حكاية نصف قرن من استبداد عائلة الأسد في حكم سوريا.. وسر حادث السيارة الذي غير مجرى الأحداث

"دير شبيجل" تصف بشار بالخجول غير المؤهل..
حكاية نصف قرن من استبداد عائلة الأسد في حكم سوريا.. وسر حادث السيارة الذي غير مجرى الأحداث

وصفت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الرئيس السوري بشار الأسد بالابن "الخجول غير المؤهل" الذي حقق وعلى غير المتوقع نبوءة والده حافظ الأسد في تحقيق حكم أبدي لعائلته، بيد أن ذلك تحقق بالقهر والعنف والتهجير الطائفية والدماء.

وأشارت المجلة في تحقيق مطول لها بعنوان "العائلة المالكة السورية" بمناسبة مرور 20 عامًا على اعتلاء بشار السلطة، إلى أن كل المعطيات كانت تؤكد أن حافظ الأسد كان يعد نجله الأكبر "الجذاب"، باسل، لخلافته، غير أن الأخير توفي في حادث سيارة في العام 1994، ليتحول العطاء إلى الابن الأصغر "المحرج على الدوام"، بشار.

المثير، حسب "شبيجل" أن بشار بكل ضعفه وعدم جاهزيته لخلافة والده، ناهيك بحالة الاقتتال الأهلي الذي تعيشه سوريا تحت حكمه منذ 9 سنوات كاملة، تمكن من أن يكمل لعائلته نصف قرن في حكم البلاد (30 عامًا لوالده، و20 أخرى له)، بينما لا تزال المدة قابلة للزيادة.

على هذا النحو حقق بشار لعائلته، ما فشل نظراؤه في تحقيقه لعوائل صدام حسين وحسني مبارك ومعمر القافي، رؤساء العراق ومصر وليبيا على التوالي.

وتولى بشار الأسد سدة السلطة في بلاده بسرعة قياسية صيف العام 2000، وبعد وفاة والده تم تغيير الدستور في غضون خمسة أسابيع حتى يصبح لائقًا من ناحة العمر لتولي المنصب، ثم أجريت الانتخابات، وأدى بشار الأسد اليمين الدستورية كرئيس جديد في 17 يوليو 2000، بينما لم يكن هناك مرشح معارض.

ومن أجل الحفاظ على سلطته، تم تقليد الأسد أعلى رتبة عسكرية في سوريا، ثم تنصيبه رئيسًا لحزب البعث الحاكم في مؤتمر الحزب الذي عقد على عجل في الأسابيع الخمسة ذاتها.

المثير أن الأسد الصغير كان مصدر تفاؤل لكثيرين بعد 3 عقود من الحكم الاستبدادي على يد والده، وقد شجع على ذلك انتقاده العلني للأداء الاقتصادي في حقبة الأب.

وروج الأسد في بداية حكمه إلى ربيع دمشقي، سيكون دعامته الأساسية الإصلاح السياسي والاقتصادي وتوديع سنوات الحكم الشمولي والتعذيب والقتل كما كان الحال أيام حافظ الأسد، ومن ثم تمتع الرئيس الشاب الذي لم يكن يتجاوز قبل 20 عامًا الرابعة والثلاثين من عمره، بشعبية كبيرة بين السوريين، قبل أن يُصدم الجميع بزيف رؤيته حيين اتضح أن حول اقتصاد الدولة إلى رأسمالية المحسوبية التي يستفيد منها قبل كل شيء أقاربه ومؤيدوه فقط؟

كما صدم الغرب سريعًا وأدرك أن رؤيته الأولى بشأن تشجيع الأسد الشاب قد جانبها الصواب، وأنه كان واهمًا حين أقدم على تشجيع بشار بصفته مصلحًا شابًا مستبدًا يمتلك يدًا قوية يحتاجها السوريون. إذ اتضح على الفور أنه يتصرف بشكل انتهازي مثل والده في السياسة الخارجية، ويدعم المنظمات الإرهابية. وعندما غزت الولايات المتحدة العراق المجاور عام 2003، روجت بلاده لزعيم الدولة الإسلامية هناك.

وعلى الرغم من الترحيب بإصلاحات الأسد الاقتصادية من جانب بعض الطبقات الوسطى والعليا في المدن، إلا أن الأمر كان مؤلمًا للغاية بالنسبة للشريحة الأكبر من سكان البلاد. وقد أصبحت الدولة تدعم مواطنيها بشكل أقل. أضف إلى ذلك فساد وتعسف المسؤولين المحليين وأفراد المخابرات، وأخيرًا معاناة الجميع من سنوات جفاف شديد ضرب الزراعة في مقتل، وتسبب في موجات نزوح لآلاف المزارعين نحو المدن.

وفي عام 2011 كان اختبار الأسد الحقيقي، وبدلًا من احتواء المظاهرات الغاضبة وتقديم تنازلات، تعامل معها بالدبابات والقناصة.

وتنقلت المجلة عن مقربين وأصدقاء سابقين لبشار الأسد، أن إرث والده كان ضاغطًا عليه وجعله يتصرف كالأعمى. وأفاد صديق طفولة لبشار، يعرف باسم مناف طلاس، أنه كان أن عليه أن يثبت نفسه طوال حياته، وبخاصة أن شقيقه باسل كان هو من يتم تجهيزه للحكم، قبل أن تتدخل الأقدار.

لقد غيرت حرب السنوات التسع بعمق نفوذ سوريا وبشار الأسد، ومات على يد آلته العسكرية أكثر من 500 ألف شخص، بينما لا يزال المجتمع يتعرض للقهر والصدمات والدينية المشحونة بالطائفية، كما ينزف الاقتصاد وينهار، فيما تحول ملايين السوريين إلى مهاجرين مشتتين ونازحين في مختلف بقاع الأرض، ناهيك بعجز حوالي نصف السكان عن الحصول على ما يكفي من الغذاء من أجل البقاء.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa