عقليًّا ونفسيًّا.. الفتيات أشد تضررًا من وسائل التواصل الاجتماعي

دراسة حديثة كشفت الملابسات..
عقليًّا ونفسيًّا.. الفتيات أشد تضررًا من وسائل التواصل الاجتماعي

في بعض الدول، ألقى الجمهور والخبراء على السواء اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي إزاء قائمة طويلة من قضايا الصحة العقلية، بما في ذلك ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق بين الشباب، لكن دراسة نُشرت في ربيع هذا العام، جاءت بنتائج متضاربة، مؤكدةً أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من المحتمل ألا يكون له تأثير كبير في رضا المراهقين بحياتهم.

وتشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة لانسيت لصحة الأطفال والمراهقين، إلى أن القضية أكثر دقةً؛ حيث إن وسائل التواصل الاجتماعي مرتبطة بقضايا الصحة العقلية لكن في ظل ظروف معينة فقط ولبعض الأشخاص فقط؛ فبالنسبة إلى الفتيات، بدا أن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي يضر بالصحة عندما يؤدي إلى التغول الإلكتروني أو عدم كفاية النوم والتمرين، ولكن يبدو أن هذه العوامل لم يكن لها التأثير نفسه في الأولاد.

وبحسب الباحثين المشاركين في الدراسة، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في حد ذاته، لا يسبب الضرر، لكن يتعلق الأمر بالحصول على توازن بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأنشطة الأخرى المناسبة للعمر، وضمان عدم حدوث أمور سلبية محددة عبر الإنترنت.

وخلال الدراسة، حلل الباحثون بيانات دراسات تتبعت نحو 10 آلاف من المراهقين في المملكة المتحدة على مدى ثلاث سنوات؛ حيث أجاب المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عامًا، على أسئلة حول مدى تكرار استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي الشخصي، بالإضافة إلى ملفاتهم الصحية والديموغرافية. وفي السنوات اللاحقة قدم المراهقون أنفسهم معلومات محدثة عن استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي، وأجابوا على أسئلة أخرى حول صحتهم العقلية وعادات النوم والنشاط البدني ومدى تعرضهم للتغول أو البلطجة الإلكترونية.

وفي السنة الأولى من سنوات الدراسة، قال نحو 43% فقط منهم إنهم فحصوا بانتظام وسائل التواصل الاجتماعي عدة مرات في اليوم، وارتفعت النسبة إلى 59% في السنة الثانية، و68.5% في السنة الثالثة، ومع مرور الوقت ارتبط الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي بانخفاض الصحة العقلية والرفاهية، كما تم قياس ذلك عن طريق الإجابة على الأسئلة حول الضيق النفسي والرضا عن الحياة والسعادة والقلق، وبدا أن لوسائل التواصل الاجتماعي تأثيرًا أقوى في الفتيات، لكن التأثير كان موجودًا للأولاد أيضًا.

وأصبحت الصورة أكثر تعقيدًا عندما فحص الباحثون مستخدمي الوسائط الاجتماعية المعتادين الذين أبلغوا أيضًا عن البلطجة الإلكترونية ونقص النوم وقلة التمارين الرياضية، التي اعتقدوا أنها يمكن أن تكون مسئولة عن كثير من المشكلة، ووجدوا أن هذه العوامل الثلاثة يمكن أن تتنبأ بالكامل تقريبًا بما إذا كان الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي سيضر برفاهية المراهقة، وبدا أن البلطجة الإلكترونية هي الأكثر ضررًا على الفتيات، تليها قلة النوم وقلة التمارين؛ حيث تميل الفتيات -بحسب الخبراء- إلى أن تكون أكثر عرضة من الأولاد لظروف الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق بغض النظر عن وقت الشاشة، كما تعاني الفتيات من البلطجة الإلكترونية أكثر من الفتيان؛ فقد يزعجهن بشكل فريد جوانب معينة منها، بما في ذلك تعليقات حول المظهر والمقارنات السلبية بالآخرين.

وبحسب الباحثين، يمكن أن تساعد الدراسة في توجيه المراهقين نحو أنماط حياة أكثر صحةً، تُجنِّبهم ما تُسبِّبه وسائل التواصل الاجتماعي في الصحة العقلية بمرور الوقت، مع تثبيت توصيات الحصول على قسط كافٍ من النوم، وعدم فقْد الاتصال بالأصدقاء في الحياة الحقيقية، وممارسة النشاط البدني، مع ضرورة تشجيع الآباء لأبنائهم المراهقين على البقاء نشطين، وإغلاق هواتفهم في الليل. والأهم من ذلك هو التأكد من عدم تسلط هذه الوسائل عليهم وعدم التسلط عليهم عبر الإنترنت؛ لأن ذلك هو مصدر الضرر الرئيسي؛ حيث يجب أن يكون التركيز الآن على الآليات والمحتوى.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa