مصر تتصدى لـ«الفساد» بقرار حكومي جديد.. والتطبيق مايو المقبل

تنفيذًا لخطة المجلس القومي للمدفوعات برئاسة «السيسي»..
مصر تتصدى لـ«الفساد» بقرار حكومي جديد.. والتطبيق مايو المقبل
تم النشر في

قررت الحكومة المصرية (ممثلة في وزارة المالية) وقف التعامل النقدي بين المواطنين والجهات الحكومية جزئيا، تنفيذًا لخطة المجلس القومي للمدفوعات، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، التى تستهدف قطع الطريق على الفساد، كما أن الخطوة الجديدة تمثل تحركًا رقابيًّا فاعلًا (بحسب الوزارة) هدفه «السيطرة على المستحقات الموردة للدولة»، و«الحد من تلاعب بعض المصرفيين».

وقالت مصادر في وزارة المالية، إن هذا القرار الذي «يتم العمل به في شهر مايو المقبل، وسيركز على ترسيخ فكرة الحكومة الرقمية، والاعتماد على التكنولوجيا بشكل أساسي ضمن جهود تطوير القطاعات الحكومية للدولة، وتنفيذ سياسية الشمول المالي، وتحكيم الرقابة على المتحصلات».

وسيتم تطبيق سياسية الدفع غير النقدي عبر «الجهات الحكومية التى تمتلك قواعد بيانات للمواطنين.. الحسابات البنك والفيزا كارد.. نقاط التحصيل الإلكترونية، من خلال نشر 22 ألف ماكينات دفع إلكتروني بالجهات الحكومية سيتم الانتهاء من تركيبها منتصف الشهر المقبل.. إصدار كروت ميزة يتم شحنها بأي مبلغ، مع توفير أماكن الشحن، وهى خطوة سينفذها البنك المركزي بالتعاون مع شركة بنوك مصر والبنوك المصرية...».

خطة استباقية

تتحسب الجهات الحكومية في مصر للحالات الطارئة في هذا الشأن، لا سيما «توقف النظام.. انقطاع الإنترنت...»، من خلال تخصيص خطوط ربط خاصة بعيدًا عن خطوط الإنترنت العادية لضمان التأمين العالي للشبكة، والبعد عن التشويش في بعض المناطق الخطرة، مع تفادى انقطاع الخدمة، وفي حال تعذر ذلك يتم العمل بالدفع الكاش «مؤقتًا».

وتعمل «وحدة الميكنة» التابعة لوزارة المالية المصرية على وضع الرتوش النهائية لعملية تنفيذ القرار الجديد (قانون الدفع غير النقدي)، الذى يعد من جملة الأولويات التى وضعها المجلس القومي للمدفوعات، بقيادة رئيس الجمهورية، وعدد من الوزراء المعنيين، فيما سيكون التركيز خلال الفترة المقبلة على تفاعل المواطنين، والقطاع المصرفي والدولة؛ لتفعيل هذه الخطوة المهمة، وستعمل الوزارة (عبر مراكز التحصيل والدفع الإلكتروني) على ربط الجهات الحكومية التى تمتلك قواعد بيانات المواطنين.

قطاعات مستهدفة

وفيما ترجح المعلومات تطبيق هذه الخطوة في «قطاعات الكهرباء، المياه، الاتصالات، التعليم، والنقل، تحديدًا: السكك الحديدية، ومترو الأنفاق، الباصات...»، يرى مراقبون وخبراء اقتصاد أن الخطة التى سيجرى تنفيذها في الموعد المذكور هدفها «حماية أموال المواطن من السرقة والتلاعب...»، و«الحصول على الخدمة بالسعر المقدم دون زيادة...»، مع «توفير الوقت والجهد وعدم التلكؤ في الحصول على الخدمة، دون التوجه للجهات الحكومية، لا سيما الجمارك، الضرائب، المرور...».

ومن شأن هذه الخطوة المرتقبة (وفقا لمسؤولي وزارة المالية المصرية) «المساعد في إدارة الدين العام بشكل أفضل، من خلال سرعة تحصيل إيرادات الدولة، على عكس النهج السابق الذى كان يؤخرها، ويؤثر على ظهورها في الوحدات الحسابية»، وهو الأمر الذي سيسهم في تقليل الفجوة التمويلية بنسبة تتراوح بين 30 و40%، ويقلل في الوقت نفسه من حجم الاقتراض والفجوة بين المصروفات والإيرادات، كما يرى الخبراء أيضًا أن خطة العمل المرتقبة ستسهم في دمج الاقتصاد غير الرسمي؛ ما يعنى «زيادة الإيرادات بنحو 12%...».

وفيما تتجه الحكومة المصرية (في الوقت المناسب) لإلغاء كل التعاملات النقدية في جميع التعاملات (ضمن سياسية الشمول المالي) تعمل وزارة المالية على خطة توعوية لتعريف المواطنين بكيفية التعامل مع الخطة الجديدة، عبر حملة إعلانية موسعة، كما شرعت الوزارة منذ فترة في عقد وش عمل للموظفين الحكوميين، تشمل تدريب المحصلين على الماكينات ونظام العمل، مع تخصيص وحدات تدريب بكل الهيئات والجهات الحكومية على مستوى الجمهورية.

