لاجئين سوريين في تركيا 
مدارات عالمية

مصير قرابة 4 ملايين لاجئ في مهب الريح.. هل تتحول المناطق الآمنة في تركيا لـ«دموية»؟

فريق التحرير

تستعد تركيا لجولة ساخنة من الانتخابات العامة، في يونيو المقبل، مع احتدام الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد، ولهذا أصبح مصير أكثر من 3.7 مليون لاجئ سوري غير معروف.

ويلقي الأتراك بلوم الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد على اللاجئين، ويستغل السياسيون من كافة الطوائف المشاعر المعادية المتنامية للاجئين لتحقيق أهداف خاصة.

وتوعد كمال كيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال عامين، إذا وصل إلى سدة الحكم.

والآن، يطالب السياسيون من المعارضة والحزب الحاكم على السواء بإعادة اللاجئين السوريين، حتى مع استمرار الوضع كما هو عليه في سوريا.

مشاعر عدائية في كل مكان

وتحدث لاجئون سوريون، إلى مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، عن تبدل أجواء الترحيب التي انتشرت في تركيا إبان انطلاق الحرب الأهلية في سوريا، إلى إيماءات عدائية، وتعليقات عنصرية باتت تحيط بهم من المواطنين الأتراك.

وتقول أم أنس، صيدلانية سورية انتقلت رفقة زوجها الضابط بالجيش السوري وأولادها إلى تركيا منذ العام 2016: «أطفالي لهم مستقبل هنا. هم يحصلون على تعليم ممتاز. لا اتخيل مغادرة هذا المكان والعودة إلى حيث الفوضى وانعدام الخدمات». وتعلمت أم أنس التركية وتعمل في شركة للتسويق، فيما يعمل زوجها مدرسا.

أما علي الأحمد، السوري الذي فر من منجب السورية، بعد سيطرة تنظيم «داعش» عليها، فتحدث عن زيادة مشاعر الكراهية للسوريين بين المواطنين الأتراك، وقال: «لم يعد باستطاعتي التحدث بالعربية. على أن أخفض صوتي أو التحدث بالتركية فقط، حتى حينما أكون مع زوجتي في المواصلات العامة».

إعادة توطين السوريين

وفي إعلان أثار جدلا واسعا، أعرب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، النية لإعادة توطين ما يقرب من مليون لاجئ سوري، في نقاط أطلق عليها اسم «مناطق آمنة»، قرب الحدود التركية في شمال سوريا.

وأوضح أردوغان أن هذا المشروع يهدف إلى تغطية كافة احتياجات الحياة اليومية للاجئين، من إسكان إلى المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الاقتصادية المناسبة، وكذلك الصناعة والزراعة.

ولطالما دعت تركيا إلى إنشاء منطقة آمنة على الجانب السوري من الحدود، البالغ طولها 559 ميلا، تقوم باستضافة اللاجئين السوريين الفارين من الحرب.

لكن في الوقت الراهن، هذه المنطقة ليست متجاورة لكنها تضم عدة مناطق ساعدت أنقرة المتمردين السوريين في السيطرة عليها منذ العام 2016. وتشمل مدن تل أبيض وجربلس وعفرين وكذلك إدلب، التي تخضع في الغالب لسيطرة «هيئة التحرير الإسلامية».

كما أن المناطق التي تحدث عنها الرئيس التركي في إعلانه لا تزال أبعد ما يكون عن كونها آمنة لاستضافة اللاجئين، على حد تعبير مجلة «فورين بوليسي».

العودة الطوعية

لم تعلن الحكومة التركية إلى الآن تفاصيل ما تطلق عليه خطة «العودة الطوعية» لهذا العدد الضخم من اللاجئين، لكن الإعلام التركي تحدث عن خطة من ثمانية مراحل تشمل التنسيق مع منظمات المجتمع المدني، وإقامة مناطق تجارية وتقديم دورات مهنية.

ويرى مراقبون أن أولوية الرئيس أردوغان ليس إعادة اللاجئين السوريين، بقدر ما الاستيلاء على الأراضي السورية وطرد الأكراد منها، مع استغلال قضية اللاجئين لحشد الدعم المحلي لحملة إعادة انتخابه رئيسا.

لطالما واجهت أنقرة اتهامات من قبل الأكراد باستخدام مخطط «مناطق آمنة» لتغيير التركيبة السكانية على طول الحدود السورية التركية.

وفي هذا الصدد، قال سنان سيدي، الخبير في السياسة التركية والأستاذ في جامعة مشاة البحرية: «إن أردوغان مهتم بتخفيف عدد السكان الأكراد في شمال سوريا من خلال توطين السوريين غير الأكراد على طول الحدود الجنوبية مع تركيا».

إعادة توطين «دموية»

رجحت مجلة «فورين بوليسي» أن يصاحب مخطط إنشاء «المناطق الآمنة» عمليات دموية. ففي الوقت الحالي، المناطق التي تتحدث عنها أنقرة ليست آمنة على الإطلاق. ورغم وقف إطلاق النار المُعلن، مارس الماضي، بين تركيا وروسيا، إلا أن عمليات القصف للمناطق الواقعة تحت المجموعات المدعومة من تركيا، في شمال غرب إدلب، لاتزال مستمر.

كما تتواصل المناوشات بين القوات التركية والمقاتلين الأكراد من قوات «سوريا الديمقراطية»، في الأراضي التي سيطر عليها مؤخرًا العرب السوريون المدعومون من أنقرة.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلن أردوغان عزم بلاده إطلاق عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، لإبعاد عناصر حزب العمال الكردستاني والموالين له من البلدات الحدودية في سوريا.

وأعلن الرئيس التركي أن الهدف هو إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كم في الأراضي السورية على طول الحدود الجنوبية.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 100 ألف من الأكراد جرى تهجيرهم من مدينة عفرين، خلال العمليات العسكرية التركية بالعام 2018، توجه غالبيتهم إلى مدينة تر رفعت، التي يهدد أردوغان بالسيطرة عليها.

مرر للأسفل للمزيد