مدارات عالمية

على غرار ليبيا.. هل تخطط تركيا لتجنيد مرتزقة سوريين للقتال في أرمينيا؟

بعد دعم أنقرة لأذربيجان..

فريق التحرير

أكدت تقارير إخبارية أن تركيا جندت عدة مئات من اللاجئين السوريين، للقتال ضد أرمينيا في إقليم ناجورنو كاراباخ المتصارع عليه مع أذربيجان التي تدعمها أنقرة.

وزادت تركيا من حدة خطابها التهديدي ضد أرمينيا في الأيام الأخيرة، مدعية أنها «تلعب بالنار» وأن أرمينيا جندت «إرهابيين».

يبدو أن الخطاب الجديد هو وسيلة أنقرة لتبرير أزمة جديدة والتورط في القوقاز، ما قد يؤدي إلى تجنيد السوريين كما فعلت لخوض حربها الأخيرة في ليبيا.

وتقوم تركيا منذ سنوات بتجنيد المتمردين السوريين كوسيلة لاستمالتهم وتحويلهم إلى أداة للسياسة الخارجية التركية.

في البداية تحت راية الجماعات المدعومة من تركيا مثل فيلق الشام ثم لاحقًا مثل الجيش السوري الحر والجيش الوطني السوري، وبدعم من أنقرة، حشدت تركيا آلاف السوريين الفقراء للقتال في جرابلس في عام 2016.

وفي وقت لاحق أرسلت تركيا عشرات الآلاف من السوريين للقتال ضد الأكراد السوريين في عفرين كوسيلة لتقسيم واحتلال شمال سوريا.

وشجعت أنقرة التطرف في صفوف مجنديها، ومعظمهم من العرب والتركمان، لاستهداف الأقليات الكردية واليزيدية والمسيحية في شمال سوريا بين عامي 2018 و2019.

وأرسلت تركيا السوريين للقتال في ليبيا؛ حيث وقع الحزب الرئيسي في أنقرة اتفاقية مع حكومة طرابلس للحصول على حقوق الطاقة والقواعد العسكرية.

في الوقت الحالي الحزب الحاكم في تركيا قد يستهدف أرمينيا؛ حيث اعتاد على خلق أزمات دولية جديدة. في العام الحالي أشعلت أنقرة عدة أزمات: في إدلب في فبراير ومارس ثم في ليبيا في أبريل ومايو، ثم العراق في يونيو ويوليو، واستمرت في تهديد اليونان في شرق البحر المتوسط في أغسطس وسبتمبر. في غضون ذلك، وعدت أنقرة بدعم أذربيجان في الاشتباكات الأخيرة مع أرمينيا.

وقدم مصدر سوري صورًا ومقاطع فيديو لحافلات يُزعم أنها يوجد بها مرتزقة سوريين جندتهم تركيا وأرسلت إلى أرمينيا يوم الأربعاء الماضي.

وتفيد المزاعم بأن هؤلاء السوريين الذين جندتهم أنقرة على صلة بمن ارتكبوا جرائم في عفرين وتل أبيض التي تحتلها تركيا.

مؤخرًا، اتهمت الأمم المتحدة تركيا والجماعات المدعومة من تركيا بارتكاب عمليات اغتصاب ونهب في المناطق المحتلة بشمال سوريا.

وفي تقرير صادر عن كبير المفتشين العامين للولايات المتحدة، اتهم الجماعات المدعومة من تركيا في ليبيا بارتكاب جرائم مماثلة.

ويقول المصدر السوري «غسلوا أدمغتهم لارتكاب جرائم حرب».

وبحسب المصدر، كانت هناك مجموعة من السيارات والحافلات على متنها 200 من «المرتزقة» تابعين لفرقة السلطان مراد. وشمل تسجيل نُشر على الإنترنت مجندين سوريين زعموا أنهم أرسلوا إلى قاعدة بالقرب من الحدود مع أرمينيا.

وذكر التقرير أن الرجال الذين ينضمون يتلقون 500 دولار شهريًا، ويزيد ذلك المقابل مع الضباط. يبدو أن هذا يشبه الترتيبات المتخذة لدفع رواتب آلاف السوريين الفقراء الذين جندتهم تركيا بشكل غير قانوني وأرسلتهم إلى ليبيا.

وزعمت صحيفة الجارديان أن 2000 سوري كانوا يقاتلون بالفعل في ليبيا في يناير. ادعى البعض فيما بعد أنهم لم يتلقوا أجورهم في الوقت المحدد ويبحثوا عن وسيلة للمغادرة.

تجنيد أنقرة للسوريين لمحاربة الأكراد، ثم القتال في ليبيا، وربما الآن لمحاربة أرمينيا، يمكن أن يكون وسيلة لتركيا لإلهائهم عن حقيقة أنها تعمل مع إيران وروسيا، اللتين تدعمان نظام الأسد.

لقد تظاهر النظام التركي بأنه حامي المسلمين واستخدم المصطلحات لإعطاء الانطباع بأنه يقاتل من أجل قضية «إسلامية» ضد اليونان وإسرائيل وكذلك في ليبيا وسوريا. على سبيل المثال، كان الجدل حول تحويل آيا صوفيا إلى مسجد في يوليو جزءا من هذا الدافع.

إلى جانب استخدام المرتزقة، اكتسبت شركة «سادات» العسكرية التركية أهمية أكبر. يبدو أن هذه هي طريقة أنقرة لتكرار ما فعلته روسيا بفرق مثل فاجنر أو ما فعلته إيران بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مما أوجد طريقة لتصدير ثورة أنقرة من خلال تجنيد آخرين للقيام بالقتال بدلًا من الجيش التركي.

أبقت أنقرة الجيش التركي مشغولًا منذ محاولة الانقلاب في 2016، كان غزو جرابلس ثم إدلب وعفرين وتل أبيض، والتوترات الجديدة في البحر وبعد ذلك على الحدود مع اليونان، وكذلك انتشار الطائرات بدون طيار والقوات الخاصة في ليبيا، جزءًا من هذا.

في نهاية يوليو، وعد وزير الدفاع التركي بـ«الانتقام» للجنود الآذريين (التابعين لجيش أذربيجان) الذين قتلوا في الاشتباكات مع أرمينيا. كان هذا جزءا من الخطاب المتزايد من أنقرة حول تورط محتمل في أرمينيا.

كما حدث عندما استولت تركيا على مناطق في شمال العراق وإدلب، يبدو أنها تحاول إحياء مزاعم العهد العثماني. ولطالما قدمت تركيا مطالبات تاريخية لدعم مشاركتها. على سبيل المثال، زعمت أن هناك «أتراكًا» في ليبيا يبررون مشاركتهم. وبالتالي فهو نهج متعدد الطبقات: مع التاريخ والدين والمرتزقة والمتعاقدين المرتبطين بالحكومة، والحاجة إلى إبقاء الجيش مشغول، والحاجة إلى أزمات لصرف الانتباه عن الفشل الاقتصادي في الداخل والحاجة إلى صرف انتباه السوريين عن بيع تركيا لروسيا وإيران، كلها مجتمعة في كعكة سياسية.

هل بدأت تلك الكعكة في التفكير في التورط في أرمينيا ونزاعات أخرى؟ الإجابة يكشفها مطالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أرمينيا بوقف «عدوانها» على أذربيجان في 22 سبتمبر. وقال إن انقرة بجانب أذربيجان.

وهذا جزء من لغة أنقرة لتحويل الصراع إلى قضية دينية، مثلما فعلت لإقناع السوريين بمحاربة الأكراد تحت راية «الإسلام» ضد «الملحدين» و«الكفار».

ويضع هذا الأساس لتدخل عسكري تركي محتمل؛ حيث أطلق الحزب الحاكم في أنقرة وسائل الإعلام الموالية للحكومة للترويج لهذه الفكرة.

في 25 سبتمبر، كتبت ديلي صباح أن «أرمينيا تنقل إرهابيي وحدات حماية الشعب حزب العمال الكردستاني إلى المنطقة المحتلة لتدريب الميليشيات ضد أذربيجان».

كان الهدف من هذا العنوان هو خلق مبرر لتأكيد تركيا على أن «أمنها» مهدد من قبل «حزب العمال الكردستاني» وأنها قد تغزو، لقد استخدمت تركيا هذا الذريعة لقصف وغزو شمال العراق وسوريا، وتزعم على الدوام أن هناك «إرهابيين» تعمل على «تحييدهم».

لم تقدم تركيا أدلة على وقوع أي هجمات إرهابية من سوريا لتبرير غزوها واحتلالها غير الشرعيين، ومع ذلك، فقد نجحت في إقناع الناتو، التي تشارك في عضويته، بتأكيد أن لها الحق في حماية أمنها، لا يوجد دليل على «حزب العمال الكردستاني» في أرمينيا، لكن تركيا اختلقت هذا الادعاء لتبرير نقلها للميليشيات.

ظهرت أدلة أخرى على أن تركيا تحاول استخدام السوريين في مهمة جديدة، عندما قدمت المصادر أسماء وصور «جنود الجيش السوري الحر» أثناء تدريبهم لإرسالهم لمحاربة أرمينيا. كما غرد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي المتابعون لسوريا حول «معلومات مؤكدة عن المجموعة الأولى من مقاتلي المعارضة السورية» التي وصلت يوم الأربعاء. ولم يتضح إلى أين وصلوا.

كان هناك تراجع في التغريدات؛ حيث زعم البعض أن القصص هي «دعاية روسية» وأن هناك القليل من الأدلة على عمليات النقل. إلا أن آخرين أشاروا إلى صورة لعلم المتمردين السوريين وهو يرفرف في منطقة جبلية على أنها «دليل» على إرسال الرجال شرقًا بعيدًا عن سوريا وإلى القوقاز.

قد تكون الشائعات حول تورط تركيا المتزايد في التوترات بين أرمينيا وأذربيجان وسيلة لتركيا لإلهاء نفسها عن المشاكل الاقتصادية في بلدها وطريقة لتجنيد المزيد من اللاجئين السوريين الفقراء تحت راية الصراع الديني ضد «الإرهابيين» لتأجيج نيران القومية والتطرف التي يزدهر فيها الحزب الحاكم في تركيا.

إحدى القضايا بالنسبة لتركيا هي أنه كلما زاد عدد الدول التي تقصفها وتهددها وتغزوها، تخلق تكتلًا مكثفًا لمواجهة العدوان والأزمات والتهديدات التي لا تنتهي. على سبيل المثال، في البحر الأبيض المتوسط، أدت التهديدات من أنقرة إلى تعاون اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر وفرنسا والإمارات بشكل أوثق. دفع الغزو والتطهير العرقي في عفرين البعض إلى الادعاء بأن أنقرة كانت تهديدًا كبيرًا مثل الأسد ودعمت نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران. من غير الواضح ما إذا كان قرار أنقرة بالانخراط في القوقاز سيؤجج بالمثل تحالفات جديدة.

اقرأ أيضًا:

مرر للأسفل للمزيد