بإجراء إصلاحات هيكلية، كذلك إعادة بناء العلاقات مع الغرب، والتخفيف من وطأة ميول السلطة الاستبدادية».

من جهة ثانية، أكدت صحيفة «لإكسبريسيون» الفرنسية أن أردوغان قضى ليلة سيئة الأحد الماضي، بعد أن تلقى حزبه "العدالة والتنمية" ضربة مروعة بخسارته الانتخابات البلدية في إسطنبول، والتي أسفرت عن فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو.

وأوضحت أنه في الانتخابات السابقة التي ألغيت بعد اتهامات من جانب أردوغان نفسه وحزب العدالة والتنمية، فاز إمام أوغلو على منافسه رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم بأغلبية 13000 صوت، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفًا؛ حيث كان النصر بأكثر من 800 ألف صوت.

وأشارت الصحيفة إلى أن رهان رئيس الدولة التركية الذي قام بحملة عنيفة ضد نتائج المواجهة الأولى، وقدم العديد من الطعون لإبطالها انقلب ضده في النهاية، رغم أنه لم يعتقد أحد -حتى موعد الاقتراع- أن الناخبين سيؤكدون اختيارهم الأول بوضوح، وما كان أمام أردوغان إلا تهنئة عمدة إسطنبول الجديد بعد خسارته المدينة التي سيطر عليها لمدة 25 عامًا، وتلعب دورًا مهمًّا في الاقتصاد.

ورأت «لإكسبريسيون»، أنه لا شك أن حزب العدالة والتنمية لا يزال الحزب السياسي المهيمن في تركيا، لكن شعبيته تأثرت إلى حد كبير نتيجة الأزمة الاقتصادية في الآونة الأخيرة، وارتفاع التضخم بنسبة 20٪، وتراجع العملة التركية بنسبة 30٪ وارتفاع البطالة بشكل حادّ.

وبينت أنه في هذا السياق، استطاع إمام أوغلو تقديم نفسه كضحية بريئة لظلم أردوغان الذي ألغى انتخابات يوم 31 مارس، لافتة إلى أن فوز إمام أغلو الآن يعني أن رئيس بلدية إسطنبول، غير المعروف تقريبًا، يجد نفسه متوجًا بمنصب القائد السياسي للمعارضة، القادر على مواجهة قادة حزب العدالة والتنمية.

وأكدت أنه إدراكًا لهذا التهديد، لا يمكن لأردوغان أن يبقى منتظرًا بينما أثبت إمام أوغلو أنه يعرف كيف يفرض كلمته على الرأي العامّ، وتقييم دور الناخبين الأكراد الذين عاقبوا حزب العدالة والتنمية بسبب قمع المعارضين والناشطين الأكراد.

وأوضحت «لإكسبريسيون» أن خسارة إسطنبول بمثابة نكسة كبرى لأردوغان؛ لأنه كان رئيس بلدية المدينة لسنوات عديدة، ثم لأنها مدينة يعيش فيها 15 مليون تركي، ومن الممكن أن يعقب الخسارة انشقاقات تدريجية في حزبه، لا سيما عندما يتعلق الأمر بشخصيات شهيرة مثل رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو أو الرئيس السابق عبدالله جول.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa