كشفت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية عن تفاصيل مثيرة بشأن المنشق الإيراني، روح الله زام، وكيف تم استدراجه من منفاه الآمن في فرنسا إلى العراق، ليتم بعدها خطفه وإعادته إلى إيران وإعدامه خلال أيام قليلة.
وقالت الصحيفة، اليوم الأحد في تقرير (ترجمته عاجل)، إن زام، 47 عامًا، كان يقيم إلى جانب زوجته وطفلتيه تحت حماية الشرطة في جنوب فرنسا منذ عام 2012؛ حيث أدار شبكة أنباء إلكترونية معارضة لحكومة طهران.
وتم إعدام زام، الأسبوع الماضي، في طهران، بعد ثلاثة أيام فقط من صدور الحكم في محاكمة وصفتها الصحيفة بـ«المسرحية»، قوبلت بحملة موسعة من الإدانة من مجموعات حقوق الإنسان، وألقت ظلالًا من الخوف بشأن معارضي نظام الملالي.
وبصفته نجل شخصية بارزة في النظام سابقًا، وخريج مدرسة في طهران تعج بأحفاد النخبة الحاكمة، لم يكن زم منشقًا عاديًّا حينما انتقل إلى باريس، الملاذ المفضل للنشطاء السياسيين الإيرانيين المختلفين مع نظام الملالي. بعدها حصل على حق اللجوء.
ولإيران تاريخ طويل في استهداف المعارضين في الخارج. وبحسب التقرير؛ فقد وُضع زام تحت حماية الشرطة الفرنسية وعُين له حارسان مسلحان. وبعد تلقيه عديد من تهديدات القتل، انتقل مع عائلته إلى مونتوبان، وهي بلدة صغيرة شمال تولوز.
دور المخابرات الفرنسية
كما أثارت القضية، حسب الصحيفة، تساؤلات وشكوك عدة حول الدور الغامض للمخابرات الفرنسية، التي يشتبه في استخدامها للمنفيين الإيرانيين كـ«بيادق في لعبة مشوهة خاصة بها».
وظهرت مزاعم في الصحافة الفرنسية تفيد بأن رؤساء المخابرات الفرنسية ربما كانوا على علم، وربما متواطئين، في المؤامرة الإيرانية لاختطاف زام، أملًا في الضغط على طهران لإطلاق سراح استاذ إيراني محتجز داخل إيران.
سيدة غامضة
ومن التفاصيل الغامضة كذلك هو الدور الذي لعبته سيدة مجهولة زميلة لزام، معروفة باسم شيرين نجفي، التي نفت مزاعم أصدقائه بأنها هي من شجعته على السفر إلى العراق، ليتم خطفه وإعادته إلى إيران.
ويقال إن هذه السيدة فرت من إيران منذ سنوات طويلة، وكانت تعد من أعداء النظام هناك. لكن على عكس زام، فقد تركت طفلتها الصغيرة داخل إيران، وهي ورقة استغلها النظام الإيراني للضغط عليها وإجبارها على مساعدته في إغواء زام.
وأعرب أصدقاء زام عن صدمتهم وحيرتهم من السبب الذي دفعه للمخاطرة والسفر إلى العراق، وقال فافا نيكفار، صديق زام المقرب ومقيم في أستراليا: «نعتقد أنها هي من أغوى روح الله الله إلى هذا الفخ.
بداية الفخ
ذكرت الصحافة الفرنسية أن زام كان يحلم بإنشاء شبكة تلفزيونية معارضة، واحتاج إلى تمويل مالي، وهنا تدخلت نجفي، التي ساعدته في إنشاء شبكة «آماد نيوز»، أوصلته بأثرياء من العراق أبدوا اهتمامًا بتمويل مشروع زام وقدموا له دعوة بزيارة العراق.
ويزعم أن نجفي سافرت إلى العراق في مهمة استطلاع، في أكتوبر من العام الماضي، مستخدمة جواز سفر مزور. ومن هناك، حسب نيكفار، أقنعته بالانضمام لها عبر إرسال تحويلين بقيمة خمسة آلاف يورو في كل تحويل.
تحذيرات من الفخ
ويتذكر حسن فريشتيان، محامي زام في فرنسا، إن الأخير أخبره في أكتوبر العام الماضي بنيته السفر إلى العراق، وقال: «صرخت فيه وقلت إذا ذهبت إلى هناك فلن تعود. كنت ثائر.. لكنه قال لي: لا لا لقد قمت بتفقد الأمر، لكني حذرته من أنه فخ».
ورغم تحذيرات محاميه، استقل زام طائرة إلى بغداد في اليوم التالي، عبر الأردن. وهناك، استقبلته نجفي في المطار إلى جانب صديقة تسمى ريرا، وهي قادمة من طهران. توجهوا بعدها إلى مدينة النجف؛ حيث تركته نجفي وتوجهت إلى مدينة أخرى لزيارة صديق لها.
ويُعتقد أن زام أُختطف على يد عملاء إيرانيين فور وصوله مطار بغداد، بعد أن أخبروه بأنهم متجهون لرؤية سيستاني، واستقلوا السيارة لعدة ساعات، واستبدلوا السيارة أكثر من مرة.
وقال المحامي إنهم عصبوا عينا زام وأخبروه أن هذا لدواعٍ أمنية ولحمايته، وعندما عبروا الحدود أخبروه بأنه أصبح داخل إيران.
وكانت الصحافة المحلية الإيرانية احتفت بخطف زام، وقالت إن الحرس الثوري الإيراني «وجه» زام إلى داخل البلاد في عملية معقدة اعتمدت على «أساليب المخابرات الحديثة».
ولمدة عام كامل، تعرض زام لأساليب وحشية من التعذيب والإجبار على تقديم اعترافات تحت التعذيب قبل تقديمه للمحاكمة في 17 تهمة، فيما التجسس والتعاون مع حكومات عدوة.