حذرت معلومات، اليوم الثلاثاء، من أن الرئيس الأمريكي المحتمل، جو بايدن، سيمنح «قبلة الحياة»، لتنظيم القاعدة الإرهابي، عبر سياسة الاسترضاء والاحتواء التي ينتوي تبنيها تجاه النظام الإيراني، بحسب قال موقع «مينا ووتش»، البحثي النمساوي، كون النظام الإيراني يرتبط بعلاقات وثيقة مع ميليشيات مسلحة في المنطقة، وجماعات إرهابية عتيدة.
وتشير 470 ألف وثيقة نشرتها وكالة المخابرات المركزية أواخر عام 2017 إلى صلات وثيقة بين النظام الإيراني والقاعدة. وقد سبق وأن نصح الزعيم السابق للتنظيم الإرهابي، أسامة بن لادن، أنصاره باحترام الحكومة الإيرانية، وكتب أن إيران هي الشريان الرئيسي للتنظيم من أجل المال والموظفين والاتصالات.
وتابع موقع «مينا ووتش»: قد يحاول البعض إقناع الجميع بأن إيران والقاعدة أعداء لأن الحكومة الإيرانية شيعية والقاعدة سنية، لكن هناك أدلة على تعاون وثيق بينهما، وفق معلومات استخباراتية، حيث وقع هجوم على نائب زعيم القاعدة، عبد الله أحمد عبد الله (المعروف باسم أبو محمد المصري)، في 7 أغسطس الماضي، أسفر عن مصرعه مع ابنته (أرملة حمزة، نجل زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن)، على يد عميلين إسرائيليين يتصرفان بأمر من الولايات المتحدة، وسط شوارع طهران.
و«أبو محمد المصري»، الذي كان من المرجح أن يخلف زعيم القاعدة الحالي، أيمن الظواهري، متورط في تفجيرات عام 1998 على سفارتين أمريكيتين في إفريقيا، وقد حاولت السلطات الإيرانية في البداية التستر على وفاته، على ما يبدو لأنها كانت تفضل عدم الكشف عن أي صلة لها بالقاعدة، خاصة أنه من المرجح أن تكون المؤسسة الدينية الإيرانية قد زودت «أبو محمد المصري»، بالوسائل اللازمة لتنفيذ مخططاته ضد الولايات المتحدة.
وجاءت الأدلة في هذا الاتجاه من المتحدث السابق باسم الحرس الثوري الإيراني، سعيد قاسمي، الذي أدلى بتصريح مفاجئ، قال فيه إن الحكومة الإيرانية أرسلت عملاء إلى البوسنة والهرسك لتدريب أعضاء القاعدة، وأن عملاء طهران يخفون هوياتهم من خلال التظاهر بأنهم عاملين في المجال الإنساني لصالح الهلال الأحمر الإيراني، وأكد هذه الرواية مسؤول إيراني آخر، هو حسين الله كرم ، الذي يُعتقد أنه أحد العملاء الذين تم إرسالهم إلى البوسنة والهرسك، قائلا: كان هناك فرع للقاعدة في البوسنة والهرسك، وهذا مرتبط بنا من نواح كثيرة، حتى عندما تدربوا في معسكراتهم الخاصة، انضموا إلينا في أنشطة مختلفة، مثل التدريب على الأسلحة.
وسافر أعضاء القاعدة إلى لبنان لتلقي تدريب أكثر تطورا، وبحسب الوثائق، فإن إيران زودت القاعدة بالمال والسلاح وكل ما تحتاجه وعرضت عليهم التدريب في معسكرات ميليشيات حزب الله في لبنان، مقابل شن هجمات على المصالح الأمريكية في السعودية، كما تورطت إيران في هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، حيث سمحت قبلها لأعضاء القاعدة بعبور إيران بدون جوازات سفر أو تأشيرات.
وتشير أدلة قوية (لا سيما حكم المحكمة الفيدرالية الأمريكية)، إلى أن إيران قدمت دعمًا ماديًا ومباشرًا لإرهابيي الحادي عشر من سبتمبر، وقد سافر ثمانية من الخاطفين عبر إيران قبل وصولهم إلى الولايات المتحدة، وقدمت طهران دعمًا ماليًا ولوجيستيًا وذخيرة لقادة القاعدة، وآوت العديد منهم مقابل شن هجمات على المصالح الأمريكية.
ويبرر الموقع النمساوي التحالف بين إيران والقاعدة بأن كلاهما يعتبران الولايات المتحدة عدوهم الرئيسي، وقد نفذت الجماعة الإرهابية ضده عدة هجمات إرهابية ناجحة، كما تشكل القاعدة أيضا خطرا على دول الخليج التي تعتبرها إيران منافسة إقليمية، بالإضافة إلى ذلك، فإن أسلوب عمل القاعدة مصمم لزعزعة استقرار المنطقة وخلق الفوضى، التي تعد بيئة مثالية يمكن استغلالها والاستفادة منها من قبل النظام الإيراني والحرس الثوري ووكلائهم وميليشياتهم.
وفرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على الحرس الثوري الإيراني وصنفته على أنه منظمة إرهابية أجنبية في أبريل 2019، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الحرس الثوري الإيراني يشارك بفاعلية في الإرهاب ويموله ويروج له كوسيلة لزعزعة سلطة الدول، وبالتالي فإن الحرس الثوري هو أهم وسيلة للحكومة الإيرانية لتوجيه وتنفيذ حملتها الإرهابية العالمية، وربما يكون التحالف بين إيران والقاعدة هو السبب أيضًا وراء تنفيذ التنظيم الإرهابي لهجمات في العديد من البلدان دون استهداف النظام الإيراني مطلقًا.
من ناحية أخرى، ترتكز سياسة بايدن تجاه النظام الإيراني على فكرة أن السياسة الوحيدة السليمة والفعالة التي يمكن أن تتوافق مع المؤسسة الدينية الإيرانية هي كسر العزلة، بمعنى آخر، الاسترضاء. وبالتالي ففي رأيه أن المهادنة ستدفع الملالي لتغيير سلوكهم الخبيث والتخلي عن دعمهم للجماعات الإرهابية مثل القاعدة، لكن العكس هو الصحيح، فعندما رفعت العقوبات عن إيران في عهد إدارة أوباما، سرعان ما اتضح أن هذا لم ينتقص من وحشية إيران تجاه شعبها أو مغامراتها في الخارج ، بل منحهم شرعية عالمية تجاه المجتمع الدولي.
هذه الشرعية الجديدة ورفع العقوبات ضخت مليارات الدولارات في خزائن الجيش الإيراني، والحرس الثوري الإسلامي، والميليشيات الإيرانية والجماعات الإرهابية. واستخدمت طهران هذا الدخل لتوسيع نفوذها عبر المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق واليمن ولبنان، ومن ثم تحولت حملة التوسع إلى نجاح هائل، وعليه فإذا اتبع جو بايدن بصفته الرئيس الأمريكي القادم نفس السياسة التي اتبعها الرئيس السابق باراك أوباما، فلن يقوي هذا النظام المستبد لطهران فحسب، بل سيعزز أيضًا حلفائه والمنظمات الإرهابية مثل القاعدة.