أعلن وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب، اليوم الثلاثاء، أن إصلاح وتحديث شبكة الكهرباء في البلاد سيحتاج إلى استثمارات لا تقل عن 30 مليار دولار؛ حيث لا يزال العراق يعاني نقصًا في الكهرباء، بعد 16 عامًا من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، وأطاح بصدام حسين، وفق وكالة رويترز.
وتشكل قضية الكهرباء ومساعدة العراق على توفير احتياجاته أبرز الملفات الشائكة التي تريد الحكومة العراقية إيجاد حل لها؛ حيث تعاني البلاد من انقطاع التيار لمدد تصل إلى 12 ساعة يوميًّا, فيما أنفقت الحكومة 50 مليار دينار على تحسين الطاقة، بعد عام 2003، ولا تزال الحكومة تحاول حل الأزمة.
وبحسب المراقبين، فإن إيران تعرقل -عبر أذرعها في العراق- بناء محطات الكهرباء، لتبقى متمسكة بهذه الورقة الحساسة بغية استخدامها كورقة ضغط على الشعب العراقي حين تشعر أن مصالحها باتت مهددة، وهو ما كشفته أزمة البصرة، حين افتعلت إيران أزمة كهرباء في محاولة للضغط على رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، عقب انتخابات برلمانية أسفرت عن تراجع الجماعات المرتبطة بطهران.
وتغذي إيران العراق منذ عام 2007 بأربعة خطوط كهربائية تصل إلى محافظات البصرة والعمارة وديالى وخانقين، مزودة هذه المناطق بـ120 ميجاواط فقط، وفق عقود أبرمتها بغداد مع طهران في أعوام 2007 و2011 و2013. وعلى الرغم من أن بغداد جددت عقود التزود بالكهرباء مع طهران فإن هذه العقود نصت على إعطاء الأولوية للمدن الإيرانية في حال حدث نقص داخلي، الأمر الذي يجعل العراق تحت رحمة إيران في أي وقت.
وملف الطاقة الكهربائية الذي طالما حاولت الوزارات العراقية المتعاقبة إنجازه، واستنزف الأموال الطائلة من خزينة الدولة، يتصدر المكانة الثانية على قائمة الاهتمام الحكومي بعد الملف الأمني لحكومة عادل عبدالمهدي، فيما يقول وزير الكهرباء: «إنه ورث أثقل ملف حكومي ولا يتحمل تبعات سوء إدارة وفساد 15 عامًا طال قطاع الكهرباء».
وشدد الوزير، في وقت سابق، على أن نجاح ملف الكهرباء مرهون بالتزام الجميع بالقانون والنزاهة والمهنية شرط عدم تدخل السياسة فيه، وبيّن الوزير أن ملف الكهرباء يرتبط بالأمن الوطني للعراق، الذي يجابه التدخلات السياسية من جهة، ويسعى لمكافحة الفساد المؤسساتي والتجاوزات على الشبكة الكهربائية من جهة أخرى.
وأضاف الخطيب أن نجاح ملف الكهرباء بحاجة إلى فرض القانون وتحمل الجميع لمسؤولياته، معتبرًا أنها ليست مهمة فردية، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من السياسيين كان له دور في إفشاله والمزايدة عليه، وأوضح أن العمل على تحسين الأوضاع بشكل نسبي من خلال التركيز على الجهد الوطني وتنفيذ خطط الاستثمار والتزام الجميع بالقانون وعدم التجاوز على الشبكة.
وأضاف أن هدف الوزارة هو التطوير ما بين 10 و20% في قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع كل عام، وصولًا إلى إنهاء الأزمة خلال الدورة الحكومية شريطة عدم تعثر المسيرة، لا سيما أن الطلب على توفير الطاقة في تصاعد مستمر».
وخلال السنوات الماضية، لم يشعر المواطن العراقي بأي تحسن، معتادًا على زيادة الانقطاعات في فصل الصيف، الذي يشكل معظم أشهر السنة في العراق، معتمدًا على الحلول الترقيعية من الوزارة التي لا جدوى منها، مستنزفًا أموالًا طائلة وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات صرفت على تحسين هذا القطاع، على حد وصف مراقبين.
وبعد مرور قرن على دخول الكهرباء إلى العراق لا تزال تعاني من البلاد من أزمة الكهرباء رغم إنفاقه ما يكفي لبناء أحدث الشبكات الكهربائية في العالم، فمنذ العام 2003 تفاقمت بشكل كبير أزمة الكهرباء في العراق، رغم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات، التي التهمها الفساد المستشري في البلاد، وسوء الإدارة، إلى أن أصبحت الشبكة الكهربائية واحدة من أسوأ الشبكات الكهربائية في العالم.
ويدرك رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، جديًّا خطورة ملف الكهرباء، إذ إن انقطاع الكهرباء يعد الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات بالمدن العراقية؛ بسبب تهالك محطات التوليد القديمة، وما زاد من تفاقمها حصول عمليات التخريب خلال السنوات الماضية، التي طالت محطات التوليد والأسلاك الناقلة للطاقة؛ لتزداد على أثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين.
ونتيجة للأحمال الزائدة، بحسب ما يصرّح به مختصون في وزارة الكهرباء العراقية، تزداد ساعات انقطاع الكهرباء في فصل الصيف، لتصل في بعض الأيام ساعات القطع إلى 20 ساعة في اليوم، فيما توقعت دراسة أن ينمو الطلب على الاستهلاك ليصل إلى 170 تريا واط/ ساعة بحلول عام 2035؛ بسبب النمو السكاني والاقتصادي.
ويشكل اعتماد العراق على استيراد الكهرباء من إيران بمعدل 1100 ميجا واط، وكانت طهران قد أوقفت تصدير الكهرباء للعراق في يناير 2018؛ نتيجة تأخر سداد ديون بغداد المتراكمة، البالغة ملياري دولار, فيما تستورد بغداد على أكثر من ألف ميجا واط من إيران؛ للحد من نقص الطاقة منذ سنوات طويلة.
وتزوّد طهران العراق بالكهرباء، عبر أربع خطوط: «خرمشهر/ البصرة.. كرخة/ العمارة.. كرمنشاه/ ديالى.. سربيل زهاب/ خانقين»، وعلى الرغم من أن بغداد جددت عقود التزوّد بالكهرباء مع طهران، فإن هذه العقود تنص على إعطاء الأولوية للمدن الإيرانية في حال حدث نقص داخلي، الأمر الذي يجعل العراق تحت رحمة إيران في أي وقت.