انتهت مفاوضات الكونغو بشأن أزمة سد النهضة، بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، بالفشل حسب ما أكدت وزارة الخارجية المصرية مساء أمس؛ حيث كشف خبير قانوني مصري الخيارات المتاحة أمام القاهرة والخرطوم لحل الأزمة قبل اللجوء إلى الحل المر.
وأوضح أستاذ القانون الدولي مساعد عبد العاطي مجالات التحرك المصري السوداني المقبل، ذاكرًا أن مصر لجأت لمجلس الأمن في يونيو الماضي لحل النزاع تحت البند السادس، الذي يعنى بتسوية النازعات السياسية بين الدول، كما حددتها المادة 33، بعدة وسائل مثل التفاوض، والمساعي الحميدة، ولجان التحقيق، والوساطة، والتوفيق، فضلًا عن الوسائل القضائية ومنها التحكيم والقضاء الدول.
وقال: «عندما حملت مصر بذا المطلب إلى مجلس الأمن، نسقت إثيوبيا مع دولة جنوب إفريقيا التي كانت تمثل القارة الإفريقية في المجلس ضمن الأعضاء غير الدائمين في ذلك، واستغلت نقطة قانونية في البند السادس تشير إلى أن تسوية المنازعات السياسية ليست مقتصرة فقط على مجلس الأمن، ولكنها من حق المنظمات الإقليمية الأخرى، ومنها الاتحاد الإفريقي، ولذلك طلبت وساطة الأخير كي يتدخل في تسوية النزاع».
ولفت إلى أن تدخل الاتحاد الأفريقي بقيادة جنوب أفريقيا ومن بعده الكونغو، فشل بعد ما يقارب العام في حل النزاع؛ لذا لم يعد أمام مصر ومعها السودان سوى اللجوء لمجلس الأمن تحت الفصل السابع.
وتابع: «يحق للبلدين الآن التقدم بمذكرة لمجلس الأمن، يشرحان فيها ما حدث ويؤكدان أنهما احترما رغبة المجلس في حل النزاع عبر الاتحاد الإفريقي، وسلكا جميع الوسائل التي تؤدي لحل النزاع سلميًّا والوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد وفق القوانين الدولية وقواعد القانون الدولي لإدارة الأنهار الدولية المشتركة، إلا أن هذا المسار فشل بإرادة أثيوبية منفردة، وبالتالي يطلبان تدخله وفق الفصل السابع وإلزام إثيوبيا بتعليق الملء الثاني للسد إلى حين التوافق على جميع النقاط الخلافية».
أما عن إمكانية رفض إثيوبيا، فقال أستاذ القانون الدولي: «إن لم تلتزم فمن حق مصر والسودان عندها طلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن؛ لأن النزاع وصل مرحلة شديدة الخطورة تنطبق عليه صفة النزاع المهدد للسلم والأمن والاستقرار الدولي والإقليمي، ويطلبان من المجلس النهوض بدوره باعتباره الجهة الوحيدة المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين، على أن يؤكدا بالإثباتات القانونية والفنية أن التصرفات الأحادية الأثيوبية تجعل من أديس أبابا دولة مهددة للسلم والأمن الدوليين».
كما أضاف أن إقدام إثيوبيا على الملء الثاني للسد في يوليو المقبل، سيؤثر على مصر والسودان تأثيرًا جسيمًا ومباشرًا، ولن تستطيع القيادة المصرية الصمت تجاه ذلك؛ لذلك بموجب الفصل السابع من الميثاق إذا ثبت للمجلس خطورة التصرف الإثيوبي فله أن يصدر قرارًا واضحًا ومحددًا بتأجيل الملء.
وشدد على أن هذا الخيار أو المنحى يتطلب كذلك جهدًا سياسيًا وقانونيًّا كبيرًا لإقناع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بخطورة الخطوة الإثيوبية، مع التركيز على أن استمرار النزاع سيجعل منطقة شرق أفريقيا في حالة صراع ونزاع وعدم استقرار،
وفي حيال فشل مجلس الأمن بوقف الملء، أوضح المتحدث أن مصر والسودان تملكان الحق بالطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة التصويت على إخفاق مجلس الأمن في القيام بدوره في حل وتسوية النزاع المهددة للسلم والأمن الدوليين، وطلب توصية بتطبيق قوانين وقواعد إدارة الأنهار الدولية، إلى ذلك، اعتبر أن اتباع تلك الوسائل يعني أن الدولتين تقولان بكل وضوح للمجتمع الدولي أن مجلس الأمن والمنظمات الدولية فشلا في تسوية النزاع.
وتابع مشددًا على ضرورة إثبات هذا الفشل بالبراهين، مع سرد كل الانتهاكات القانونية من الجانب الإثيوبي على مدار 10 سنوات من المفاوضات، وتوصيفها توصيفًا قانونيًّا وفقًا لقواعد القانون الدولي للأنهار، وتبعات تلك التصرفات الأحادية المنفردة على مفهوم الملكية المشتركة للنهر الدولي، حتى يمكن توصيف إثيوبيا بعندها وضعية الدولة الخارقة للقانون الدولي، والمهددة للسلم والأمن الدولي، وبالتالي التأكيد على أن الدولتين استنفدتا جميع الطرق القانونية والدبلوماسية والسياسية لحل الأزمة، ولم يعد بالتالي أمامهما سوى الخيار الصعب.
كما أوضح أن هذا الخيار الأخير هو اللجوء إلى التدخل العسكري لحماية مقدرات الدولتين ودرء الخطر المهدد لأمنهما المائي وأمن شعبيهما ومقومات الحياة لديهما، معتبرًا أن «هذا حق مشروع لهما لا يمكن أن يشكك فيه أحد بعد نفاذ جميع الفرص والوسائل المتاحة لحل أزمة السد سلميًّا ودبلوماسيًّا وسياسيًّا ودوليًّا».
اقرأ أيضًا: