تأتي زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المرتقبة إلى المملكة، مصحوبة بالعديد من الدلالات المهمة، بشأن «إعادة صياغة العلاقات بين الرياض وواشنطن»، في وقت تجدد الأحداث فيه التأكيد على الدور السعودي الفاعل في ضمان أمن واستقرار أسواق الطاقة في العالم وتحلي المملكة بالحكمة في إطار دورها التاريخي تجاه الحضارة الإنسانية من خلال إمدادات الطاقة.
كما تعكس الزيارة ما تتمتع به المملكة من مكانة دولية وإقليمية، أظهرتها قيادة الرياض للعديد من الملفات الشائكة والوصول بها إلى رؤية سياسية متوازنة، بالإضافة إلى ما يميز الدور السعودي من قدرات متفردة تتعلق بإدارة الأزمات وفق رؤية معدة مسبقا، دونما انتظار لسياسة ردود الأفعال.
وتتضمن زيارة بايدن إلى المملكة، أيضًا، عقد قمة بينه وبين قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، قبل زيارته إسرائيل والضفة الغربية، وهو ما يعد توجهًا أمريكيا إلى مزيد من التفاهم مع الأصدقاء وتحييد الخطر الإيراني بعد أن باتت إيران نموذجًا لممارسة أعتى ألوان المراوغة السياسية ونسف وعودها بشأن الملف النووي.
ونقلت قناة العربية، عن دبلوماسيين قيموا تلك الزيارة، قولهم إنها تعكس توجه الرئيس الأمريكي باعتباره «يعود إلى مرجعيات أخلاقية، وتجاربه الشخصية في كل قرار يريد إصداره أو الدفاع عن توجّه في سياسته». فضلا عن اهتمامه بحقوق العمال والعدالة الاجتماعية والإيمان في ذات الوقت بالمبادئ الرأسمالية، وهي معايير لا يمكن تناول زيارة بايدن إلى المملكة من دونها.
ويرى محللون أيضا أن زيارة بايدن إلى المملكة لا يمكن تناولها بمعزل عن الفريق الرئاسي في الإدارة الأمريكية، ويتصدرهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية السي. أي. أي وليم بيرنز، الذي يدير مهامه بحزم، وكذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي يمارس عمله الدبلوماسي بحرفية، فضلا عن وزير الدفاع لويد أوستن الذي كان قائد المنطقة المركزية ويدرك طبيعة المنطقة.
وترى الإدارة الأمريكية، بحسب المحللين، أن الشرق الأوسط سيكون صاحب دور أساسي في إدارة دفة الأمور في أسواق الطاقة العالمية، وسيظل ضرورة حيوية وضمانة استراتيجية للاقتصاد الأمريكي لمدة 30 عاما مقبلة، مع تزايد حاجة العالم إلى النفط التي من المقدر أن تصل إلى 100 مليون برميل يوميا حتى العام 2025م.
وتكمن قوة الدور السعودي كضامن لاستقرار أسواق الطاقة عالميًا في وصول إنتاج المملكة إلى 10 ملايين برميل نفط يوميًا فيما يصل مجموع استيراد واشنطن من منطقة الشرق الأوسط 65 مليار دولار سنويا، وحوالي 30 مليارًا منه مواد طاقة ونفط، فيما يصل التصدير الأمريكي إلى الشرق الأوسط والسعودية إلى 77 مليار دولار سنويًا، وفق إحصاءات العام 2019، وهي تتجه إلى المزيد.
وفي سياق تلك المعادلة والحرب الروسية على أوكرانيا، تتزايد الحاجة الأمريكية والدولية إلى المملكة والشرق الأوسط كمصدر للطاقة، وضمان استقرار أسواقها؛ وتدرك واشنطن أهمية المحاذير الإقليمية التي تثير قلق المنطقة بدءًا من توغل الخطر الإيراني وتمادي طهران في تجاربها النووية ودعم الميليشيات الإرهابية في العديد من البلدان، فضلاً عن إعلاء الثوابت العربية المشتركة واحترام الموقف العربي الشامل حيال القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة واحترام المقدسات الإسلامية في القدس.