تحدث الرئيس التنفيذي لشركة هواوي تك إنفستمنت السعودية «تيري هي» عن رؤية المملكة للمستقبل الرقمي ودورها في دعم مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال استغلال إمكانات التكنولوجيا، مشيرًا إلى أنّه من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق على تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة إلى 37 مليار دولار في العام الحالي.
جاء ذلك خلال مقال كتبه حمل عنوان «شباب المملكة العربية السعودية لإطلاق عنان المستقبل الرقمي» والذي جاء نصه كالتالي:
تستهدف رؤية المملكة العربية السعودية للمستقبل الرقمي دعم مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال استغلال إمكانات التكنولوجيا التي يحتضنها بالدرجة الأولى قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات. وسيعيد المستقبل الرقمي رسم ملامح تطور المجتمعات وقطاع الأعمال والخدمات العامة ويسهم في تعزيز مسيرة التنمية ضمن المجالات الحيوية كالتعليم والصناعة، ويدعم إنشاء قدرات جديدة تحفز الاقتصاد وتسرع نموّه بالاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق على تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة إلى 37 مليار دولار في العام الحالي. وستسهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات برفد الاقتصاد السعودي بما يصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي و8% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بحلول عام 2022 وفقًا لمجموعة أوكسفورد للأعمال. كما يعتقد الخبراء أنَّ نجاح مشروع التحول الرقمي في المملكة سيسهم في الحدّ من معدلات البطالة بنسبة تصل إلى 1% وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 1% مقابل كل زيادة في الاستثمارات التكنولوجية تصل نسبتها إلى 20%.
وتعمل المبادرات الحالية للتأكيد على إنشاء القاعدة القوية اللازمة لازدهار النظام الإيكولوجي المطلوب لتقنية المعلومات والاتصالات. ولعلّ من أهم هذه المبادرات ICT 2023، وهي استراتيجية تمتد لخمس سنوات وتهدف إلى تسريع التحول الرقمي وبناء اقتصاد رقمي مزدهر يرخي بظلال مزاياه الإيجابية على كافة القطاعات والصناعات. لكن ما تحتاجه هذه الرحلة لتحقق غرضها خلال المرحلة الحالية هو التركيز على تطوير الكوادر الوطنية من شباب المملكة الموهوب، وإعدادهم ليكونوا المحور الفاعل للعمل المطلوب وتولي زمام القيادة ودفع عجلة المستقبل الرقمي للمملكة.
يمكننا أن نرى بوضوح الدور الأساسي الذي لعبته التكنولوجيا على صعيد دفع المملكة نحو أهدافها الطموحة في الاستدامة وزيادة قدراتها التنافسية على المستوى العالمي. ولا شكَّ أنّ اعتماد تطوير وتمكين المواهب في مجال تقنية المعلومات والاتصالات كأولوية سيسهم بشكل كبير في تحقيق «رؤية المملكة 2030» التي تركز على تعزيز الإمكانات الاقتصادية لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وممَّا لا شك فيه أن هناك حاجة كبيرة للمواهب الجديدة من أجل تحفيز مزيد من قنوات التحول الرقمي على المستوى الوطني وضمان استمرار محركات التنمية في المملكة.
تأتي المملكة العربية السعودية في مقدمة دول العالم من حيث انخفاض معدل أعمار السكان، حيث يبلغ متوسط العمر فيها 30 عامًا فقط. ويمثل ذلك ميزة كبيرة فيما يتعلق بالتركيز على جيل الشباب لتحقيق التحول الرقمي المطلوب من خلال توفير إمكانيات تدريب جيل جديد من قادة تقنية المعلومات والاتصالات. إذ تبدو الحاجة ملحّة اليوم لأعداد كبيرة من الموظفين الفنيين لأخذ دورهم ضمن النظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات في المملكة في إطار العمل على ردم الفجوة المتعلقة بإعاقة التقدم الاجتماعي والاقتصادي والمتمثلة بين الطلب على المواهب وتوافر المواهب فعليًا.
الجيد في الأمر أنّ تطوير مهارات جيل الشباب يتربع على قمة أولويات قيادة المملكة. والاستثمار في بناء المواهب الشابة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات وتحفيز الفكر الابداعي وتشارك المعارف والعلوم والخبرات يعتبر الشغل الشاغل للعديد من الجهات الحكومية، وهذا منهج رابح باعتبار أن إعداد جيل المستقبل الرقمي القيادي سيكون في صالح الجميع، وسيحقق الفوائد المرجوة لمستقبل المملكة. فالكوادر الوطنية هي عماد النظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات الذي سيمكن المملكة من بناء اقتصاد قوي مدفوع بالتقنيات الرقمية. ولعل العمل المشترك والتعاون بين القطاعين العام والخاص من أبرز سمات نجاح مبادرات تطوير الشباب.
