تشهد العلاقات «السعودية – العمانية» في هذه المرحلة التاريخية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والسلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان آفاقًا أرحب من العمل المشترك والاستثمار في شتى المجالات، تعود على البلدين بمزيد من الازدهار وتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين.
وتأتي زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، إلى السعودية كأولى محطة في جدول زياراته الخارجية الرسمية تأكيدًا لمكانة المملكة الكبرى وقيادتها على المستوى السياسي والشعبي في عُمان، وبما تمثله من عمق استراتيجي بين البلدين.
ويعمل البلدان الشقيقان على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما والتعاون المشترك في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة، بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية المملكة 2030 ورؤية عمان 2040، وما تتضمنه الرؤيتين من مستهدفات ومبادرات للتنوع الاقتصادي.
وتعد المملكة العربية السعودية شريكًا استراتيجيًّا في عدد من المشاريع الاقتصادية في السلطنة، منها تطوير مدينة خزائن الاقتصادية، وفي قطاع الطاقة من خلال محطة الكهرباء المستقلة «صلالة 2» التي تتكون من تحالف «أكوا باور» السعودية و«ميتسوي» اليابانية و«شركة ظفار الدولية للتنمية والاستثمار القابضة» العُمانية، وكذلك «محطة صلالة المستقلة لتحلية المياه».
ويتطلع البلدان إلى أن يسهم تأسيس مجلس التنسيق السعودي العماني في وضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما ورفعها إلى مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية، وكذلك في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية، بما يخدم أهداف البلدين ويحقق آمال وتطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين.
وتعمل المملكة وسلطة عمان على استكمال مشروع المنفذ البري الذي يربط بين البلدين، ومن المتوقع أن يسهم المنفذ بعد افتتاحه في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، كما أن هذا المنفذ سيفتح المجال أمام حركة البضائع من المملكة مروراً بالطرق البرية في السلطنة، وصولاً إلى موانئها التي ستسهل تصدير البضائع السعودية للعالم.
وبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وسلطنة عمان في العام 2020 نحو 3.36 مليار دولار، تشمل الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية، فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى سلطنة عمان 1.16 مليار دولار، تشمل منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد أو الصلب والأغذية.
وتعد مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلنها سمو ولي العهد (يحفظه الله) مجالًا واعدًا للتعاون بين المملكة وعمان في مكافحة التغير المناخي.
ومن المقرر أن يزور السلطان هيثم المملكة، خلال الفترة من 1 - 2 ذي الحجة 1442هـ، الموافق 11 - 12 يوليو 2021م، تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
من جانبه، أكد فيصل بن تركي آل سعيد سفير سلطنة عُمان لدى المملكة أن زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان إلى السعودية في أولى محطاته الخارجية، ولقاؤه أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، دليل على ما يتمتع به قادة البلدين من حكمة وبعد نظر في التعامل مع الأحداث إقليميًّا ودوليًّا، ومرحلة جديدة لرفع مستوى التكامل في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية والبشرية.
ونوه السفير العماني بعمق العلاقات الثنائية والتوافق بين رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040 في كثير من القواسم التي تسهم في تعزيز التطلعات والتعاون في العديد من المجالات والبرامج.
وأشار إلى أن علاقة الشعبين العُماني والسعودي تتميز بمتانتها وأصالتها التاريخية التي قامت على وحدة الأخوة والدين وحسن الجوار، مبينًا أهمية تعزيز التعاون على المستويات الثقافية والسياحية والرياضية لا سيما مع تطلع الشعبين للرقي والتقدم في تلك المجالات.
بدوره، أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سلطنة عُمان عبدالله العنزي أن زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان كأول زيارة خارجية يقوم بها، ولقاؤه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.
وأوضح السفير العنزي في تصريح صحفي أن الزيارة تعدّ محطة تاريخية بين البلدين لصياغة رؤية مشتركة في تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية وتقديم كل ما يلزم للوصول لشراكة اقتصادية متميزة.
وجاء تولي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد الحكم في سلطنة عمان في مرحلة تاريخية هامة نظرا لما تشهده المنطقة والعالم من متغيرات وتحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية، تتطلب التعامل معها مع مراعاة المحافظة على تقاليد الحكم الراسخة في السلطنة، وضرورات ومتطلبات التغيير والتحديث.
وبادر السلطان هيثم بن طارق بعد توليه السلطة إلى الإعلان عن إصلاحات سياسية ومالية واقتصادية، وتطوير هيكلة أجهزة ومؤسسات الدولة، لتصبح أكثر فاعلية في تلبية آمال وطموحات الشعب العماني والمحافظة على سلامة واستقرار البلاد.
كما تعهد السلطان هيثم بمواصلة النهج الذي اتبعته عمان في سياستها الخارجية من خلال الالتزام بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ودفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ويواجه السلطان هيثم بن طارق، التحديات الحالية والمستقبلية، بخبرة متراكمة من العمل الدبلوماسي والحكومي امتدت لسنوات طويلة قبل توليه الحكم، لا سيما توليه رئاسة اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية (عمان ٢٠٤٠).
وبحسب مراقبين، تتمتع سلطنة عمان بوضع سياسي واقتصادي مستقر وتحتل المرتبة 23 في احتياطي النفط على مستوى العالم والمرتبة 27 في احتياطي الغاز، وقد اتخذت السلطنة خطوات ملموسة في سبيل تنويع مصادر دخلها القومي وتقليل الاعتماد على النفط.
كما يوفر موقع سلطنة عُمان الاستراتيجي واستقرارها السياسي والأمني، ميزة تنافسية لجذب للاستثمارات الأجنبية في البلاد، وقد سعت السلطنة إلى استغلال هذه الميزة من خلال تأسيس عدد من المناطق الاقتصادية والموانئ، والتركيز على قطاعات واعدة، أبرزها قطاع السياحة وقطاع الخدمات اللوجستية.
ويعد الشعب العُماني شعباً مضيافاً ومنفتحاً على الآخرين، كما تمتاز السلطنة بوجود مناطق طبيعية فريدة، ما يجعلها مقصداً سياحياً للأسر السعودية والخليجية، التي تتشارك مع الشعب العماني في الدين واللغة وتقارب العادات والتقاليد الاجتماعية.
كما أنّ المملكة تكن كل تقدير واحترام لسلطنة عُمان كدولة شقيقة وعضو في مجلس التعاون الخليجي، ويسعى البلدان إلى تعزيز العلاقات الثنائية بينهما في مختلف المجالات، وتطوير أوجه التعاون المشترك بما يتناسب مع رؤية قيادتي البلدين وتطلعات شعبيهما.
اقرأ أيضًا: