في الوقت الذي تكافح فيه دول أوروبية، دأبت على التباهى دومًا بمدى تقدم الأنظمة الصحية بها، الخسائر التي ألحقها فيروس كورونا المستجد (COVID-19). بين صفوف مواطنيها والمقيمين بها، بدأت الدول المحيطة بالصين التي ظهر بها المرض لأول مرة في مدينة ووهان من التعافي من الأضرار التي ألحقها بها كوفيد -19.
ومازال فيروس كورونا المستجد يواصل حصد مزيد من ضحاياه أغلبهم في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وفيما يبحث خبراء الصحة في العالم عن النماذج الناجحة في تطويق الفيروس، تبقى أقوى النماذج تلك التي طبقتها دول آسيوية غرب المحيط الهادي، وأبرزها الصين وكوريا الجنوبية وتايوان التي تمكنت من منع انتشار الفيروس على أراضيها رغم الحدود المشتركة مع الصين لكن منظمة الصحة العالمية لم تعترف رسميًا بهذا النموذج حتى الآن.
ماذا فعلت تايوان لاحتواء جائحة كورونا؟
تايوان كانت أحد أكثر المناطق عرضة لخطر فيروس كورونا المستجد خارج بر الصين الرئيسي؛ بسبب قربهما الوثيق وعلاقاتهما ووسائل النقل المشتركة بينهما، بحسب دراسة لجامعة جونز هوبكنز، لكن مسؤوليها تحركوا فورًا مع التقارير الأولى عن ظهور كورونا في ووهان، في 31 ديسمبر، عندما أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بتتابع تسجيل حالات التهاب رئوي.
تتعدّد الطرق التي تدخلت بها حكومة تايوان لاحتواء الفيروس؛ حيث بادرت أولًا بالتدخل المبكر منذ إعلان انتشار كورونا في الصين. ثانيًا عملت على الاستفادة من تجربتها الخاصة مع وباء سارس عامي 2002 و2003، عندما أنشأت تايوان مركزًا للقيادة الصحية لمواجهة أي وباء قادم. ثالثًا اعتمدت على دمج بيانات التأمين الصحي مع بيانات الهجرة لأجل التعرف على المرضى المحتملين، واستخدام التكنولوجيا لأجل تشجيع المسافرين على الإبلاغ عن سفرهم.
وإن كانت أغلب دول العالم قد أضاعت خطوة المواجهة الاستباقية كما فعلت تايوان التي أوفدت فريقًا طبيًا متخصصًا إلى ووهان الصينية عند انتشار الفيروس بها للتعرف عليه، فإنّ هناك دروسًا أخرى من هذا البلد يمكن الاقتداء بها منها ضمان استمرار إنتاج المعدات الطبية، إذ تدخّل الجيش التايواني لهذا الغرض، والتواصل المستمر مع السكان عبر وسائل الإعلام الجماهيري، وتشجيع الناس على الاهتمام بصحتهم سواء في العمل أو في المنزل، فضلًا عن تعميم التأمين الصحي الإجباري على جميع السكان.
لماذا لم تتبنَّ منظمة الصحة العالمية النموذج التايواني؟
رغم جهودها الناجحة، ماتزال تايوان محظورة فعليًّا من الانضمام لعضوية منظمة الصحة العالمية بسبب علاقتها المعقدة مع الصين التي تعتبرها جزءًا من أراضيها، وتمنعها من المشاركة في العديد من المنظمات الدولية ما لم تفعل ذلك بطريقة تتوافق مع مبدأ «صين واحدة»، وهو ما يستوجب أن تسمي تايوان نفسها «تايبيه الصينية»، كما تفعل في دورة الألعاب الأولمبية.
في وقت سابق، نوهت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشونينغ إلى أن «جميع الأطراف تدرك بوضوح أن أعضاء منظمة الصحة العالمية يجب أن يكونوا دولًا ذات سيادة»، وهنا تبرز الأزمة السياسية التي تلقي بظلالها على المجالات الأخرى كافة، حيث تمتعت تايوان بصفة مراقب في منظمة الصحة العالمية حتى 2016، قبل أن تضغط الصين على حلفائها لطرد تايوان مع انتخاب الرئيسة تساي إنغ ون المؤيدة للاستقلال.
لكن الوضع ربما ساعد تايوان التي أجبرها نقص المعلومات على المضي منفردة واتخاذ قرارات مبكرة بشكل مستقل عن إرشادات المنظمة، الآن يشكو مسؤولو تايوان من العكس؛ يقولون: إن استبعادهم يمنع الجزيرة من أداء دورها الكامل في الاستجابة العالمية. وفقًا لما نقلت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية.
اقرأ أيضًا: