مدارات عالمية

تفاصيل جديدة.. معلومات من 10 دول حول شحنة الموت بمرفأ بيروت

وثائق مفقودة وأنشطة سرية وروايات مثيرة..

فريق التحرير

كشفت مقابلات وعمليات بحث عن وثائق أجريت في 10 دول، سعيًا لمعرفة المالك الأصلي لشحنة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار في مرفأ بيروت التي كانت تزن 2750 طنًا قصة معقدة تشمل وثائق مفقودة وأنشطة سرية وشبكة شركات صغيرة مغمورة تنتشر في أرجاء العالم، وخضعت التحركات الأخيرة للسفينة «روسوس» للتدقيق مجددًا بعدما اشتعلت النار في نترات الأمونيوم في المستودع وانفجرت الأسبوع الماضي، في حادث تسبب في مقتل 171 شخصًا على الأقل وإصابة الآلاف وتشريد 250 ألفًا.

وقال غسان حاصباني «السياسي اللبناني المعارض، النائب السابق لرئيس الحكومة»: «بضاعة كانت منقولة من بلد إلى بلد آخر، وانتهى بها الأمر في بلد ثالث دون مالك للبضاعة. لماذا انتهى بها المطاف هنا...؟»، يأتي هذا فيما نفى كل من كانت لهم صلة بالشحنة «الذين أجريت معهم مقابلات من قبل وكالة رويترز» معرفتهم بالمالك الأصلي للشحنة، أو امتنعوا عن الرد على السؤال.

وتظهر السجلات الملاحية أن السفينة جرى تحميلها بنترات الأمونيوم في جورجيا في سبتمبر من عام 2013 وكان من المستهدف تسليمها إلى شركة لصناعة المتفجرات في موزمبيق، غير أن قبطان السفينة واثنين من أفراد الطاقم يقولان إن تعليمات صدرت إليهم قبل أن تغادر السفينة البحر المتوسط من رجل الأعمال الروسي إيجور جريشوشكين، الذي كانوا يعتبرونه المالك الفعلي للسفينة، بالتوقف على غير ما كان مقررًا في بيروت وتحميل شحنة إضافية.

وصلت «روسوس»، إلى بيروت في نوفمبر لكنها لم تغادر قط؛ حيث علقت في نزاع قانوني بشأن رسوم غير مدفوعة للميناء وعيوب في السفينة. وتقول روايات رسمية إن دائنين اتهموا المالك القانوني للسفينة، المسجل كشركة مقرها بنما، بالتخلي عن السفينة وتم تفريغ الشحنة لاحقًا ووضعها في مستودع على رصيف الميناء.

ولم ترد شركة «بارودي وشركاه»، للمحاماة في بيروت التي كانت تمثل الدائنين على طلبات لتحديد هوية المالك الأصلي القانوني للشحنة. ولم تتمكن رويترز من الاتصال برجل الأعمال الروسي جريشوشكين، فيما قالت سلطات الجمارك اللبنانية إن السفينة الفارغة غرقت في نهاية الأمر حيث كانت راسية في 2018.

ومن بين الأسئلة التي ما زالت تنتظر إجابة: من الذي دفع ثمن نترات الأمونيوم؟، وهل حاول في أي وقت استرداد الشحنة عندما احتُجزت السفينة «روسوس»؟ وإذا كان لم يحاول، فلماذا؟، وقال مصدر في القطاع إن قيمة الشحنة، التي كانت معبأة في أجولة بيضاء كبيرة، كانت تبلغ حوالي 700 ألف دولار بأسعار عام 2013.

وبموجب الاتفاقيات البحرية الدولية وبعض القوانين المحلية، يجب أن تمتلك السفن التجارية تأمينًا لتغطية حوادث مثل الأضرار البيئية وفقد الأرواح أو الإصابات الناجمة عن الغرق أو التسرب أو التصادم. ورغم ذلك فقد ذكر مصدران مطلعان أنه لم يكن هناك تأمين على «روسوس»، وقال قبطان السفينة الروسي بوريس بروكوشيف عبر الهاتف من منزله في سوتشي في روسيا، إنه رأى وثيقة تأمين لكنه لا يستطيع تأكيد صحتها.

وقال أنطونيو كونيا فاز المتحدث باسم الشركة الموزمبيقية التي طلبت شراء شحنة نترات الأمونيوم، فابريكا دي اسبوزيفوس موسامبيكي «شركة موزامبيق لصناعة المتفجرات» «إف.إي.إم»، إن الشركة لم تكن المالك للشحنة في ذلك الوقت لأنها اتفقت على الدفع عند التسليم.

وكانت الشركة المنتجة هي روستافي أزوت الجورجية لصناعة الأسمدة، والتي تمت تصفيتها بعد ذلك. وقال مالكها في ذلك الحين، رجل الأعمال رومان بيبيا، لرويترز إنه فقد السيطرة على مصنع روستافي لنترات الأمونيوم في عام 2016. وتظهر وثائق قضائية في المملكة المتحدة أن أحد الدائنين أجبر الشركة على بيع أصولها في مزاد في ذلك العام.

وتدير شركة أخرى المصنع حاليًّا، هي جيه.إس.سي روستافي أزوت التي قالت أيضًا إنه لا يمكنها الكشف عن مالك الشحنة حسبما ذكر ليفان بورديلادزي النائب الأول لمدير المصنع حاليًّا، وقالت شركة فابريكا دي اسبوزيفوس موسامبيكي «شركة موزامبيق لصناعة المتفجرات» «إف.إي.إم» إنها طلبت الشحنة عبر شركة تجارية، سافارو ليمتد، التي لها شركتان مسجلتان في لندن وأوكرانيا لكن موقعها الإلكتروني لا يعمل حاليا.

وأظهرت زيارة لعنوان شركة سافارو ليمتد المدرج في لندن منزلًا بشرفات مبنية على الطراز الفيكتوري وبابه موصد ومحصن، على مقربة من حانات عصرية في شورديتش. ولم يستجب أحد للطرق على الباب، وتواصلت رويترز مع جريتا بايلين مديرة شركة سافارو ليمتد المسجلة في بريطانيا وهي ليتوانية تعمل في قبرص.

وقال مصدر على دراية بالأعمال الداخلية للأعمال التجارية لشركة سافارو إنها تبيع أسمدة من دول الاتحاد السوفيتي السابق لعملاء في إفريقيا، وتوضح قاعدة بيانات الشركات الأوكرانية «يو كنترول» أن رجل الأعمال فلاديمير فيربونول مسجل كمدير لسافارو في أوكرانيا وهي مقر اقامته. ولم يتسن لرويترز التواصل مع فيربونول للتعليق.

وقال مصدر أمني إن الشرطة القبرصية استجوبت جريشوشكين في منزله بقبرص الخميس الماضي فيما يتصل بالشحنة. وقال متحدث باسم الشرطة القبرصية إنه تم استجواب شخص لم يُكشف عن اسمه بناء على طلب من الشرطة الدولية في بيروت، وقال القبطان بروكوشيف إن السفينة «روسوس» وصلت بيروت في نوفمبر 2013 وبها تسريب وحالتها العامة متهالكة، حيث كانت تعاني بالفعل من مشاكل.

وفي يوليو 2013، أي قبل أربعة أشهر من رسوّها في بيروت، احتجزت سلطات ميناء إشبيلية في إسبانيا السفينة لمدة 13 يومًا بعد اكتشاف العديد من أوجه القصور التي كان بينها تعطل أبواب وتآكل في منطقة السطح وقصور في المحركات المساعدة حسبما ورد في بيانات الشحن، وأظهرت البيانات أن السفينة استأنفت الإبحار بعد أن أصدرت شركة التفتيش ماريتايم لويد «مقرها جورجيا، وهي غير مصنفة بين أبرز شركات التفتيش وأكثرها استخداما\» لها شهادة سلامة إنشاءات سفينة شحن.

وتفيد السجلات الدولية أن مستأجر السفينة كان شركة تيتو شيبنج ليمتد ومقرها جزر مارشال وجرى حلها في 2014 وفقًا لقاعدة بيانات السجل العالمي التي تقول إنها تقدم خدمات تسجيل الشحن البحري لجزر مارشال.

مرر للأسفل للمزيد