وجّه نائب الرئيس الأمريكي «مايك بنس»، ما يمكن وصفه بـ«رسالة خاصة»، للمحتجين في مدينة هونج كونج الصينية، وقال -خلال كلمة ألقاها في مركز أبحاث بواشنطن-: «نحن نقف معكم.. أنتم تلهموننا.. ندعوكم إلى مواصلة السير على طريق الاحتجاج...»، متهمًا -في الوقت نفسه- الصين بـ«التضييق على الحقوق والحريات في هونج كونج»، كما انتقد شركة نايكي الرياضية العملاقة والاتحاد الوطني لكرة السلة لـ«تأييدهما بكين في خلاف بشأن حرية التعبير».
وفي خطاب مهم حول الصين قبل محادثات مرتقبة بين البلدين، قال «بنس»: «هونج كونج مثال حي على ما يمكن أن يحدث عندما تتبنى الصين الحرية.. على مدى السنوات القليلة الماضية، زادت بكين تدخلها في هونج كونج وأقدمت على أفعال تضيق على الحقوق والحريات المكفولة لسكان هونج كونج بموجب اتفاق دولي ملزم.. الولايات المتحدة تقف مع المحتجين، الذين خرج الملايين منهم إلى الشوارع».
ووجّه «بنس»، انتقادات حادة للصين لتعاملها مع مسلمي «الإيجور»، بإقليم شينجيانغ، كما وجه بعضا من أشد انتقاداته لشركة نايكي الرياضية العملاقة والاتحاد الوطني لكرة السلة، اللذين اتهمهما بالانحياز للحزب الشيوعي الصيني فيما يتعلق بحرية التعبير في هونج كونج، وقال إن «الشركة والاتحاد فشلا في الدفاع عن مدير فريق، هيوستون روكتس داريل موري»، بعد أن كتب تغريدات على موقع تويتر دعما للمحتجين في هونج كونج هذا الشهر.
مصير
حسمت وزارة الخارجية الصينية، الجدل حول مصير الرئيسة التنفيذية لهونج كونج، كاري لام، وأكَّدت أنها باقية في منصبها، بحسب تأكيدات المتحدثة باسم الوزارة «هوا تشون ينج»، فيما قالت صحيفة «فايننشال تايمز»: إنَّ الصين تعتزم تعيين رئيس تنفيذي جديد لهونج كونج، ونسبت الخبر لمصادر مطلعة على المناقشات.
إلى ذلك، سحب المجلس التشريعي في هونج كونج قانونًا مقترحًا كان سيسمح بتسليم المتهمين في قضايا جنائية لبر الصين الرئيسي، وذلك في خطوة تلبي مطلبًا من خمسة مطالب للمحتجين، لكن من غير المرجَّح أن تنهي الاضطرابات المستمرة منذ أشهر والتي كثيرًا ما شابها العنف، وكان هتاف المحتجين الذين شوهوا مباني عامة في المدينة الخاضعة للحكم الصيني وألقوا قنابل بنزين على الشرطة «خمسة مطالب لا أقل».
وكانت زعيمة هونج كونج كاري لام، اضطرت في السادس عشر من أكتوبر الجاري، إلى التوقُّف عن إلقاء خطابها السنوي أمام البرلمان حول التطورات السياسية بعد موقف محرج، تمثَّل في إطلاق بعض المشرِّعين صيحات استهجان عندما شرعت في التحدث؛ ما تسبَّب في خطوة لم يسبق لها مثيل في المدينة، التي تحكمها الصين، عبر اضطرار «لام» إلى قطع خطابها خلال الجلسة.
موقف
وكان من المقرر أن تعلن «لام»، عن مجموعة مبادرات تتعلق بالملكية، في مسعى لاستعادة الثقة في إدارتها بعد أكثر من أربعة أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، غير أن المشرعين المؤيدين للديمقراطية هتفوا: «خمسة مطالب لا أقل»، مقاطعين «لام» التي رفضت مطالب للتنحي، وتواجه ضغوطًا شديدة لاستعادة الثقة، وحل أكبر أزمة سياسية تشهدها المدينة منذ عشرات السنين. وتسبب هذا الموقف من المشرعين في تأجيل الاجتماع مرتين.
شعارات
وأصبح التعبير أحد شعارات الحركة الاحتجاجية، في إشارة إلى المطالب الخمسة الرئيسية، التي تشمل الاقتراع العام، وإجراء تحقيق مستقل، فيما يرون أنه استخدام مبالغ فيه للقوة من قبل الشرطة في التعامل مع المظاهرات، ووضع بعض المشرعين أقنعة على هيئة الرئيس الصيني شي جين بينج داخل القاعة، في الوقت الذي أيدوا فيه الاحتجاجات، التي تطالب بتنفيذ المطالب الخمسة.
واتخذت السلطات إجراءات أمنية مشددة قبل الخطاب الثالث لزعيمة هونج كونج بشأن السياسة؛ حيث انتشرت قوات مكافحة الشغب في الخارج، ونصب مدفع مياه، وكانت لام قد شرعت في التحدث بعد ساعات من إقرار مجلس النواب الأمريكي ثلاثة أجزاء من تشريع يتعلق باحتجاجات هونج كونج؛ ما أثار انتقادات عاجلة من بكين، التي اتهمت مشرعين بأن لهم «نوايا خبيثة»، وأنهم يعملون على تقويض الاستقرار في المركز المالي الآسيوي.
