أكد وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، أن «المملكة تواجه الأزمة العالمية الحالية من مركز قوة»؛ نظرًا إلى قوة مركزها المالي، واحتياطاتها الضخمة، مع ديون حكومية منخفضة نسبيًا، مدللًا على ذلك بالتقارير الإيجابية الصادرة أخيرًا عن وكالات التصنيف الائتماني، التي أكدت قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وقدرته على مواجهة الأزمات التي يشهدها العالم حاليًا.
جاء ذلك في الاجتماع الافتراضي لأعضاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية والتي تمثل أعضاء صندوق النقد الدولي(IMF)، الذي عُقد اليوم الخميس «عن بُعد».
وتوقع الجدعان أن يشهد الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري 2020م أسوأ ركود، وأنه «سيكون أسوأ بكثير مما كان عليه خلال الأزمة المالية العالمية»، مبينًا أن التأثير الإنساني من جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) يُعد كبيرًا.
وقدّم الوزير، خالص تعازي ومواساة المملكة العربية السعودية لجميع المتضررين جراء فيروس (كوفيد-19)، مبينًا أن أولويات الحكومة السعودية تستهدف تنفيذ الإجراءات الاحترازية الكفيلة بحماية صحة المواطنين والمقيمين، وتوفير الموارد اللازمة لأنظمة الرعاية الصحية، مع تقديم الدعمين المالي والاقتصادي للفئات الأكثر تضررًا من تداعيات مواجهة تلك الجائحة، ومراعاة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق في ظل الظروف الحالية.
وأشار إلى ضرورة اتباع تدابير مالية ونقدية تسهم في تهيئة الظروف الملائمة؛ لتحقيق انتعاش اقتصادي سريع، مع أهمية أن تكون مُحددة الهدف والمدة، وتتميز بالشفافية لاحتواء المخاطر المالية وأوجه الضعف إزاء تحمّل الديون.
ولفت إلى أن رئاسة المملكة لمجموعـة العشـرين تعمل على تعزيز التعاون القوي متعدد الأطراف للقضاء على الجائحة، وأن دول العشرين ضخت أكثر من خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك كجزء من السياسة المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة؛ لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة.
وأوضح الجدعان أنه يتم العمل بشكل وثيق مع جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية ذات الصلة لتقديم المساعدة المالية الدولية المناسبة بسرعة، كما حث الدول على بذل المزيد من الجهود لتعزيز القدرة على تحمّل الديون، مبينًا أن مجموعة العشرين أطلقت مبادرة تعليق مدفوعات ديون الدول الأشد فقرًا لفترة محدودة، بدعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس.
وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية لمواجهة فيروس كورونا المستجد والتخفيف من آثار وتداعيات هذه المواجهة على الأفراد والمنشآت، أوضح وزير المالية أن المملكة اتخذت تدابير عاجلة للتصدي لمخاطر الفيروس والحد من آثاره، محليًا وعبر منافذها البرية والبحرية والجوية، شملت العديد من المبادرات المالية والنقدية والاقتصادية، حيث تم تخصيص أكثر من 120 مليار ريال لتنفيذها، وهو ما يعادل نحو 4 % من الناتج المحلي الإجمالي السعودي؛ إضافة إلى تسعة مليارات ريال لحماية السعوديين العاملين بالقطاع الخاص من فقد وظائفهم وتوفير دخل بديل لمن يفقد الدخل من العمل؛
وتابع «كما خصصت الحكومة بالأمس 50 مليار ريال؛ لتعجيل سداد مستحقات القطاع الخاص، وأعلنت عن حسم 30% من فواتير الكهرباء للقطاعات التجارية والصناعية والزراعية، مع دعم الأفراد العاملين في أنشطة نقل الركاب من خلال دفع مبلغ بمقدار الحد الأدنى من الرواتب لهم.
وأكد أن هذه المبادرات ستساعد في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة بقوته، مشيرًا إلى أن حكومة المملكة تراقب مجمل الأوضاع عن كثب، وأنها مستعدة لتقديم المزيد من الدعم إذا تطلب الأمر.
وأضاف أن مؤسسة النقد العربي السعودي أعلنت بالمثل عددًا من التدابير لدعم الأفراد والمنشآت المتوسطة والصغيرة، والحفاظ على الاستقرار المالي، مؤكدًا قدرة المصارف السعودية على مواجهة الأزمة الحالية نظرًا إلى رأس مالها القوي وسيولتها الوافرة.
وأعرب عن تأييد المملكة لكامل الجهود العالمية المبذولة لمواجهة هذه الجائحة، من خلال مساهماتها المالية في المؤسسات الدولية ذات الصلة مثل منظمة الصحة العالمية، مشيدًا بجدول أعمال المدير العام لصندوق النقد الدولي بشأن السياسات العالمية، ودوره الحاسم في توفير معلومات موثوقة وبتوقيت مناسب حول التطورات الاقتصادية والمالية العالمية.
وأكد أن المملكة تُشجع الصندوق على مواصلة مشاركته ودعمه لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات، لافتاً إلى أن الصندوق يتمتع بوضع جيد يُمكنه من دعم أعضائه خلال هذه الأزمة، مع قدرته على دعم الإقراض بمبلغ تريليون دولار.
وحث وزير المالية صندوق النقد الدولي على مواصلة التحلي بالمرونة في الاستجابة لاحتياجات الأعضاء بالنظر إلى عدم اليقين المتزايد في مواجهة الجائحة، إضافة إلى تعزيز تعاونه مع منظمة الصحة العالمية وجميع المنظمات الدولية ذات الصلة لضمان التخلص التدريجي المنسق تنسيقًا جيدًا من تدابير الاحتواء الحالية، التي تحول دون انتعاش الاقتصاد العالمي، لافتًا إلى أن زيادة تعزيز تنسيق الصندوق مع المؤسسات الدولية والإقليمية ذات الصلة يُعد أمرًا مهمًا.