مدارات عالمية

انتفاضة أوروبية مرتقبة ضد إيران والاتفاق النووي في خطر

بقانون "ماجنيتسكي"..

فريق التحرير

وصفت صحيفة "دي فيلت" الألمانية مقترحًا متداولًا على نطاق ضيق وغير معلن في أروقة الاتحاد الأوروبي، بسن قانون رادع يسمح بمطاردة مسؤولين رسميين في إيران متورطين بانتهاك حقوق الإنسان، على طريقة قانون ماجنيتسكي الأمريكي الشهير، بأنه خطوة على الطريق الصحيح لإنهاء الصمت الغربي على انتهاكات طهران بحجة الحفاظ على الاتفاق النووي معها في العام 2015.

وتحافظ دول أوروبية كبرى على سياسة ضبط النفس تجاه إيران، وترفض النهج الأمريكي بالتصعيد ضدها، كما ترفض الانسحاب الأحادي من جانب واشنطن من الاتفاق النووي، بل ووصل الأمر بأن أقدمت بريطانيا وألمانيا وفرنسا على تحصين علاقاتها التجارية والاقتصادية مع طهران وتجنيبها العقوبات الأمريكية، حيث دفعت المفوضية الأوروبية في 6 يونيو 2018، لإصدار تشريع يتيح التصدي للتأثيرات الخارجية للعقوبات الأمريكية على الشركات الأوروبية الراغبة بالاستثمار والعمل في إيران.

ولطالما مثل الدعم الأوروبي لطهران محفزًا للأخيرة لتكرار اختراقاتها لبنود الاتفاق النووي، سواء في ما يتعلق بمعدلات التخصيب، أو عبر مواصلة تهديد الأمن والسلم العالميين بدعم تنظيمات مسلحة ومتطرفة، ناهيك عن سجلها الحقوقي المؤسف، والذي يتجلى بصورته الأبشع في سحق المظاهرات الشعبية التي تجتاح المدن الإيرانية من حين لآخر طلبًا لتحسين الأحوال المعيشية أو الاعتراض على عقوبات الإعدام التي تطال معارضين كثر كما جرى مؤخرًا.

ويعتقد مراقبون أن إيران تدرك ضعف الدول الأوروبية حيال انهيار الاتفاق النووي ومن ثم مصالحها المالية مع طهران، وأن الأخيرة طالما تجاهلت أي تهديدات مبطنة أو سرية ترسلها برلين ولندن وباريس للانسحاب من الاتفاق النووي كلما انتهكت طهران الملف الحقوقي بشكل فج، وفي أكثر من مناسبة خلال العام الماضي.

وحتى حين هدد البريطانيون والألمان والفرنسيون في بيان مشترك نوفمبر الماضي بالانسحاب من الاتفاق النووي على خلفية دور طهران في زيادة التوتر بالشرق الأوسط، كان مصير التهديد هو التجاهل ذاته أيضًا، ما يجعل من خلق آلية رادعة حقيقة كقانون ماجنيتسكي "الأوروبي" المفترض، أمرًا لا مفر منه لاستعادة هيبة القارة العجوز واتحادها ودولها الكبرى أمام الصلف الإيراني، وفق "دي فيلت".

وقانون ماجنيتسكي أصدرته واشنطن في عام 2012 لملاحقة ومعاقبة شخصيات روسية مسؤولة عن وفاة محاسب الضرائب سيرجي ماجنيتسكي في سجنه في موسكو عام 2009. قبل أن يتم تعميم القانون عالميًّا في عام 2016، ومن ثم بات بإمكان الولايات المتحدة فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان عالميًّا، بما يتيح تجميد أصولهم وحظرهم سفرهم وغيرها.

وحسب "دي فيلت" فإن الساسة في ألمانيا وأوروبا لا يريدون الاعتراف بأن المحاولة الأخيرة لإدماج إيران في المجتمع الدولي وربطها باللوائح الدولية باءت بالفشل، فالتعذيب الوحشي والقتل الجماعي وسحق المتظاهرين والأقليات صارت أفعالًا يومية في إيران.

وتقطع الصحيفة بأن التمسك بالصفقة النووية "الفاشلة" لم يعد منطقيًّا، "فكيف لبلد يعذب ويقتل ويضطهد ويميز ضد سكانه أن يكون مستعدًا للالتزام بقواعد اللعبة المتفق عليها دوليًّا، مشددة على أن الآمال الأولية في انفتاح إيران وتحديثها نتيجة للاتفاق النووي قد تم احباطها بسرعة".

وتؤكد كل من الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية بانتظام الحقيقة المريرة، فيما أن مصير آلاف المعتقلين لا يزال غامضًا، ولا يزال المجتمع الدولي غير مهتمًا بضمان حريتهم، الأمر الذي زاد من حملة القمع العدائية واللاإنسانية التي يقوم بها النظام الإيراني داخليًّا وخارجيًّا.

وترى الصحيفة أنه ليست من مهمة السياسة الألمانية أو الأوروبية تقييم أو التدخل في الوضع السياسي الداخلي في إيران أو صراعات السلطة داخل أقطاب النظام، ولكن "من واجبنا أن نوضح أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة. خاصة في سياق رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي الألماني، لا يمكن أن تظل هذه العبارة بلا جدوى".

وطالبت الصحيفة "تعزيز آليات معاقبة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وعبرت عن اعتقادها بأن قانون ماجنيتسكي الأوروبي قد يكون ضروريًّا في الوقت الراهن.

وتابعت بأن السياسة الخارجية الألمانية والأوروبية تخضع حاليًا لمشكلة مصداقية ضخمة بتسامحها مع الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في ما يسمى بالدول الشريكة الاستراتيجية، وهو أمر لا ينطبق على إيران فحسب، بل أيضًا على دول مثل روسيا والصين وتركيا.

مرر للأسفل للمزيد