في هذا الإطار، تعاونت هواوي لسنوات طويلة مع الجامعات السعودية والشركاء والموردين والعملاء المحليين من أجل جسر فجوة المواهب في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات ودعم التحول الرقمي في المملكة. وهناك العديد من المبادرات الموجهة نحو تعريف الشباب بقطاع تقنية المعلومات والاتصالات وتثقيفهم وتعزيز مهاراتهم، وتشمل برامج تدريب المواهب أكاديميات تقنية المعلومات والاتصالات ومسابقات تقنية المعلومات والاتصالات السنوية وبرنامج بذور من أجل المستقبل وغيرها. كما تم إطلاق العديد من أكاديميات تقنية المعلومات والاتصالات في جميع أنحاء المملكة بالتعاون مع جامعات مرموقة، حيث تعمل هذه الأكاديميات بالشراكة مع المعلمين والمؤسسات المحلية، وتوفر للطلاب فرصًا غنية للحصول على شهادات في المجالات الحيوية للتكنولوجيا الحديثة المرتبطة بواقع تقنية المعلومات والاتصالات.
وتغطي الدورات في هذه المؤسسات مجموعة واسعة من المجالات التقنية، بما في ذلك تقنيات الجيل الخامس والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وأنظمة التبديل والتوجيه والتخزين والشبكات المحلية اللاسلكية. وقد تمّ تدريب الآلاف من الموهوبين واعتمادهم من خلال هذه الأكاديميات، ووفرت لهم الوسائل اللازمة لبدء حياة مهنية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات المزدهر. وحتى خلال فترة جائحة كوفيد-19 وإغلاق المؤسسات التعليمية، كان بإمكان الطلاب الالتحاق ببرامج التدريب عبر الإنترنت والحصول على الشهادات ومواصلة التعلم. وقد تعاونت هواوي مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لإطلاق معرض للوظائف مخصص لوظائف تقنية المعلومات والاتصالات، لمساعدة الخبراء المؤهلين في العثور على عمل داخل المجال. كما أطلقت هواوي بالتعاون مع الوزارة منصة "Learn On" خلال جائحة كوفيد-19، لدعم استمرار التعليم عن بُعد وبرنامج «قادة المستقبل».
شهدت مسابقاتنا السنوية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات مشاركة أكثر من 7,400 طالب جامعي موهوب في المملكة العربية السعودية على مدار السنوات القليلة الماضية. وتهدف هذه المسابقات إلى زيادة المعرفة بتقنية المعلومات والاتصالات، وتحفيز اهتمام الشباب بقدرات التعلم والابتكار، وتحسين قدراتهم على التعلم الذاتي وحل المشكلات. وتندرج كافة الأنشطة تحت برنامج «خطوة» لتمكين المواهب السعودية من هواوي، والذي يهدف إلى تدريب وتمكين المواهب السعودية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، وتكوين كادر يضم أكثر من 10,000 متخصص مدرب لخدمة مستقبل القطاع بحلول عام 2023، حيث نعمل جنبًا إلى جنب مع مجموعة من المؤسسات الحكومية والشركاء وهيئات ومؤسسات إدارة التعليم لتحقيق هذا الهدف، وبناء نظام إيكولوجي إيجابي لمواهب تقنية المعلومات والاتصالات.
مع الإمكانات الهائلة المتوفرة لدى الشباب، تعتبر المملكة العربية السعودية منجمًا لمواهب تقنية المعلومات والاتصالات، ولا شك بأنّ المسار الصحيح لاستغلال هذه الإمكانات يمر عبر إتاحة مزيد من فرص التدريب وتنمية المهارات وصقل الخبرات لتمتلك المملكة النظام الإيكولوجي الشامل والمتكامل بدعم من المواهب المحلية، قادة المستقبل الذين ستقع على عاتقهم مسؤولية قيادة التطوير في المملكة بالاعتماد على الرقمنة. ومن المتوقع أن يساهم قطاع تقنية المعلومات والاتصالات بحوالي 5٪ في إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية و8٪ في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بحلول عام 2022، ما يجعل تطوير المواهب في هذا المجال أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى، ويجعل المملكة قاب قوسين أو أدنى من إتمام التحول الرقمي والمضي قدمًا بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقًا يكون فيه التطور الاجتماعي والاقتصادي عنوانًا يرتقي لطموحات قيادة المملكة وشعبها.