اصطفت طوابير أمام المصارف اللبنانية التي أعادت فتح أبوابها، بعد إغلاق استمر أسبوعًا مع انتشار الشرطة أمام الفروع، وفرْضِ البنوكِ قيودًا مشددة على سحب العملة الصعبة والتحويلات إلى الخارج.
وأُغلقت البنوك معظم الوقت منذ اندلاع احتجاجات ضد النخبة الحاكمة في لبنان في 17 أكتوبر، وأُعيد فتحها عقب إغلاق استمر أسبوعين في أول نوفمبر، لكنها أغلقت أبوابها مجددًا بعد ذلك بأسبوع بسبب إضراب الموظفين الذين شكوا من تهديدات من العملاء الذين يطلبون أموالهم.
ووصفت جمعية مصارف لبنان، الإقبال على البنوك في عموم البلاد أمس، بعد أسبوع من الإغلاق القسري من جراء إضراب القطاع المصرفي؛ بأنه كثيف نسبيًّا.
تفاعل بإيجابية
وبحسب ما وصفته جمعية مصارف لبنان –في بيان لها مساء أمس الثلاثاء– فإن المودعين والمتعاملين مع البنوك تفاعلوا بإيجابية مع إجراءات موظفي البنوك، وأبدوا تفهمًا للتوجيهات العامة المؤقتة التي زودت بها الجمعية موظفي القطاع المصرفي من أجل تجاوز الأوضاع الاستثنائية الراهنة التي يشهدها لبنان.
وأشارت الجمعية إلى أن خطة تأمين البنوك في عموم لبنان، التي تم التوصل إليها وتنفيذها بمعرفة وزارة الداخلية وجهاز قوى الأمن الداخلي؛ أشاعت أجواء من الارتياح العام في محيط الفروع المصرفية، على نحوٍ انعكس إيجابًا على أداء الموظفين وتعامل المواطنين مع البنوك.
يأتي هذا في الوقت الذي منع فيه المحتجون، البرلمان اللبناني يوم الثلاثاء من عقد أول جلسة له منذ شهرين، في تصعيد لموجة التظاهرات ضد النخبة الحاكمة التي يتهمونها بجر البلاد نحو انهيار اقتصادي.
واندلعت الاحتجاجات في 17 أكتوبر، ووصل الحل السياسي إلى طريق مسدود منذ استقال سعد الحريري من رئاسة الوزراء في 29 أكتوبر دون إحراز تقدم منذ ذلك الحين بشأن اتفاق لتشكيل حكومة جديدة.
وتأجج غضب المحتجين بسبب ما يرونه فسادًا بين الساسة الذين يحكمون لبنان منذ عقود، وهم يُحمِّلونهم مسؤولية جر البلاد إلى أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى 1990.
ويريد المحتجون رحيل النخبة السياسية بكاملها عن الحكم.
وسُمع دوي أعيرة نارية مع إجبار مجموعة من المحتجين سيارتين رباعيتي الدفع داكنتي الزجاج تحملان أرقامًا رسمية، على الرجوع لدى اقترابهما من البرلمان، حسبما ظهر في لقطات مصورة بثتها قنوات تلفزيونية لبنانية.
وأظهرت اللقطات انصراف السيارتين سريعًا بعد طرقات عليهما من المتظاهرين الذين هتفوا: «برة.. برة.. برة».
وأعلن البرلمان في وقت لاحق تأجيل الجلسة إلى أجل غير مسمى لعدم توافر النصاب القانوني، ورقص بعض المحتجين فرحًا. وقال المحتج عبدالرازق حمود: «هذا نصر جديد للثورة، وسنستمر إلى أن نحقق أهدافنا».
وكان جدول أعمال الجلسة يشمل إعادة انتخاب أعضاء اللجان النيابية، ومناقشة قانون عفو مثير للجدل من المتوقع أن يؤدي إلى إطلاق سراح مئات السجناء.
وظهرت أبعاد الأزمة الاقتصادية التي ترجع إلى سنوات من الإهمال الحكومي والفساد في النظام المالي الذي يواجه فيه اللبنانيون أزمات في الدولار، وانخفاضًا في قيمة الليرة، وظلت البنوك مغلقة معظم الوقت منذ اندلاع الاحتجاجات.
ورغم أن سقف السحب الأسبوعي محدد بألف دولار، قال ثلاثة عملاء في بنك عودة إن البنك أبلغهم بأن الحد الأعلى الممكن للسحب هو 300 دولار للعميل. وقال عدد من العملاء في بنك ميد، إنه قيل لهم إن سقف السحب 400 دولار.
وبحسب رويترز، قال مصدر مصرفي إن الألف دولار تقررت كحد أعلى للسحب، وإن السحب أقل بالنسبة إلى بعض العملاء بحسب المبالغ الموجودة في حساباتهم.
وقال شريف بعلبكي (43 عامًا)، وهو عميل في بنك عودة، ويعمل في مجال الإعلان: «عندي حساب به 8000 دولار، ولن يسمحوا لي بسحب أكثر من 300 دولار. قالوا لي: يمكنك أن تسحب ألف دولار إذا كان في الحساب 100 ألف دولار».
واستكمل خالد معروف (40 عامًا) -وهو عميل في بنك بيروت ويعمل في صناعة النسيج- أنه لا يعرف كيف يؤدي المدفوعات الدولارية التي يجب أن يسددها هذا الشهر.
وأضاف: «أحتاج 20 ألف دولار قبل نهاية الشهر لأداء مدفوعات لأشخاص، ولا يمكنني الحصول على سوى ألف دولار كل شهر».