طرح أكبر بنكين في مصر، شهادات ادخار مرتفعة العائد، يوم 21 مارس الماضي، بعد ساعات قليلة من إعلان البنك المركزي المصري رفع الفائدة بنسبة 1%، إلا أن هذه الشهادات التي طرحها بنكا الأهلي ومصر بفائدة 18%، مكنت مصر من جمع 345 مليار جنيه (18.9 مليار دولار)، بحسب وسائل إعلام.
وأكد خبراء مصرفيون أن الهدف من الشهادات خفض السيولة النقدية لكبح جماح التضخم، وتعويض المدخرين عن ارتفاع التضخم، خاصة أن عائد الشهادات هو الأعلى في مصر.
وطرح بنك مصر، شهادة طلعت حرب الادخارية بمعدل عائد ثابت طوال مدة الاحتفاظ بالشهادة، بنسبة 18%، حيث تبلغ مدة الشهادة سنة ويصرف العائد بشكل شهري، ويتم احتساب المدة اعتبارا من يوم العمل التالي للشراء، وفتح البنك عددا من فروعه يومي العطلة (الجمعة والسبت) الماضيين، واتخذ البنك الأهلي نفس الخطوة بطرح شهادات مرتفعة العائد.
وأوضح الخبير المصرفي محمد عبد العال أن الهدف من إصدار البنوك الحكومية شهادات ادخار مرتفعة العائد، هو كبح معدل التضخم المحلي من خلال تخفيض السيولة النقدية في السوق خاصة لدى القطاع العائلي، وزيادة حجم تحويلات المصريين العاملين في الخارج لاستغلال العائد المرتفع للشهادات، مشيرا إلى أن توقيت طرح الشهادات تزامن مع قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بزيادة سعر الفائدة بنسبة 1%.
وعقدت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، اجتماعـا استثنائيا، يوم 21 مارس الماضي، ورفعت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.25% و10.25% و9.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75%.
وأكد عبد العال، في تصريحات لـ"CNN بالعربية"، أن شهادات الادخار نجحت في تحقيق الغرض منها؛ حيث شهد بنكا الأهلي ومصر إقبالا على شراء الشهادات، والتي سجلت 235 مليار جنيه في البنك الأهلي وحده، وهو رقم ضخم جدا خلال فترة قصيرة، مشيرا إلى أن الشهادات نجحت في جذب استثمارات أجنبية بديلة للاستثمار في أدوات الدين الحكومية، وكذلك استثمارات عربية مهتمة بالاستثمار في الجنيه المصري بعدما شهد الاقتصاد المصري تحسنا واضحا خلال الفترة الماضية.
وحقق الاقتصاد المصري نموا بنسبة 9% خلال النصف الأول من العام المالي 2021/2022، وهو أعلى معدل نمو نصف سنوي منذ بداية الألفية، مدعوما بالنمو الكبير في الربعين الأول والثاني.
وربط محمد عبد العال، وقف بيع شهادات ادخار بنكي الأهلي ومصر، بانخفاض معدل التضخم للمستويات المستهدفة من البنك المركزي حتى نهاية العام الجاري، سيتم وقف إصدار هذه الشهادات وطرح وعاء ادخاري بديل أقل منه في العائد أو إلغائه والعودة لعائد الوديعة بنسبة 11%.
وحول تأثير شهادات الادخار على معدل الاستثمار المحلي، أوضح عبد العال، أن شهادات الادخار تستهدف شريحة القطاع العائلي لجذب السيولة لديه لخفض معدل التضخم، من خلال تحقيق عائد 18% خلال عام، في المقابل فإن الشركات والمؤسسات الكبرى تميل للاستثمار في أدوات تحقق عائد ثابت خلال فترة قصيرة أقل من الشهادات حتى يمكنه إعادة استثمارها مرة ثانية في وعاء آخر.
ونصح الخبير المصرفي، الراغبين في الاستثمار في الشهادات البنكية، بتحديد احتياجاتهم قبل اتخاذ قرار شراء الشهادات، حيث يرى أن المستثمر قصير الأجل يفضل أن يستثمر في الودائع بنسبة 6%، أما المستثمر متوسط الأجل، فشهادات الادخار مناسبة لتحقيق عائد يصل إلى 18% خلال عام، فيما تناسب الشهادات ذات عائد 11% المستثمر طويل الأجل.
وقال هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، إن هناك سببين رئيسيين وراء إصدار البنوك الحكومية شهادات ادخار مرتفعة العائد، الأول هو امتصاص السيولة النقدية من السوق وهي عامل مؤثر في التضخم، الثاني تعويض المدخرين عن ارتفاع التضخم الذي يؤدى إلى تضاؤل القيمة الحقيقية للنقود فهذا الوعاء الادخاري يعوضهم نسبيا عن ارتفاع التضخم وتآكل مدخراتهم.
وبحسب بيان رسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 121.4 نقطة لشهر فبراير 2022، مُسجلا ارتفاعا قدره 2% عن يناير الماضي، وسجّل معدل التضخم السنوي في مصر نسبة 10% لشهر فبراير 2022 مقابل 4.9% لنفس الشهر من العام السابق.
وأضاف أبو الفتوح، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه لا يمكن الحكم ما إذا كانت الشهادات البنكية نجحت في تحقيق الغرض من طرحها من عدمه، فلم يمر على طرحها سوى 10 أيام، علاوة على أنه لم يحدد مستهدف الوصول إليه من هذه الشهادات، ولذا من المبكر الاستنتاج إذا كانت حققت عائدا من عدمه.
ويرى هاني أبو الفتوح أن الاستثمار في الشهادات البنكية بعائد 18% يعتبر أفضل الأوعية الادخارية في مصر في الوقت الحالي لأن سوق المال لا يتناسب المدخر الذي يبحث عن عائد ثابت أو الراغبين في عائد دوري يساعدهم على تكاليف المعيشة، ولذا تعتبر فرصة جيدة للراغبين في عائد مرتفع دون مخاطرة.