سخط
إلى ذلك، أعربت الصين- اليوم- عن «سخطها الشديد ومعارضتها القوية» لإقرار مجلس النواب الأمريكي، مشروع قانون لدعم المحتجين في هونج كونج، وينص قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونج كونج، حسب وكالة الأنباء الألمانية، على فرض عقوبات على المسؤولين الصينيين «المتورطين في تقويض الحريات الأساسية» بالمدينة، كما يكفل القانون مراجعة سنوية للتأكد إذا ما كانت هونج كونج تتمتع بالحكم الذاتي الكافي من بكين؛ للحفاظ على الوضع التجاري الخاص مع الولايات المتحدة.
وأعربت حكومة هونج كونج عن «أسفها»؛ إزاء إقرار مشروع القانون في مجلس النواب الأمريكي، وجاء في البيان أنه «ينبغي على البرلمانات الأجنبية ألا تتدخل بأي شكل في الشؤون الداخلية» لهونج كونج. يشار إلى أن هونج كونج هي أرض صينية تتمتع بحكم شبه ذاتي، وهزتها احتجاجات ضخمة مؤيدة للديمقراطية منذ أشهر.
إجراءات
وسيتطلب قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونج كونج، وهو أحد الإجراءات التي أقرها مجلس النواب من وزارة الخارجية الأمريكية، أن تقر كل عام بأن هونج كونج تحتفظ بحكمها الذاتي، من أجل تلقي معاملة خاصة كمركز مالي كبير، واستبعدت لام تقديم أي تنازلات للمحتجين في مواجهة الاضطرابات المتصاعدة قائلة، إن «العنف لن يجلب سوى المزيد من العنف».
وبينما تتهم بكين بريطانيا ودولًا غربية أخرى بـ«التدخل في شؤونها»، فقد حثَّت بريطانيا والولايات المتحدة- ودول أخرى- الصين، على احترام ترتيب «بلد واحد ونظامين»، والذي عادت هونج كونج بموجبه من الحكم البريطاني إلى الصيني في عام 1997. وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية الرسمية في افتتاحيتها، أن «بكين أمامها خيار للتدخل بالقوة؛ لقمع أعمال الشغب في هونج كونج»، وأن «الشرطة المسلحة الصينية المحتشدة في شنتشن المجاورة، أرسلت تحذيرًا واضحًا إلى المتظاهرين».
وتابعت: «إذا لم تستطع هونج كونج استعادة حكم القانون بنفسها وتفاقمت أعمال الشغب، فمن الضروري حينها للحكومة المركزية أن تتخذ إجراءات مباشرة؛ بناء على القانون الأساسي»، لكنها أكَّدت أن «اضطرابات هونج كونج لن تكون تكرارًا لما حدث في ساحة تيانانمين عام 1989». وقالت: «الصين أقوى بكثير وأكثر نضجًا، وتعزَّزت قدرتها على إدارة المواقف المعقدة إلى حد كبير»، بينما تدخل الاحتجاجات المناهضة للحكومة في هونج كونج أسبوعها الحادي عشر؛ بسبب مشروع قانون للحكومة- تم تجميده حاليًّا- حول تسليم مطلوبين مشتبه بهم إلى الصين.
تحذير
ونبّه سفير الصين لدى لندن، ليو شياو مينج، إلى ضرورة توقف «القوى الأجنبية» عن التدخل في شؤون هونج كونج، واحترام السيادة الصينية على الأراضي التي قال، إنها تواجه أخطر وضع منذ تم استلامها عام 1997.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن ليوو: «إن ثقتنا كاملة في قدرة حكومة هونج كونج على معالجة الموقف، وإنهاء الوضع بشكل منظم في نهاية الأمر.. إذا تدهورت الأمور وخرج الوضع عن السيطرة، فإن الحكومة الصينية لديها ما يكفي من الحلول والقوة لقمع تلك الاضطرابات بسرعة».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية، أن «الحكومة الصينية لن تسمح مطلقًا للمعارضة المتطرفة والغرب بجرّ هونج كونج إلى المعسكر المناهض للصين، ولن تسمح للمدينة بالانزلاق إلى الفوضى طويلة الأمد، أو أن تصبح قاعدة للغرب».
قوة
ولدى جيش التحرير الشعبي الصيني قوة متمركزة في هونج كونج، إلا أنها ظلت في ثكناتها؛ منذ بدء الاحتجاجات في أبريل، لكنه أصدر لقطات مصورة لتدريبات على «مكافحة الشغب»، وحذَّر كبار قادته من أن العنف «محظور تمامًا». ويشعر المحتجون بالغضب إزاء ما يرون أنه تدخل صيني زاحف في هونج كونج، التي عادت إلى السيادة الصينية عام 1997 بموجب صيغة «دولة واحدة ونظامان»، التي تهدف إلى ضمان الحريات التي لا تتوافر على البر الرئيسي.
وانطلقت شرارة الاحتجاجات في يونيو؛ بسبب مشروع قانون سحبته هونج كونج فيما بعد، وكان سيقضي بتسليم المشتبه بهم في ارتكاب جرائم إلى الصين لمحاكمتهم؛ لكن الاحتجاجات تطورت منذ ذلك الحين إلى حراك أوسع نطاقًا ينادي بالديمقراطية.