الديكتاتورية العسكرية تفوز بالقاضية في معركة السلطة بإيران

الديكتاتورية العسكرية تفوز بالقاضية في معركة السلطة بإيران

قالت صحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية، إن انتخاب قاضي الدم والإعدامات، إبراهيم رئيسي رئيسًا لإيران عبر مسرحية تصويتية هزلية، إنما يضع كلمة الفصل في تحول دولة الملالي إلى ديكتاتورية عسكرية بامتياز، حيث لا كلمة إلا للمرشد الأعلى على خامنئي ومن بعده بمسافة ليست بالقصيرة، الحرس الثوري، الذي يبدو أنه فاز بالقاضية أخيرًا في معركة النفوذ والسلطة.

وأصبح المتشددون في طهران الآن يسيطرون على كل المؤسسات، الأمنية والسياسية والاقتصادية، وعلى رأسها الرئاسة والبرلمان.

ورغم أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت مهزلة بمعنى الكلمة، بدءًا من اختيار المرشحين إلى طرق الدعاية والدعم وصولًا إلى يوم الاقتراع، إلا أن خامنئي كان من أوائل من أدلوا بأصواتهم في طهران.  قال أمام الكاميرات: «كلما أسرعتم في القيام بهذا الواجب، كان ذلك أفضل».

وعندما دعا الإيرانيين إلى التصويت يوم الأربعاء الماضي، اعترف بأن «البعض» في البلاد ربما كانوا غير راضين. لكن إذا لم تصوت، فلن تحل أي مشاكل، حسب زعمه. لقد حاول بكل الطرق اضفاء أهمية وشرعية على اقتراع كاذب.

 لكن يبدو أن غالبية الإيرانيين لم يثقوا في كلامه وقبله لم يثقوا بأي من المرشحين المختارين للانتخابات الرئاسية لحل مشاكلهم. وحتى وفقًا للأرقام الرسمية، انخفض إقبال الناخبين إلى 48 في المائة، ولم يحدث منذ ثورة 1979 أن شارك عدد قليل على هذا النحو من المواطنين في الانتخابات الرئاسية.

فعندما تم تثبيت حسن روحاني في منصبه قبل أربع سنوات، أدلى 73 في المائة من الإيرانيين بأصواتهم على أمل انتعاش اقتصادي وتحرير سياسي.  والآن، حصل المتشدد إبراهيم رئيسي، مع نسبة تصويت منخفضة قياسية، على حوالي 17 مليون صوت، فيما يشكك الجميع في صحتها.

وحسب صحيفة نويه تسوريش تسايتونج السويسرية، فإن ما جرى في الانتخابات الرئاسية، من تمكين المتشددين والاقصاء التام لآخر أصوات الاعتدال، سبقته خطوة هامة حينما اختطف المتشددين قبل البرلمان العام الماضي.

فساعتها كانت المشاركة منخفضة بالمقابل، وفاز أيضًا المتشددون، قبل أن يتم طرد كل رموز الإصلاح، لتواصل دولة الملالي التضحية بأبنائها وحلفائها الواحد تلو الآخر منذ العام ١٩٧٩- أولاً شيوعيو حزب توده ومجاهدو الشعب الإسلامي اليساري، ثم القوميون المتدينون ودعاة الديمقراطية الإسلامية.

 على هذا النحو فإن المؤسسة المحافظة المتشددة تسيطر على القضاء والأجهزة الأمنية والمؤسسات الدينية القوية لتتحول البلاد إلى ذلك الوجه الكئيب للديكتاتورية العسكرية، وأصبحت مصالح الحرس الثوري هي التي تحدد السياسات.

تعاظم دور الحرس الثوري جاء على حساب رجال الدين مثلًا، فمنذ الثورة، انخفض عدد رجال الدين في البرلمان بشكل مطرد. وبينما كان 61 في المائة من نواب الملالي في المجلس الأول، كان 6 في المائة فقط يرتدون عمامة رجال الدين في الآونة الأخيرة. في الوقت نفسه، ارتفعت نسبة النواب في صفوف الحرس الثوري بشكل كبير منذ عام 2004.  لذلك ليس من المستغرب أن يتم حظر جميع المبادرات لتقييد قوة الجيش وإمبراطورية الشركات التابعة له.

وما من شك فقد سهّلت سياسات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من تقوية هذا المركب العسكري السياسي.  وبخرق اتفاقية فيينا النووية، شدّد المتشددون في عدم ثقتهم بالولايات المتحدة وجعل المفاوضات الجديدة أكثر صعوبة.  في الوقت نفسه، أدت حملته "للضغط الأقصى" إلى نسف استراتيجية الانفتاح الاقتصادي لحكومة روحاني وإضعاف موقفها السياسي.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa