مدارات عالمية

ترامب يتجه لإنهاء «اتفاق المناخ»: «يضيق علينا.. لا يعاقب الأجانب.. أمريكا أولًا»

تنفيذ الانسحاب يستغرق عامًا كاملًا.. وتحذير من العواقب

فريق التحرير

استبق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، موعد حسم الموقف الأمريكي المتعلق بالبقاء أو الخروج من اتفاق باريس للمناخ، بالإعلان عن خططه للانسحاب من الاتفاق، وهو القرار الذي سيستغرق تنفيذه في حال الانسحاب عامًا كاملًا، أي بعد يوم واحد من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، المقررة في الثالث من نوفمبر 2020.

وتحدث -خلال مؤتمر عن الطاقة في بيتسبرج- عن نية بلاده للانسحاب من الاتفاق المناخي الدولي الموقع عام 2015، وأوضح ترامب، الذي وقف على المنصة مع عشرات العاملين في إنتاج الغاز الطبيعي والنفط الخام، عن أن «اتفاق باريس يضيق على المنتجين الأمريكيين من خلال قيوده التنظيمية المبالغ فيها بشكل لا يصدق، ويسمح للمنتجين الأجانب بالتلويث دون عقاب».

وفيما قال إنه ينوي «تخفيف الإجراءات التنظيمية التي تحكم صناعات الطاقة.. لن نعاقب الشعب الأمريكي حين يراكم الملوثون الأجانب الثروات.. أمريكا أولًا»، فقد قال معارضون للانسحاب من الاتفاق، إنه «يضر بريادة الولايات المتحدة العالمية في التحول إلى اقتصاد أقل تلويثًا للبيئة بتكنولوجيات تعزز استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات المتقدمة والحفاظ على الطاقة...». بحسب رويترز.

وقالت رئيسة مركز التقدم الأمريكي، نيرا تاندين، وهو مركز دراسات ليبرالي: «هذه الخطوة تضعف أمريكا على الساحة الدولية وتجعلها تتخلى عن الريادة في مسألة تغير المناخ وتحديات أخرى لصالح دول مثل روسيا والصين»، وعادة ما يتباهى ترامب بالانسحاب بالفعل من الاتفاق لكن موعد القيام بذلك بشكل رسمي لم يحل بعد. وبناءً على شروط الاتفاق يمكن لترامب إرسال خطاب يوم الرابع من نوفمبر للأمم المتحدة لبدء حساب الفترة الزمنية لانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق المناخ.

تحذير

وفي سبتمبر الماضي، حذّرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والمدعومة من الأمم المتحدة، من كارثة مترتبة على تأثر محيطات وأنهار وكتل جليدية وثلجية بـ«انبعاثات الكربون»، وأوضحت أنه «إذا أخفق العالم في الحدّ من انبعاثات الكربون المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري» فإنَّ العواقب ستكون وخيمة، وقالت أحدث دراسة علمية في هذا الشأن: «سيتأثر نحو 670 مليون شخص، ممن يعيشون في مناطق جبلية مرتفعة على الأنهار الجليدية ويعتمدون عليها في توفير احتياجاتهم من إمدادات المياه، غير أن تغير المناخ سيتسبب في انكماش تلك الأنهار بشكل سريع، عبر ذوبان تلك الأنهار وحدوث زيادة مؤقتة في إمدادات المياه، لكنها ستجف في النهاية».

وتمَّ رصد هذه الظاهرة في آسيا وجبال الألب الأوروبية وألاسكا، وسط توقعات بأن «تفقد أنهار جليدية أصغر في أماكن مثل شرق إفريقيا وجبال الأنديز الاستوائية وإندونيسيا أكثر من 80% من كتلتها الجليدية الحالية بحلول عام 2100 إذا استمرت الانبعاثات بالوتيرة ذاتها، بينما يتسبب تغير المناخ، في ارتفاع درجات حرارة الأرض وبالتالي توسع المحيطات، ومن ثم زيادة منسوب مياه البحار...».

انخفاض

ومع افتراض أنَّ انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ستنخفض بشكل حاد، وأن متوسط ارتفاع درجة حرارة الأرض سيبلغ أقل من درجتين مئويتين كما تقضي اتفاقية باريس الموقعة عام 2015، فعندئذ يمكن أن يقتصر ارتفاع منسوب مياه البحار على ما بين نحو 30 و60 سنتيمترًا بنهاية القرن، لكن إذا استمرَّت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الزيادة بقوة فإن الارتفاع في منسوب مياه البحار قد يصل إلى ما بين 60 و120 سنتيمترًا بحلول عام 2100.

في حالة استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري فسيحدث مزيد من العواصف العاتية التي كانت تحدث مرة كل مئة عام فيما مضى، وستهب سنويًا بحلول منتصف القرن في مناطق كثيرة، الأمر الذي سيزيد المخاطر بالنسبة للعديد من المدن الساحلية المنخفضة والجزر الصغيرة، كما سيتسع نطاق المخاطر نتيجة لزيادة شدة وحجم العواصف وتنامي معدلات هطول الأمطار وهبوب الأعاصير المدارية، لاسيما إذا ظلّت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مرتفعة.

حرارة

وتمتص المحيطات، حتى الآن، أكثر من 90% من الحرارة الزائدة في نظام المناخ، لكن بحلول عام 2100 ستمتص المحيطات حرارة تزيد بما يصل إلى مثلي وحتى أربعة أمثال ما كانت تمتصه بين عام 1970، وحاليًا إذا اقتصر الارتفاع في درجة حرارة الأرض على درجتين مئويتين، وبما يصل إلى خمسة وحتى سبعة أمثال في حالة وجود انبعاثات أعلى.

ويؤثر ارتفاع درجة حرارة المحيطات وتحمضها وفقدان الأكسجين والتغيرات التي تطرأ في إمدادات المغذيات سلبيًا وبشدة على أنظمة البيئة البحرية، يأتي هذا فيما تضاعفت وتيرة موجات الحر البحرية منذ عام 1982 ويتوقع أن تزداد سوءًا. ومن المتوقع أن تحدث أكثر 20 مرة مع ارتفاع درجة الحرارة بمعدل درجتين مئويتين مقارنة بمعدلات ما قبل عصر الصناعة، وإذا واصلت الانبعاثات في الزيادة بقوة فستحدث موجات الحر البحرية 50 مرة أكثر من المعتاد.

وينخفض الجليد البحري في القطب الشمالي ​​في كل شهر على مدار العام ويقل سمكه، وإذا استقر الارتفاع في درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة، فسيكون المحيط المتجمد الشمالي خاليًا من الجليد في شهر سبتمبر أيلول، وهو الشهر الذي يشهد أقل كمية جليد، مرة واحدة كل مئة عام. وإذا بلغ ارتفاع درجة حرارة الأرض درجتين مئويتين فستحدث هذه الظاهرة ما يصل إلى مرة في السنة كل ثلاث سنوات.

اختفاء

ويذوب الجليد الدائم الذي تجمد على مدى سنوات عديدة، وحتى إذا اقتصر ارتفاع درجة حرارة الأرض على أقل من درجتين مئويتين، فإنَّ نحو 25 % من الطبقة العليا من الجليد الدائم في العالم ستذوب بحلول عام 2100، لكن إذا استمرَّت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الزيادة بقوة فمن الممكن أن تختفي نحو 70% من هذه الطبقة الجليدية العليا السرمدية.

ويحتوي الجليد الدائم في القطب الشمالي على كميات هائلة من الكربون القديم التي يمكن أن تزيد بدرجة كبيرة من تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي في حالة ذوبان الجليد.

وأكدت دراسة أجراها مركز الأبحاث البيئية وتطبيقات الغابات في إسبانيا «Creaf-UAB»، في يونيو الماضي، أن الجفاف المرتبط بتغير المناخ قد يؤدي إلى الحد من التنوع البيولوجي للكائنات الحية في التربة، وإبطاء تحلل الأوراق المتساقطة، مما قد يعرض العناصر الغذائية النباتية للخطر في جميع أنحاء أوروبا.

وأجريت الدراسة، التي نشرت في مجلة «Global Change Biology»، في 54 قطعة أرض بها نباتات طبيعية تقع في المملكة المتحدة وهولندا والدنمارك والمجر وإسبانيا وإيطاليا؛ حيث قام الباحثون بمحاكاة اثنين من آثار تغير المناخ على مدار أربع سنوات: أمطار أقل وارتفاع في درجات الحرارة في كل مرة.

محاكاة

ولمحاكاة الحد من هطول الأمطار، قام الباحثون في بعض المخططات بتركيب لوحة قماشية ممتدة تلقائيًا في حالة المطر، وإخراج جزء من الماء الذي سقط خارج قطعة الأرض، ولمحاكاة الزيادة في درجة الحرارة في المخططات الأخرى وضعوا لوحة قماشية عاكسة تمتد كل ليلة للحد من فقدان الحرارة.

وقدَّر الباحثون مدى سرعة تحلل فضلات أوراق الشجر، وقاسوا في نهاية أربع سنوات تنوع الكائنات الحية في التربة التي تسمى «الزنبركات»، والتي تشارك بشكل مباشر في التحلل، وقارنوا نتائج هذه العوامل مع تلك التي لم يتم تطبيقها، وكانت النتيجة هي أنه كلما زاد الجفاف، انخفض تنوع الزنبرك وتباطأ تحلل النبات الذي يقع على الأرض.

عواقب

وقال جويل بيجويرو الباحث الرئيسي في الدراسة: «على الرغم من أننا درسنا هذا التأثير في قطع النباتات الطبيعية، فمن المحتمل جدًا حدوثه أيضًا في النظم البيئية الزراعية؛ لأن المناخ هو نفسه بالنسبة للجميع، بحيث يمكن أن يكون للتأثير المتسلسل في النهاية عواقب على قدرتنا على إطعام أنفسنا».

وقد رأى الباحثون أيضًا أن الجفاف لا يقلل فقط من عدد أنواع «الكوليمبولانات» الموجودة في التربة، ولكن الأنواع التي تقاوم ترتبط ارتباطًا تطوريًا أكثر ببعضها البعض، وأضاف بيجويرو: «بما أن الأنواع ذات الصلة تؤدي عادة وظائف مماثلة داخل النظام البيئي، فإن ما حدث في محاكاتنا يمكن مقارنته باختفاء بعض المهن في مجتمع بشري»، وخلص بيجويرو إلى القول: «الشيء المهم هو أن ندرك أنه في ظل أقدامنا يعيش عالم من الحياة نعتمد عليه بالكامل ويعاني أيضًا من تغير المناخ، لقد بدأنا للتو في التحقيق».

تأثر

وقال مدير إدارة أسواق النقد والمال لدى صندوق النقد الدولي توبياس أدريان؛ منتصف الشهر الجاري، إن «الصندوق يدرس تأثيرات المناخ في أسواق المال العالمية، وما إذا كان محسوبةً في تقييمات السوق»، مشيرًا إلى أن «الصندوق يعمل على تقييم مخاطر المناخ ومدى حسابها في الأسعار بأسواق الأسهم والسندات.. سندرس أسواق الأسهم في كل دولة على حدة، ثم ننتقل إلى القطاعات»؛ حيث كانت التكلفة المالية لتغير المناخ مثار مناقشات عديدة داخل الصندوق خلال اجتماعات هذا الأسبوع.

وتابع أدريان: «يزداد وعي الناس بهذه المسألة.. ثمة حاجة ملحة بخصوص المناخ وهذا جديد.. من المأمول أن يركز الناس على ذلك، لكن تركيزهم مدفوع ببواعث قلق. أن يصبح ذلك موضوعًا كبيرًا في صندوق النقد هو أمر له دلالته.. المناخ يشكل مخاطر قصيرة الأجل على بعض الاقتصادات، مثل جزر البهاما التي ضربها الإعصار دوريان في سبتمبر، لكن المخاطر على معظم الاقتصادات طويلة الأجل»، حيث يخشى مستثمرون من أن مخاطر المناخ مقدرة بأقل من قيمتها الحقيقية في الأوراق المالية المعززة برهون عقارية سكنية؛ وذلك في ظل انكشافها على نقاط مناخية ملتهبة مثل تكساس وفلوريدا.

مرر للأسفل للمزيد