استفاد الباحثون من تقنيات التسلسل الوراثي ومن أكبر قواعد البيانات عن عينات الحمض النووي من المصابين بمرض اضطراب طيف التوحد، في دراسة هي الأكبر من نوعها، حددت 102 جين مرتبط بهذا المرض، منها 30 جينًا لم تكن مرتبطة من قبل بهذه الحالة المعقدة، كما ميزت الدراسة الجينات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتوحد عن التي قد تسهم في اضطرابات النمو العصبي الأخرى التي منها الإعاقة الذهنية والحركية.
وبحسب الباحثين في جامعة ديوك الأمريكية، تعد هذه واحدةً من أهم الدراسات الشاملة حول علم الوراثة لمرض التوحد حتى الآن؛ حيث تبدأ النتائج في حل الكثير من لغز التوحد.
وكما هو معروف، فإن اضطراب طيف التوحد هو حالة تطورية عصبية معقدة، يعتقد العلماء أنها ربما تحدث بسبب العوامل الوراثية والبيئية.
وكما يوحي الاسم، فإنه يمثل مجموعة من الأعراض والسلوكيات، وكل ذلك يجعل تحديد الجينات المتسببة فيه عملية صعبة للغاية.
وخلال الدراسة حلل الفريق أكثر من 35 ألف عينة، وقارن التسلسلات الجينية للمصابين بالتوحد مع أشقائهم ممن لم يتأثروا بهذه الحالة، ومع أشخاص عاديين. ومن ثم، فقد تمكن الباحثون من عزل كل من طفرات الجينات الموروثة، وكذلك التغيرات الجينية التلقائية أو التي قد تحدث أثناء التطور بعد تخصيب البويضة بالحيوانات المنوية المساهمة في الشريط الوراثي.
وبذلك أنتج الفريق البحثي نماذج إحصائية يمكن أن تجد تلك الطفرات بمختلف درجاتها، وهو ما سيسلط نظرة ثاقبة على الآليات الجزيئية لهذه الجينات، التي يمكن أن تؤدي بدورها إلى طرق جديدة لعلاج وتخفيف بعض الأعراض الأكثر حدةً لمرض التوحد، كما سمح العدد الكبير من العينات في الدراسة، للباحثين بعزل الجينات التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمرض التوحد وحده، عن تلك التي تتوافق مع الحالات الأخرى مثل الإعاقة الذهنية واللغة والتأخر الحركي الذي يحدث غالبًا مع مرض التوحد.
وبحسب الباحثين، فإن من المهم أن نفهم ما إذا كانت الجينات متورطةً في الإدراك العام أو الإدراك الاجتماعي، كما هو الحال مع مرض التوحد.
وصار الآن لدينا عدد قليل من الجينات يمكننا القول إنها حقًّا جينات للتوحد، وإن بقي احتمال ضئيل أن تكون جينات للإعاقة الذهنية، وهذا تقدم بيولوجي عميق يمكن أن يكون أداة مفيدة للدراسات المستقبلية.