وفقاً لدراسة جديدة نشرت في مجلة «بي إم جيه أوبن»، الطبية، فإن أجهزة الاستنشاق الهوائية المألوفة خفيفة الوزن (بخاخات بحجم الجيب)، والتي تجعل التنفس أسهل للعديد من الأشخاص المصابين بالربو حول العالم (235 مليون شخص)، هذه الأجهزة قد تساعد هؤلاء المرضى لتجاوز أزمة التنفس، ولكنها قد تخنق الكوكب بالغازات الدفيئة القوية التي تطلقها أثناء هذه العملية.
الدراسة المنشورة ركزت على 4.67 مليون شخص تم تشخيصهم بالربو في المملكة المتحدة، ولكن نتائجها تنسحب على آثار العلاج في جميع أنحاء العالم، وقد قارنت بين انبعاثات الغازات الدفيئة لأجهزة الاستنشاق هذه، والمعروفة باسم أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقننة مع أجهزة الاستنشاق بالمساحيق الجافة.
وحسب الدراسة لا تكمن مشكلة أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقننة في ثاني أكسيد الكربون (أكثر الغازات الدفيئة شيوعاً)، بل في الميثان الذي يمثل حصة أقل بكثير من الانبعاثات الدفيئة ولكنه أكثر قوة بكثير، مع ما يصل إلى 84 مرة من قوة حبس ثاني أكسيد الكربون، حتى أن جهاز الاستنشاق الأقل تلويثاً وجد أن مستويات انبعاثه من غاز الميثان تصل إلى 10 كيلو جرامات من ثاني أكسيد الكربون في الهواء خلال استهلاك العبوة (200 نفثة)، والأسوأ أن تشكل مستويات انبعاثه ما يعادل أكثر من 36 كجم من ثاني أكسيد الكربون.
أما أجهزة الاستنشاق بالمساحيق الجافة على سبيل المقارنة، فلا تستخدم أجهزة دفع الميثان على الإطلاق، إلى الحد الذي يكون لديها فيه أي بصمة كربونية، مع أرقام صغيرة نسبياً، من 1.5 كجم إلى 6 كجم مكافئ ثاني أكسيد الكربون اعتماداً على العلامة التجارية.
وفي المملكة المتحدة التي تناولتها الدراسة على سبيل المثال، تمثل أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقننة حوالي 70 في المائة من جميع وصفات الاستنشاق، ويقدر الباحثون أنها مسؤولة عن إطلاق ما يعادل 635 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون كل عام، وإذا تحول 10 في المائة فقط من هؤلاء المرضى إلى المساحيق الجافة، يمكن إبقاء ما يعادل 58 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون خارج الغلاف الجوي، فيما يقدر الباحثون أن هذه البصمة الكربونية هي نفس بصمة 180 ألف سيارة تعمل بالغاز وهي تقوم برحلة ذهاباً وإياباً بين لندن وإدنبره (حوالي 1300 كيلو متر لكل منها).
وتجادل الدراسة بأن ما يجعل مثل هذا التحول مهماً بشكل خاص، هو أن العديد من الأشخاص الذين يعانون أكثر من غيرهم من جراء ذلك، هم نفسهم الأشخاص الذين صممت أجهزة الاستنشاق لمساعدتهم، وكتب الباحثون إن تغير المناخ يمثل تهديداً كبيراً وحاضراً على الصحة، وسيؤثر بشكل غير متناسب على أفقر الناس وأضعفهم على هذا الكوكب، بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة الموجودة مسبقاً.
وحسب الاحصاءات، في جميع أنحاء أوروبا أقل من 50 في المائة من أجهزة الاستنشاق الموصوفة هي أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقننة، وفي الدول الاسكندنافية بالكاد 10 في المائة، والفرق في معظم الحالات يتعلق بالكفاءة الدوائية أكثر من مجرد العادات والممارسات الطبية المحلية، ولذلك لا يدعو الباحثون إلى التخلص الشامل من أجهزة الاستنشاق بالجرعات المقننة، حيث تتطلب أجهزة الاستنشاق بالمسحوق الجاف للمرضى أن يتمتعوا على الأقل بما يكفي من قوة الرئة لاستخلاص الدواء، والكثير منهم لا يفعل ذلك، وبالنسبة لهم فإن النفخة القسرية لهذا الجهاز هي الطريقة الوحيدة لإدارة الدواء، وحسب المسؤولين الصحيين فإنهم يدركون الحاجة إلى حماية البيئة، ولكن من المهم للغاية أن يتلقى الأشخاص المصابون بالربو الأدوية التي يحتاجون إليها للبقاء وتجنب نوبة الربو التي تهدد الحياة، وكما هو الحال مع العديد من الأشياء الطبية، فإن الحل الصحيح هو إيجاد التوازن المناسب بين التكلفة والفوائد كلما أمكن ذلك.