فيما وصف بأنه تراجع إثيوبي في أزمة سد النهضة، الذي ترفض مصر والسودان السماح لحكومة أديس أبابا بملئه قبل التوصل لاتفاق قانوني وملزم؛ خرج وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، بتصريحات أكد فيها عدم تمكن بلاده من تعلية الممر الأوسط للسد، ومن ثم التراجع عن الملء الثاني الذي كان مقررًا في يوليو المقبل.
وعما إذا كانت التصريحات الإثيوبية جادة أم مناورة لتخفيف الضغط السوداني المصري على أديس أبابا، قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، لـ"سكاي نيوز": الإنشاءات الهندسية في جسم السد ضعيفة، وكان من المتوقع ألا تستطيع إثيوبيا اللحاق بموعد الملء الثاني بشكل كامل، وقد أقرت مؤخرًا بأنه سيتم العمل على رفع الممر الأوسط إلى ارتفاع 573 مترًا بدلًا من 595 مترًا.
وأوضح أن "هذا الأمر من شأنه أن يؤثر على سعة التخزين لتكون أربعة مليارات متر مكعب من المياه في الأسابيع الأولى من الشهر المقبل، بدلاً من 13.5 مليار متر مكعب كانت تستهدفها إثيوبيا في الملء الثاني في يوليو".
وأضاف شراقي: المشكلات الهندسية في جسم السد تحول دون تخزين الكمية المستهدفة من الملء الثاني بواقع 13.5 مليار متر مكعب، ليشهد العام الحالي تخزين أربعة مليارات متر مكعب فقط، على أن يستكمل المستهدف العام المقبل؛ من خلال تخزين 10 مليارات متر مكعب سنوياً بعد ذلك، وتعلية الممر الأوسط إلى 595 متراً العام المقبل كما كان مستهدفاً هذا العام.
من ناحيته، أشار وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام، إلى أن الجانب الإثيوبي قال إن "لديه مشاكل فنية في الوصول إلى منسوب رفع الممر الأوسط إلى 595 متراً"، قائلاً: سواء تمت التعلية إلى 573 متراً أو حتى 595 متراً ففي جميع الأحوال يعد ذلك الأمر مخالفاً لما تريده مصر والسودان، بشأن اتفاق ملزم قبل الملء".
وأكد علام أن "هذا المنسوب أو أي منسوب آخر يعد اعتداءً على حقوق وسيادة مصر والسودان، إذ يجب الاتفاق على هذا الأمر وإيضاح الأسباب أيضاً.. الأمر مخالف للتحذيرات التي أطلقتها القاهرة والخرطوم بعدم بدء المرحلة الثانية دون الوصول لاتفاق شامل".
في الإطار ذاته، عزا مستشار وزير الري الأسبق خبير المياه الدولي، الدكتور ضياء الدين القوصي، الموقف الإثيوبي الأخير إلى "مشكلات فنيّة هندسية ظاهرة في منظومة السد، مع عدم وجود خطة للتعامل مع تلك المشكلات، ما يتسبب في تأجيل الملء الثاني عمليًّا بشكل كامل".
ولفت القوصي إلى أن تصريحات وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي "جاءت مع خطورة الفيضان وكميات الأمطار التي تتسبب في مشكلات على الأعمال الإنشائية للسد، مع عدم وجود خطة للتعامل مع تلك الكميات، وبالتالي جاء القرار الإثيوبي الأخير ليس بإرادة أديس أبابا، إنما بسبب المشاكل الهندسية، وعدم القدرة على السيطرة على المياه المحملة بالطمي الشديد".
اقرأ أيضًا: