تطلُّ جبال سلا الواقعة شرق محافظة العارضة، بصفتها إحدى أبرز اللوحات الطبيعية البكر في منطقة جازان، إذ تختزنُ بين تضاريسها تفاصيل الجمال الأخّاذ، الذي يتجلى في كل زاويةٍ من زواياها، لتبدو لوحةً فنيةً نسجتها الطبيعة بريشة المطر ولمسة الضباب، وتبوحُ لزائرها بردائها الأخضر الوارف، وصوت طيورها المغرِّدة، في مشهدٍ يأسر الألباب ويمنح شعورًا بالهدوء والسكينة.
وتمتازُ جبال سلا، التي ترتفع نحو (1800) مترٍ عن سطح البحر، بأجوائها الجميلة، إذ تتساقط الأمطار الغزيرة على مدار العام، لتغذي الأودية المتدفقة، كوادي "الروغ"، الذي تتخلله شلالاتٌ عذبةٌ دائمة الجريان، تعكسُ حيوية الطبيعة وسحرها.
وتشتهرُ الجبال بزراعاتٍ محليةٍ متنوعةٍ منها السفرجل المزروع بكمياتٍ وفيرةٍ، إلى جانب مزارع البن والباباي، وأشجار الحُمَرِ (التمر الهندي)، والنباتات العطرية، ومحاصيل الذرة، التي تضفي على المكان طابعًا ريفيًا نابضًا بالحياة.
وتبرزُ في سفوح جبال سلا وممراتها المباني القديمة بتصاميمها الحجرية الأصيلة، شاهدةً على تاريخٍ معمورٍ بالحضارة والمهارة، ومن أبرزها "المجلس الصخري" في قرية المعقَرة، الذي حوله أحد الأهالي إلى منزلٍ منحوتٍ في الصخر بإتقانٍ هندسيٍّ فريدٍ، يجسّد حرفية الإنسان الجيزاني في التعامل مع الطبيعة، ليصبح مزارًا سياحيًّا في قلب الطبيعة، تحيطُ به مدرجاتُ البن الخضراء والمزارع البهية.
ويتبعُ جبال سلا عددٌ من القرى مثل: السَّلمين، والظهراني، والعباسية، وغيرها من القرى التي تمتازُ بطبيعتها ومطلاتها الساحرة، وتنوّعها النباتي الغني.
وتزدادُ جبال سلا جمالًا مع تساقط الأمطار الغزيرة، وركام السحاب، وعناق الضباب للأرض، مما يشكّل منظرًا جماليًّا إبداعيًّا يسرُّ الناظرين.
ولا يقتصر جمالها على مناظرها الخلّابة، بل يتجاوز ذلك ليعكس روح الطبيعة وتجدد الحياة في كل فصل من فصول السنة، فكل قطرة مطر تضيفُ لمسةً جديدةً، مما يجعلنا نشعر بعظمة الخالق في خلقه، ويغمُرنا إحساسٌ بالأمل والتجدد في كل مرة ننظر فيها إلى هذا المشهد الرائع.