أكد إعلاميون ومفكرون ودبلوماسيون أن منتدى الإعلام السعودي خطوة لافتة من أجل مناقشة القضايا الإعلامية الراهنة في ظل المستجدات التي تشهدها وسائله وآلياته على مستوى صناعة الإعلام وتأثيرها في المجتمعات والدول، ومنصة ثرية من أجل التفاعل المهني الدولي.
ويُقام منتدى الإعلام السعودي في عاصمة الإعلام العربي الرياض، تحت شعار: «صناعة الإعلام.. الفرص والتحديات»؛ وذلك انسجامًا مع التطورات التي تشهدها البيئة الاتصالية لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ويشهد حضور أكثر من ألف إعلامي من 32 دولة.
وشدد سفير خادم الحرمين الشريفين الأسبق لدى الجمهورية اللبنانية علي عواض عسيري؛ على أن عقد منتدى الإعلام السعودي في العاصمة الرياض، وبحضور ما يزيد عن ألف قيادي إعلامي من دول العالم؛ يعكس الثقة بالنفس، والفخر بالإنجازات العظيمة التي تم إنجازها خلال السنوات القليلة الماضية، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمير الشاب محمد بن سلمان.
وأعرب عسيري عن أن «لقاء هذه النخبة من الإعلاميين ونشطاء التواصل الاجتماعي من مختلف البقاع في العاصمة الرياض، وتفاعلهم مع نظرائهم السعوديين؛ يتيح فرصًا مهنية وثقافية واجتماعية، وتبادل الخبرات والاطلاع على طموحات قيادتنا الرشيدة خلال السنوات العشر المقبلة حتى 2030».
وأشار عسيري إلى أن هذا الحدث الإعلامي الضخم سيكون له انعكاسات دولية إيجابية.
أما المندوب السابق لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير فيصل بن حسن طراد، فقال: «منتدى الإعلام السعودي أتى في التوقيت المناسب؛ فالإعلام أصبح أداة مهمة من أدوات تحقيق السياسة الخارجية ونجاحها؛ فأربع سنوات فقط مرت على تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، سدة الحكم وبفضل من الله وتوفيقه، قطعت المملكة أضعاف هذه المدة في الانطلاق نحو العالم الأول، وأصبح لديها من الإنجازات ما تفخر به ويستحق أن يطلع عليه الآخرون، باعتباره نموذجًا مهمًّا يحقق النجاح في وسط منطقة مليئة بالأحداث واضطراباتها وعدم الاستقرار».
وأضاف: «المملكة اليوم أصبحت رقمًا صعبًا في المعادلة الدولية، وأضحت صاحبة قرار على المستويين الدولي والإقليمي؛ لهذا كان لإقامة هذا المنتدى في هذا التوقيت، وبمشاركة دولية وإقليمية واسعة، أهمية بالغة في فتح قنوات التواصل مع الجميع؛ لمعرفة الحقيقة مجردة، وفي الوقت ذاته هي فرصة لتدارس الصيغة المثلى من التعاون الإيجابي بين الدبلوماسية والإعلام لتحقيق المصالح، ودعم تنفيذ رؤية 2030».
من جهته، امتدح رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام الدكتور فهد العرابي الحارثي؛ منتدى الإعلام السعودي في اختيار مراكز الدراسات ومخازن التفكير موضوعًا لإحدى جلساته، وقال: «أحسن صنعًا منتدى الإعلام السعودي، في نسخته الأولى، أن جعل من مراكز الدراسات ومخازن التفكير موضوعًا لإحدى جلساته؛ فهو بهذا يقدم دعمًا مشكورًا لهذه المراكز؛ لما يدركه من أهميتها ومن تأثيرها في صناعة مستقبل الإعلام، بل وفي مختلف المستويات الأخرى التي تتطلب مراجعة مستمرة واستشرافًا دائمًا للمستقبل».
وأضاف: «مراكز الدراسات أو مصانع التفكير في الدول المتقدمة، تصنع التغيير وتدعمه، وهي تساعد صانع القرار على الوقوف على أرضية صلبة في كل ما يختطه للمستقبل؛ فكثير من الدول تعول كثيرًا على مراكز الاستشارات والدراسات، لكي تضمن أن تكون مسيرتها ضمن خطط منهجية تقودها إلى الطريق الأسلم، وتحميها مما قد يواجهها من تحديات أو مخاطر، في الوقت الذي تفتح لها آفاقًا من الفرص والأهداف المبتغاة».
وواصل: «أما في عالمنا العربي، على وجه العموم، فإن مصانع التفكير لا تأخذ الأهمية اللازمة لها في توجهات الدول، سواء كانت توجهات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهي مؤخرًا فقط، بدأت تشرك مراكز الدراسات في صناعة مستقبل المجتمعات. وحري بهذه المراكز أن تأخذ مكانًا أرحب مما هي في عالمنا اليوم في جهتنا العربية؛ لما لذلك من أهمية بالغة أثبتت التجارب في الدول المتقدمة -كما أشرنا سابقًا- أنها مهمة وأنها ذات تأثير كبير».
واستطرد: «اليوم، هناك مراكز للتفكير أو مراكز للدراسات استطاعت أن تختط طريقها، وأن يكون لها التأثير المطلوب في ما تنتج وفي ما تصدر، ونتمنى أن يصار إلى مزيد من التقدم في هذه الطريق».
من جانبها، قالت الكاتبة أميمة الخميس: «هناك تصور ينمط الإعلام السعودي بأنه إعلام متحفظ وقور صوته خافت يوازي ثقل حضور المملكة على المستويين الإقليمي والدولي؛ فإلى الآن، لا تزال الصورة الذهنية المتاحة عن المملكة غير واضحة تمامًا، رغم ريادتنا الخليجية والثراء في الكوادر البشرية العريقة؛ ما أحدث فجوة بين طموحات ورؤى المملكة وبين حضورنا الإعلامي المؤسسي».
وواصلت: «ثقافة الصورة باتت تهيمن على وسائل الاستقبال والتلقي، وما لم يكن هناك منهجية حرفية إبداعية بارعة في صناعة المحتوى، فسنترك الساحة يستحوذ عليها من استطاع أن يسبق ويبادر فيحتل الرؤى المستقبلية التي ستحلق المملكة بأجنحتها.. هي تحتاج إلى زخم معلوماتي معرفي يحلق بها ويشرع أمامها الآفاق».
وأردفت: «التحول الاقتصادي الكبير يحتاج مسارات فكرية وثقافية يسهم الإعلام في التمهيد لها محليًّا ودوليًّا. وقضايانا الوطنية وأمننا القومي لا بد أن تحف بها آلة إعلامية هائلة توازي إمكانات المملكة وتبرز شرعية سياساتها؛ لهذا كله أو لبعضه، تأتي أهمية هذا المؤتمر الدولي كحاضنة إعلامية قادرة على استقطاب الخبرات والرؤى، وفي الوقت نفسه يشرع البوابات لخطاب وطني باستطاعته قيادة الرأي العام وصناعة التوجهات على المستوى الإقليمي. وهذا المؤتمر الدولي يستثمر في أرض محتشدة بالطاقات والقدرات والاحتمالات، بطرح إعلامي جديد متوقد قادر على أن يتجاوز مرحلة التحفظ الخافت الذي ظل الإعلام السعودي يكابده لسنوات طويلة».
وإلى ذلك، أكد الكاتب الصحفي سمير عطا الله، أن منتدى الإعلام السعودي ثمرة طبيعية لمسيرة رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مشددًا على أن الإعلام السعودي سار بخطى راسخة وتخطيط مستقبل، وسجَّل الريادة وأسهم في تعزيز الوحدة العربية.
وقال عطا الله: «تأخر الإعلام السعودي في أن يكون له منتداه، لكن هذا لا ينسينا أن الصحافة السعودية بدأت مسيرتها مع الصحف العربية الأخرى في مصر والعراق ولبنان، وبدأت بمواهب كثيرة وإمكانات متواضعة، وتطورت عابرةً القارات بخطى راسخة وتخطيط مستقبلي كبير، وكانت أول صحافة مكتوبة تطبع في أوروبا وأمريكا، وكانت أيضًا أول وأهم شبكة إعلامية تلفزيونية تنطلق من لندن والأقمار الصناعية».
وأضاف أن «الإعلام السعودي المطبوع والمسموع سجَّل لنفسه دور الريادة الأولى في عبور المستقبل، واستغل التقدم التكنولوجي لكي يسهم في وحدة العرب، ويشدد على التزامهم الأخلاقي، ولم يسخر الإعلام السعودي طاقاته ومدى انتشاره لأي أغراض تشوش على الأمة ومسيرتها، وخصوصًا معاييرها القومية والأخلاقية».
وتابع: «إن منتدى الإعلام السعودي ثمرة طبيعية لمسيرة رعاها منذ اللحظة الأولى ملك الإعلام العربي الذي كان يناقش ويصحح الصحافة العربية والسعودية بمتابعة ودقة أكثر من رؤساء تحريرها.. لقد علمنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على مدى عقود، أكثر من أي معلم آخر، ومن دون أن يتعمد، على النموذج والمثال للأجيال التي رأت في مسيرته ما ينبغي وما يرتجَى وما يقلد».
واختتم: «إنني كواحد من الذين تابعوا عن كثب خطى هذا المقام النبيل، أرفع إليه -باسم جميع مقلديه- أسمى التقدير وأصدق المحبة، وإلى سمو ولي عهده أغلى الأمنيات».