تتزايد التوقعات ببلوغ النمو الهائل في صناعة النفط الصخري الأمريكية ذروته، وبدأ نمو النفط الصخري الأمريكي خلال العام الجاري في كسر خط الاتجاه الصعودى لأسفل، وبالرغم من أن إنتاج النفط الأمريكي مستمر في النمو؛ لكن صناعة النفط الصخري تتباطأ بوضوح؛ حيث إن انخفاض أسعار النفط خلال الفترة الماضية والضغط المالي يبطئان من وتيرة الحفر.
وحتى لو لم يكن إنتاج النفط الأمريكي في خطر التدهور التام، إلا أن الإنتاج من النفط الصخري يتباطأ بوضوح. ويمكن أن تضيف الولايات المتحدة 1.3 مليون برميل يوميًا من الإمدادات الجديدة هذا العام، وفقًا لمتوسط توقعات العديد من المحللين، غير أن هذا الرقم سيكون أقل من 1.5 مليون برميل يوميًا من العرض الإضافي، الذي تم توفيره في عام 2018.
وكانت الزيادة في الصخر الزيتي، التي بلغت 1.5 مليون برميل في العام الماضي نقطة انعطاف غير متوقعة، فاقت التوقعات بكثير، مما عزز الإنتاج الكلي إلى 11 مليون برميل في اليوم، وتسببت القفزة في انخفاض الأسعار العالمية في أواخر العام الماضي، بينما رفعت الصادرات الأمريكية إلى مستوى قياسي بلغ 3.8 مليون برميل في يونيو الماضي.
وأضافت الولايات المتحدة نحو 246 ألف برميل يوميًا من الإمدادات الجديدة في أبريل الماضي، وهو الشهر الأخير الذي توافرت فيه بيانات قوية، بعد انخفاض الإنتاج في شهري يناير وفبراير من العام الجاري. وفي أبريل الماضي، ارتفع الإنتاج 1.6 مليون برميل يوميًا مقارنةً بنفس الشهر من العام السابق. ولكنه انخفض بشكل حاد عن الزيادة، التي بلغت 2.1 مليون برميل في اليوم على أساس سنوي في أغسطس 2018، والتي يبدو أنها ستكون الذروة من حيث سرعة النمو.
ويأتي معظم الإنتاج الأمريكي المتزايد من حوض بيرميان في غرب تكساس ونيو مكسيكو، وهو أكبر حقل صخري في الولايات المتحدة. وساعد ازدهار بيرميان في إنهاء وتيرة الانخفاض المستمر منذ عقود في إنتاج النفط الأمريكي، ودفع البلاد إلى أن تصبح أكبر منتج للنفط في العالم في عام 2018.
تراجع
وبعد أن حقق سبعة فقط من أصل 29 من منتجي النفط الصخري إيرادات من خلال العمليات الإنتاجية أكثر مما أنفقوه على عمليات الحفر، ودفع تعويضات المساهمين خلال العام الماضي. قال ماثيو كافينو محامي الإفلاس في شركة المحاماة جاكسون ووكر، إنه من المحتمل أن تبدأ موجة من عمليات إعادة تنظيم المنتجين وشركات الخدمات في أواخر الصيف.
وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط، في استطلاع أجراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس في يونيو الماضي، إنه يبدو وكأن هناك جولة أخرى من حالات الإفلاس وعمليات الدمج بين الشركات العاملة في مجال النفط الصخري، وذلك لأن معظم الحفارات الصخرية لا تزال غير مربحة.
وتقوم شركة Halliburton بتخفيض معدات تكسير القوى العاملة والرفوف الخاصة بها، وسط تباطؤ في صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة. كذلك خفَّضت الشركة النفقات الرأسمالية بنسبة 20% مع تباطؤ الطلب على خدماتها. وقالت شركة خدمات حقول النفط العملاقة «هاليبرتون»، إن إيراداتها تراجعت بنسبة 13% في الربع الثاني من العام الجاري، وقررت خفض القوى العاملة في أمريكا الشمالية بنسبة 8%.
وفي الوقت نفسه، تشير بعض المؤشرات الأخرى أيضًا إلى الضغط على صناعة النفط الصخري؛ حيث تراجعت الأعمال المتراكمة للآبار المحفورة غير المكتملة للشهر الرابع على التوالي في يونيو الماضي، والتي يرى المحللون أنها علامة على أن الباحثين يلجؤون إلى أي استراتيجية جديدة لاستكمال أعمال الحفر؛ كوسيلة لزيادة الإنتاج مع الحفاظ على غطاء التكاليف.
كذلك انخفض عدد منصات الحفر للنفط، وهو مؤشر على تناقص الإنتاج المستقبلي، خاصةً بعد أن خفضت شركات النفط الصخري ميزانيات الحفر في يونيو الماضي إلى أدنى مستوى في 16 شهرًا. وأسهم التدهور في نشاط الحفر والتنقيب عن النفط الصخري، في إغلاق الباب أمام ضخ رؤوس أموال جديدة في الصناعة. وكان «التأثير الأكبر» هو النقص السريع والمتسارع في اهتمام المستثمرين بالدخول في كل من قطاعات النفط والغاز التقليدي وغير التقليدي.
ذروة
وإحدى الحقائق الرئيسية هي أن خليج المكسيك وصل الآن إلى ذروته في إنتاج النفط. ولن يسهم إنتاج خليج المكسيك في أي نمو إضافي في إنتاج النفط الأمريكي. ووفقًا لمعظم التقديرات، سينخفض إنتاج النفط في خليك المكسيك إلى 1.85 مليون برميل في اليوم بحلول نهاية عام 2020؛ بسبب الانخفاض الطبيعي الراهن.
وقال بريان ليدزكي، كبير المديرين في شركة الأبحاث Drillinginfo، إن شركات التنقيب والإنتاج لم تُصدر علنًا أي أسهم لها هذا العام، ويتجه إصدار سوق السندات لتلك الشركات إلى أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات، ومُشيرًا إلى أن صناعة النفط الصخري الأمريكية تتجه لرسم «نموذج جديد» بعد عقد من رأس المال السهل، مضيفًا أن معدل النمو المتباطئ يساعد على توازن الطلب العالمي على النفط، وهو ما يساعد في دعم الأسعار.
وعود
نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تحليلًا جديدًا في 4 يوليو الجاري، يبحث في الوعود الفاشلة بتعبئة آبار أكثر قربًا لسطح الأرض. وكان يُعتقد أن تكثيف الحفر من موقع واحد، مع حفر عشرات الآبار على أعماق مختلفة، يؤدي إلى خفض التكاليف وزيادة الإنتاج. ولكن أثبتت حالات الاختبار أن تلك الوعود مخيبة للآمال.
ووفقًا لـ«وول ستريت جورنال»، فإن «تطوير المكعب» الخاص بشركة Encana ، والذي شهد حفر 33 بئرًا من موقع واحد، يسير على الطريق الصحيح لضخ نحو 300 ألف برميل من النفط على مدار 30 عامًا، أي نصف كمية النفط التي أعلنت الشركة عن إمكانية ضخها في أواخر عام 2017.
وتقدم نتائج اختبار Encana دليلًا إضافيًا على أن حفارات النفط الصخري لن يكونوا قادرين في نهاية المطاف على إنتاج أكبر قدر ممكن من النفط كما قالوا. وبالتالي قد تكون إمكانات النفط الصخري في الولايات المتحدة أقل إثارة للإعجاب، مما يعتقد معظم الناس. وعلى حد تعبير وول ستريت جورنال، فإن إنتاج الولايات المتحدة «قد يبلغ ذروته في وقت أقرب مما كان متوقعًا».
وفي غضون ذلك، فإن الشركات الأكبر حجمًا التي لديها مساحة ورأسمال وتكنولوجيا تلجأ إليها باستخدام تقنيات مختلفة، هي تلك التي يمكنها مواجهة العاصفة. بينما تواجه الشركات الأصغر حجمًا، التي تحتاج إلى رأسمال فوري لحفر الآبار، مشكلة أعمق بكثير.