الاقتصاد

انسحاب قطر من "أوبك".. هروب من "التزامات قادمة" ولعب فردي محدود الأثر

أسماء الخولي

أثار إعلان قطر، اليوم الاثنين، الانسحاب من عضوية منظمة الدول المُصدرة للبترول "أوبك"، تساؤلات عديدة، أبرزها يدور حول الأسباب والتداعيات.

وعلى الرغم من إرجاع قطر هذا الانسحاب إلى أسباب فنية واستراتيجية، فالمؤكد أن هناك ما هو أبعد من ذلك. وقد تعكس هذه الخطوة سياسات واستراتيجيات جديدة تتبناها الدوحة، وفق ما رأى خبراء ومحللون.

وبررت قطر انسحابها من" أوبك" برغبتها في التركيز على تنمية وتطوير صناعة الغاز الطبيعي. وقال وزير الدولة لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي، إن بلاده تعكف على تنفيذ الخطط التي تم إعلانها مؤخرًا لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المُسال من 77 إلى 110 ملايين طن سنويًّا.

وتُعد قطر من أكبر الدول المُنتجة للغاز الطبيعي المُسال في العالم. وحسب ما تشير تقارير دولية فإن الدوحة تراهن على تطوير الموارد الهائلة التي تسيطر عليها في المياه المحيطة بها، مستغلةً النمو الكبير في استهلاك الغاز الطبيعي عالميًّا.

انسحاب مُفاجئ
بانسحابها المفاجئ، أصبحت قطر أول دولة عربية تغادر "أوبك"، بعد أن كانت أول دولة تنضم لها عام 1961، أي بعد عام واحد من قيام 5 دول هي السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا، بتأسيس المنظمة.

ويقول إحسان خومان رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـS & P Global Platts Analytics: "إن هذا الانسحاب يشير إلى أن قطر قد يكون لديها جدول أعمال لزيادة إنتاجها، فيما يتجه آخرون في المنظمة اتجاهًا معاكسًا، رغم أن إنتاج قطر كان ثابتًا في السنوات الأخيرة".

تداعيات القرار 
وقال خبراء نفط ومحللون إن من غير المرجح أن يؤثر قرار قطر الانسحابَ من أوبك في أسواق الطاقة العالمية، لكنه يحمل دلالات رمزية إلى حد كبير.

وبالأرقام، تعتبر قطر واحدة من أصغر دول المنظمة إنتاجًا للنفط؛ حيث يبلغ إنتاجها نحو 600 ألف برميل يوميًّا، بما يُمثل 2% فقط من إجمالي إنتاج المنظمة، مقارنةً بأكثر من 10 ملايين برميل تنتجها السعودية أو 3 ملايين تنتجها الإمارات العربية المتحدة.

وتستهلك قطر من إنتاجها نحو 100 ألف برميل، ومن ثم يتم تصدير نحو 500 ألف برميل، بما يُمثل أقل من 7% من حجم صادرات النفط السعودية.

ويتفق الخبراء على أن تأثير القرار في قطر، سيكون سلبيًّا؛ ذلك لأن عضوية أوبك تُوفر لأصحابها مزايا تفضيلية في عقود التصدير والاستيراد مع الدولة المنتجة والمستهلكة على السواء، و"بالانسحاب تكون قطر قد اختارت العُزلة عن أكبر نادٍ لمُصدري النفط على مستوى العالم. ويعد هذا الخروج أحدث مثال على رسم قطر مسارًا بعيدًا عن جيرانها الخليجيين".

ومن المرجح أيضًا ألا يؤثر الانسحاب القطري في أسعار النفط، التي تعرضت لمزيد من التراجع في الأسابيع الأخيرة بسبب المخاوف من وفرة المعروض.

وتداول خام برنت (القياس الأوروبي) عند مستوى 61.21 دولار للبرميل، مرتفعًا نحو 3.44%، في حين يتداول خام غرب تكساس الوسيط عند 52.68 دولار، مرتفعًا بنسبة 2.94%.

وتراجعت أسعار النفط بأكثر من 25% منذ صعودها إلى أعلى مستوى في 4 سنوات في أوائل أكتوبر الماضي، وسط تصاعد المخاوف من زيادة المعروض والمخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي.

ويعزز هذا التوقع أن أعضاء أوبك ومنتجين من خارجها سيلتقون في فيينا الخميس المقبل؛ وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن خفض الإنتاج. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتم هذا الاتفاق أملًا في رفع الأسعار.

وستشارك روسيا و9 منتجين آخرون من خارج أوبك في المحادثات. وتتوقع S & P Global Platts Analytics أن يؤدي الاتفاق الجديد إلى انخفاض بمقدار 1.2 إلى 1.4 مليون برميل يوميًّا عن مستويات الإنتاج أكتوبر الماضي؛ ما يعني أن كل ما تنتجه قطر لن يؤثر كثيرًا في السوق العالمية.

مرر للأسفل للمزيد