جهود سابقة

وعقدت مصر (من 13 إلى 15 سبتمبر 2017) مؤتمرًا للشمول المالي في شرم الشيخ، شارك فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظمه التحالف الدولي للشمول المالى ( (Global Policy Forum بالتعاون مع البنك المركزي المصري، حضره أكثر من 800 مشارك من 95 دولة؛ لمناقشة أحدث سياسات الشمول المالي وأنشطته على مستوى العالم، ودوره في تحقيق النمو الاقتصادي، من خلال اتجاه بنوك العالم للوصول إلى الشرائح المجتمعية التى لا توجد لها تعاملات بنكية، خاصة الشرائح منخفضة الدخل، عبر تقديم خدمات بنكية تتناسب مع احتياجاتهم.

و«الشمول المالي»، يتيح فرص مناسبة لجميع فئات المجتمع، سواء المؤسسات أو الأفراد، لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن، عبر توفير خدمات مالية مختلفة من خلال القنوات الشرعية (المصارف والبنوك)، بأسعار مناسبة للجميع ويكون سهل الحصول عليها، بما يضمن عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التى لا تخضع لأية رقابة وإشراف، التى من الممكن أن تعرضهم لحالات نصب أو تفرض عليهم رسومًا مبالغًا فيها.

ويحتاج تطبيق «الشمول المالي» توجهًا عامًا من الدولة للوصول إلى هذا الهدف، ويستلزم ذلك إجراء دراسات حول الخدمات المالية المتاحة فعليا ومدى تناسبها مع احتياجات مختلف فئات المجتمع، كذلك الخدمات التى يجب تطبيقها مستقبلًا، وتعد البنوك المركزية للدول الداعم الرئيسي لتطبيق مبدأ «الشمول المالى»، عن طريق وضع قواعد وتشريعات لتيسير إجراءات المعاملات المصرفية بكل أشكالها، والموافقة على إتاحة خدمات مالية مبسطة مثل استخدام الهاتف المحمول في عمليات الدفع الإلكترونية.

وتلعب البنوك دورًا مهمًا في تحقيق مبدأ الشمول المالى، عن طريق جذب الفئات التى لا توجد لديها تعاملات بنكية، وذلك من خلال ابتكار منتجات مالية جديدة تعتمد على الإدخار والتأمين ووسائل الدفع وليس فقط على الإقراض والتمويل، وتخفيض الرسوم والعمولات غير المبررة المفروضة على العملاء والخدمات المالية غير المناسبة التى تتم مقابل قيام العملاء بدفع عمولات، كذلك مراعاة ظروف العملاء وعدم إثقالهم بالقروض.

نتائج مستهدفة

ويسهم «الشمول المالى» في حماية المتعاملين مع البنوك والمصارف بمختلف فئاتهم، عن طريق حصول العميل على معاملة عادلة وشفافة وعلى الخدمات والمنتجات المالية بكل سهولة وبتكلفة مناسبة، وتزويد العميل بكل المعلومات اللازمة في كل مراحل تعامله مع مقدمي الخدمات المالية، وتوفير خدمات استشارية إذا احتاج العميل، والاهتمام بشكاوى العملاء والتعامل معها بكل حيادية، بما يحمى العملاء من التعرض لحالات نصب أو استغلال من الجهات المالية غير الرسمية.

ويمكن توعية الفئات المستهدفة بنظام «الشمول المالى»، من خلال وضع استراتيجية وطنية لرفع مستويات التعليم والتثقيف المالى للفئات المستهدفة، ورفع الوعى المالى لدى مالكي ومديري المشروعات المتوسطة والصغيرة، ومراعاة قلة خبرات المستهلكين الجدد فيما يتعلق باستخدام الخدمات المالية، كذلك إطلاق برامج لتوعية المستهلك المالى بكيفية اتخاذ قرارات مالية تلائم احتياجاتهم.

ويحتاج التوسع في تطبيق خدمات الشمول المالى لإنشاء شبكة تضم فروع مقدمي الخدمات المالية والاهتمام، وإنشاء مكاتب صغيرة لتمويل المشاريع متناهية الصغر، بجانب زيادة عدد الصرافات الآلية وتطوير نظم الدفع، كذلك التوسع في تقديم الخدمات المالية الرقمية، عن طريق الدفع عبر الهاتف المحمول، وإنشاء قواعد بيانات شاملة تتضمن سجلات البيانات الائتمانية التاريخية للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة.

وتوجد علاقة وثيقة بين «الشمول المالى» وبين النمو الاقتصادي، فمثلا عند توفير وإتاحة تمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة يعمل ذلك على دعم النمو الاقتصادي، كما يؤثر الشمول المالى على الجانب الاجتماعى من حيث الاهتمام الأكبر بالفقراء ومحدودي الدخل، والوصول إلى الأفراد والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر؛ ما دفع الدول إلى السعي لتحقيق الشمول المالي، خاصة أنه يوجد 2 مليار شخص حول العالم غير متعاملين مع القطاع المالى الرسمي.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa