استمرارًا لمسلسل الفضائح القطرية بشأن تمويل الإرهاب، حاول مسؤول قطري إبرام صفقة مع شركة علاقات عامة دولية، على أمل التعتيم على التمويل المقدم من الدوحة لميليشيا «حزب الله»، في محاولة لشراء صمتها.
وساهم السفير القطري في بلجيكا، لدفع شركة علاقات عامة ألمانية على تغطية تمويل الدوحة لـ «حزب الله»، حسب تصريح «عميل سري»، يزعم أنه عمل لدى المخابرات الغربية، لصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
وقال العميل، الذي تم تحديد هُويته في الصحافة الألمانية باسم «جايسون جي»، إن سفير قطر لدى بلجيكا عبد الرحمن بن محمد سليمان الخليفي، وهو سفير الدوحة السابق ببرلين من 2009 إلى 2016، سعى للتفاوض بشأن اتفاقية لدفع مبلغ مالي يُقدر بنحو 750 ألف يورو إلى جيسون لشراء صمته بشأن دور قطر في تمويل حزب الله.
أكد جيسون للصحيفة أن نيته كانت دائمًا تهدف إلى تحديد هُوية مموّلي حزب الله في قطر ومن هم القطريون الذين يمنحونهم الحماية، قائلًا: «لم أكن أنوي الحصول على التسوية».
اسم مستعار
قال «جيسون»: إنَّه يستخدم الاسم المستعار؛ لتجنب انتقام السلطات القطرية المحتمل. وصرح بأنَّه كتب ملفًا بشأن دعم قطر لحزب الله.
وتمكنت صحيفة «جيروزاليم بوست» من مراجعة أقسام من ملف شامل كتبه «جيسون»، يكشف عن تمويل قطر المزعوم للأسلحة للحركة الشيعية اللبنانية، وأكدت المخابرات الألمانية صحة معلومات الملف.
كان «جيسون» موضوع ثلاثة تقارير إعلامية ألمانية بشأن تمويل قطر الإرهابي لحزب الله، واستخدامه لوكالة العلاقات العامة WMP public؛ لقبول دفعة نقدية كبيرة لمحو بصمات الدوحة في تقديم مساعدات عسكرية مادية لحزب الله .
ولم تلتقِ الصحيفة «جيسون» الذي لم يكشف عن جنسيته، أو الجهة التي يعمل لصالحها حاليًا، بينما أجرت محادثات عديدة معه ومحاميه، وتلقت وثائق منهما بشأن دور قطر في تمويل أنشطة حزب الله.
وسيط بين قطر وجيسون
وذكرت صحيفتا «دي تسايت، برلينر تسايتونج» الألمانيتان في يوليو أن دبلوماسيًّا قطريًّا بارزًا في بروكسل كان على اتصال مع مايكل إيناكر، الرئيس التنفيذي لشركة WMP للعلاقات العامة، عمل كوسيط بين قطر وجيسون؛ لإخفاء دعم الدوحة المالي لحزب الله.
نفى إيناكر أن يكون متورطًا في محاولة؛ للتغطية على دعم قطري مزعوم للأنشطة الإرهابية.
بحسب تسجيل حصلت عليه (جيروزاليم بوست) لمحادثة بين جايسون، وإيناكر، تمت الإشارة إلى السفير القطري لدى بلجيكا عدة مرات خلال الحديث.
والتقى «جيسون» إيناكر عبر وسيط وكان مدير العلاقات العامة محل اهتمام مجتمع المخابرات الغربية؛ بسبب عمل WMP السابق لصالح النظام القطري.
وظل الخليفي حاضرًا في فعاليات الأعمال العربية الألمانية مع إيناكر، بينما كان الخليفي سفيرًا لدى ألمانيا.
لقاءات مثيرة للجدل
ذكرت صحيفة «برلينر تسايتونج»، الألمانية أنَّه من المفيد أن يبدو أن إيناكر كان على اتصال بدبلوماسي رفيع المستوى قطري في بروكسل.
أما صحيفة «دي تسايت»، الألمانية فذهبت إلى أنَّه في بداية عام 2019م في بروكسل، تناول إيناكر، وجاسون جي، والدبلوماسي القطري الغداء في بروكسل؛ لمناقشة تفاصيل صفقة بقيمة 750.000 يورو؛ لضمان صمت جاسون.
وكتبت صحيفة برلينر تسايتونج، أن المحادثة بين الرجلين كانت تتناول اتفاقية مشؤومة: وعرض مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى في قطر تقديم 750 ألف يورو مقابل عدم كشف المعلومات.
وأبلغ جايسون جي صحيفة «دي تسايت» قبل أسبوع أنه حصل في كل اجتماع على ١٠ آلاف يورو، ثم سلمه القطريون بعد ذلك ١٠٠ ألف يورو.
وفي بداية ٢٠١٩، وقع جايسون جي والدبلوماسي القطري مذكرة تفاهم، تنص على عمل جايسون كمستشار للدوحة لمدة عام، مقابل ١٠ آلاف يورو شهريا، فضلًا عن مدفوعات أخرى تحصلها في نفس الفترة.
تعهد بعدم الملاحقة
وتعهد القطريون لجايسون بعدم ملاحقته بتهم التجسس، وعدم مشاركة المعلومات الموجودة بالملف مع دول أخرى، ومنحوه مبالغ كبيرة منذ ٢٠١٧؛ للحصول على الملف الذي بحوزته، لكن بقيت المعلومات ونسخ منها معه.
ورفض جايسون، قبل أسابيع، التوقيع على (اتفاقية صمت)، مقابل الحصول على ٧٥٠ ألف يورو من الدوحة، وفق برلينر تسايتونج.
وكانت الاتفاقية تلزم جايسون بعدم الحديث عن الملف، وتنص على غرامة ضخمة في حال مخالفته الاتفاق.
ووفق برلينر تسايتونج، فإن المفاوضات لتوقيع صفقة الصمت تمت بوساطة مايكل إيناكير، وكان الاتفاق ينص على حصول الشركة على 300 ألف يورو من قطر حال نجاحها في إقناع جايسون جي بتوقيع الاتفاق.
وتواصل إيناكير مع شركة محاماة كبيرة في ألمانيا لمساعدة جايسون في صياغة وتوقيع اتفاقية الصمت مع قطر.
توقيع اتفاق
وأشارت الصحيفة إلى أنه وقع عقد اتفاق مع شركة المحاماة بالفعل يوم 18 مايو الماضي، لكن في 13 يوليو الجاري، أرسل جايسون جي رسالة عبر بريد إلكتروني إلى مكتب المحاماة، يبلغه فيها بتراجعه عن توقيع «اتفاق صمت» مع قطر مقابل 750 ألف يورو.
قبل أقل من أسبوع من توصل كل من إيناكر وجاسون إلى اتفاق؛ لتبييض دور قطر وتفادي شبهة دعم حزب الله، حظرت الحكومة الألمانية جميع أنشطة الحزب في الجمهورية الاتحادية.
بحسب سيرته الذاتية المنشورة، فإن هوايات الخليفي واهتماماته هي القراءة والرسم والمشاركة في المعارض بفرنسا هي: كمال الأجسام، الموسيقى الكلاسيكية، والصيد.
بحسب ما ورد أدلى الخليفي بتصريح معادٍ للسامية في اجتماع مع جايسون وإيناكر، يُذكر أن اليهود هم أعداء قطر، الأمر الذي لم تتلقَ صحيفة «جيروزاليم بوست» ردًا من قطر بشأنه.
برر جايسون رفضه التوقيع في تصريحات لصحيفة دي تسايت، بالقول إنه أبرم الصفقة الأولى مع القطريين؛ لأنهم تعهدوا بطرد ممولي حزب الله من أوساط السياسة والسلطة، لكنهم لم يفعلوا شيئًا، فتراجع عن الاتفاق.
قال إيناكر في بيان: «لم تشارك شركتنا في أي إخفاء للتعاون بين السلطات القطرية أو الشعب وحزب الله». وأضاف أن شركة العلاقات العامة WMP لجأت إلى الوكالات الألمانية المسؤولة لتقييم مواد من جايسون هناك وبالتالي استخدامها لمكافحة الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.
سر المحادثات
قال إيناكر: لم تتسلم شركة العلاقات العامة WMP أي مدفوعات من الوكالات الخاصة أو الحكومية في قطر. انتهت علاقة العملاء السابقة لمدة عامين في قطر منذ أكثر من ثلاث سنوات. ويرجى تفهم أننا لا نقدم أي معلومات بشأن محتوى المُحادثات.
قال مسؤول العلاقات العامة: حقيقة أن محادثة مع السفير في بروكسل كانت ستستخدم؛ لإخفاء معلومات بشأن الدعم القطري للجماعات الإرهابية المعادية لإسرائيل هي خيالية.
وتم تسليط الضوء على دور قطر في تمويل الإرهاب في عام 2014 من قبل وزير التنمية الألماني جيرد مولر، الذي اتهم قطر بتمويل إرهابيي تنظيم داعش، معتبرًا قطر المعادلة الرئيسية في تسليح وتمويل التنظيم.
وفقًا لمقال نشرته "دي تسايت"، الألمانية ، يلعب الدفاع عن إسرائيل ووجودها دورًا مهمًا في حياة إيناكر.
في التسجيل الصوتي الذي حصلت عليه (جيروزاليم بوست)، والذي يغطي محادثة مايو بين إيناكر وجيسون، يصف إيناكر حزب الله بأنه العدو الصريح لإسرائيل.
عندما سُئل كيف يوفق إيناكر بين تصريحاته المؤيدة لإسرائيل التي أبلغ عنها مع عمله المزعوم لملكية قط، قال لجيروزاليم بوست: يمكن لشركتنا أن تدعي أنها دافعت عن حماية وجود دولة إسرائيل في جميع الأوقات في تاريخها. كما تشعر الإدارة الحالية لشركة العلاقات العامة WMP بأنها ملتزمة بهذا المبدأ.