الاقتصاد

الاقتصاد القطري يدفع الثمن مجددًا.. صعوبة في التصدير وتباطؤ الاستيراد

الميزان التجاري يفقد مليار ريال قطري خلال شهر..

فريق التحرير

تعاني قطر كثيراً من الصعوبات المتزايدة التي يواجهها قطاع التصدير، وبالرغم من التحسن في أسعار النفط العالمية، الذي من المفترض أن يؤدي بالتبعية إلى زيادة قيمة الصادرات، يتراجع فائض الميزان التجاري القطري كنتيجة مُباشرة لتراجع قيمة الصادرات، وسط الصعوبات المتزايدة التي تواجهها الدوحة في قطاع التصدير، بسبب نتائج المقاطعة العربية المستمرة منذ عام 2017، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة النقل، مع تراجع خطوط الشحن وإغلاق سُبل الملاحة.

تباطؤ التجارة

وسجل الميزان التجاري للبضائع الأجنبية في قطر فائضاً بلغ 12.8 مليار ريال قطري في مارس الماضي، بانخفاض قدره 0.5 مليار ريال قطري أو ما يعادل 4.1% مقارنة بشهر مارس من العام الماضي، منخفضاً بنحو مليار ريال قطري بما يعادل 7.4% مقارنة بشهر فبراير 2019.

وفقًا للأرقام الأولية الصادرة عن هيئة التخطيط والإحصاء، بلغ إجمالي صادرات البضائع (بما في ذلك صادرات السلع ذات المنشأ المحلي وإعادة التصدير) حوالي 22.3 مليار ريال في مارس الماضي، مما أظهر انخفاضًا بنسبة 6.3% مقارنة بشهر مارس 2018.

وعلى النهج ذاته، بلغت واردات السلع في مارس الماضي حوالي 9.6 مليار ريال، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 9% مقارنة بشهر مارس من العام الماضي.

ويرجع الانخفاض في إجمالي الصادرات على أساس سنوي (بشكل أساسي) إلى انخفاض صادرات المواد البترولية وغيرها من الهيدروكربونات الغازية (الغاز الطبيعي المسال والمكثفات والبروبان والبيوتان، وغيرها)، التي بلغت 13.5 مليار ريال قطري تقريبًا في مارس الماضي.

المقاطعة الاقتصادية

وتواجه قطر صعوبات اقتصادية مُتزايدة منذ أن فرضت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والبحرين ومصر والإمارات) مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية في يونيو 2017، في ظل الاتهامات الموثقة التي تكشف ضلوع النظام القطري في دعم الإرهاب.

وقبل المقاطعة العربية، تشير التقديرات إلى أن نحو 60٪ من واردات قطر كانت تأتي من دول المقاطعة، لا سيما الإمدادات الغذائية، وكانت قطر في المقابل، تعتمد بشكل كبير على إعادة التصدير (سلع من جميع أنحاء العالم تم إرسالها لأول مرة إلى موانئ في الدول المجاورة) مثل دبي في الإمارات العربية المتحدة، قبل أن يتم شحنها إلى قطر على متن سفن أصغر، والآن تفتقد قطر بصورة شبه كلية إلى صناعة إعادة التصدير التي كانت تُدعم للاقتصاد.

محاولات فاشلة

وفي محاولة لتعزيز الاستثمار في الخارج في قطر، أعلنت الحكومة عن إصلاحات اقتصادية متعلقة بقوانين العمل والخصخصة والمناطق الاقتصادية الخاصة وحدود الملكية الأجنبية الأعلى التي تقول إنها ستجعل الاستثمار والعمل في البلاد أكثر سهولة، لكن لا يزال الكثيرون غير مقتنعين بتلك الإصلاحات، مع وجود مشاكل هيكلية قد تثبط نشاط الاستثمارات الأجنبية على نطاق واسع، وذلك مع تزايد مستوى البيروقراطية في قطر، وبالتالي ترتفع الأسعار بشكل كبير في ظل محدودية المنافسة في الأسواق المحلية.

كذلك دفع توجه قطر خلال العام الحالي لأسواق الدين العالمية -السندات والصكوك وأذونات الخزانة- إلى زيادة وهمية في أصول قطر الاحتياطية بالنقد الأجنبي خلال مارس الماضي، وفعلياً سجل المعروض النقدي في قطر هبوطاً حاداً خلال مارس الماضي على أساس سنوي، بقيمة بلغت 25.6 مليار ريال (سبعة مليارات دولار)، في وقت يشهد فيه القطاع المصرفي هبوطاً حاداً في السيولة النقدية.

ويقصد بالمعروض النقدي، تلك الأموال المتداولة خارج البنوك ومتاحة للمواطنين في شكل ودائع التوفير، أو جارية لدى البنوك بالعملة المحلية أو الأجنبية، وارتفاع المعروض النقدي يعني أن الأوضاع الاقتصادية تسير بشكل جيد بينما الهبوط يعني أن هناك صعوبات اقتصادية دفعت لتقليص هذه الأموال بين أيدي المواطنين مثل البطالة، أو تراجع الأجور، أو عدم استحداث وظائف جديدة، أو تراجع الاستثمار.

وتجدر الإشارة إلى أن قطر تواجه أزمة متصاعدة في شح السيولة منذ المقاطعة العربية في 2017 وارتفعت حدتها منذ النصف الثاني من العام الماضي، وهو ما دفع الحكومة والبنوك للتوجه إلى أسواق الدين العالمية للحصول على السيولة اللازمة لدعم النمو الاقتصادي، وفي وقت سابق من مارس الماضي، أعلنت وزارة المالية القطرية أنها أصدرت سندات بقيمة 12 مليار دولار في الأسواق المالية العالمية، موزعة على ثلاثة قطاعات بفترة استحقاق تتراوح من خمس إلى 30 سنة.

تحديات متزايدة

وأثر تدهور مؤشرات الاقتصاد القطري على عدد من القطاعات الرئيسة، وفي مقدمتها قطاع التأمين؛ حيث سجلت العديد من شركات التأمين المدرجة في بورصة الدوحة تراجعات حادة في الأرباح، متأثرة بارتفاع المخاطر من جهة، وتراجع أنشطتها من جهة أخرى.

ويعتبر القطاع التأميني أحد أهم القطاعات المتضررة من تبعات المقاطعة بسبب تراجع أنشطة الملاحة والتجارة البرية والبحرية والجوية، التي تستلزم التأمين عليها.

وأظهرت إفصاحات الشركة القطرية العامة للتأمين وإعادة التأمين للربع الأول هبوطاً حاداً في صافي الأرباح بنسبة بلغت 63% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي 2018. كذلك أظهرت البيانات المالية المُعلنة عن مجموعة الدوحة للتأمين، تراجعاً في الأرباح بنسبة 36.8% خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع الفترة المقابلة من 2018.

ولم تتأثر شركات التأمين وحدها بالتراجع الاقتصادي في قطر، حيث فقدت شركة أوريدو القطرية، المشغل الرئيس لخدمات الهاتف في قطر، نحو 14% من صافي أرباحها إلى 420.4 مليون ريال (115.55 مليون دولار) بالربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ486 مليون ريال (133.5 مليون دولار) في الربع الأول من 2018.

وجاء التراجع في الأرباح والإيرادات، نتيجة الانخفاض في عدد مشتركي الشركة في بعض أسواقها؛ ما أثر على عملياتها التشغيلية وأدائها في الربع الأول 2019.

وكشف إفصاح الشركة عن تراجع عدد العملاء الموحد في مختلف أسواقها، ليبلغ نحو 112 مليون عميل، مقارنة بأكثر من 151 مليون عميل في الربع الأول من العام الماضي.

وفقدت الشركة نسبة كبيرة من العملاء في إحدى أهم أسواقها، وهي إندونيسيا، بنسبة تراجع بلغت 45% إلى 53.3 مليون عميل حتى نهاية الربع الأول 2019 مقارنة بـ96.2 مليون عميل في الفترة المقابلة من 2018.

مرر للأسفل للمزيد