كشفت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية سر الظهور النادر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سواء تلفزيونيًّا أو عبر الخطابات المباشرة لتناول أزمة فيروس كورونا.
وقالت الصحيفة: «رغم احتلال تركيا المركز السابع عالميًّا في قائمة الدول الأكثر تضررًا من الفيروس القاتل، فإن أردوغان ظهر على استحياء طوال الأسابيع القليلة الماضية تعليقًا على الأزمة»، تاركًا الملف برمته لوزير الصحة صاحب الأداء الباهت، فخر الدين قوجة.
ولم تسجل العدسات إلا بضعة اجتماعات مصغرة لأردوغان وحكومته بشأن كورونا، وسط أجواء من الحيطة والتأمين الصحي الشديدة الصرامة.
وفي المقابل تم بث لقطات للرئيس التركي في محادثات عن بُعد مع قادة عالميين، مثل دونالد ترامب، وإيمانويل ماكرون، وأنجيلا ميركل وغيرهم.
وظلت تصريحات الرئيس التركي فيما يتعلق بملفات الاقتصاد والأوضاع السياسية الإقليمية مستمرة، بل إنه لا يتردد في دخول سجالات محلية بشأن تصريح داعية هنا، أو مشهد في مسلسل تلفزيوني هناك، وهكذا.
ووفق «زود دويتشه تسايتونج»، فإن وضع أردوغان بالنسبة إلى كورونا مغاير تمامًا؛ حيث تخلى عن "سياسة حب الظهور"، وعن النهم بـ"التألق الفردي"، ليبدو أن اختيار وزير الصحة له أهداف سياسية غير مباشرة تتعلق بالخوف من انهيار حكم الرئيس التركي نفسه حال فشل البلاد في احتواء أزمة الوباء.
وتصف الصحيفة الألمانية سياسة أنقرة لمكافحة الفيروس بالفاترة، ورغم هيمنة الإغلاق شبه العام وكذا حظر التجوال على الحياة في تركيا في بعض الأوقات، إلا أن الأرقام التي نشرتها الحكومة بشأن الإصابات وحالات الوفاة تظل غير شفافة وتثير عدم الثقة، مع انعدام أي استراتيجية علمية أو واقعية لمكافحة كورونا من جانب المسؤولين.
وتقطع الصحيفة بأن قلق أردوغان الأكبر ليس من الفيروس، بل من ن الانهيار الاقتصادي من جراء الوباء، وبخاصة أن مستقبل أردوغان السياسي كان ولا يزال معتمدًا على الاقتصاد.
وتزداد الآفاق الاقتصادية سوءًا في تركيا بسبب تفشي الوباء، وتواصل الليرة التركية انخفاضاتها الكبيرة، وتقلص احتياطيات العملات الأجنبية، فضلًا عن انهيار التجارة الداخلية والسياحة.
ويعي أردوغان جيدًا، وفق «زود دويتشه تسايتونج» أن البطالة المتزايدة والتضخم المتصاعد سيؤديان إلى استياء متزايد بين الناخبين. وتظهر الاستطلاعات الأخيرة أن حزب العدالة والتنمية مع شريكه في الائتلاف الحاكم، لن يجدا حاليًّا أغلبية مساندة في البرلمان مجددًا.
ولا يزال أردوغان يواصل سياسته المنفرة على الصعيد الحقوقي، ويتخذ مزيدًا من الإجراءات القاسية المعتادة ضد أي انتقاد، بل إن الصحفيين والنشطاء الذين ينشرون حقائق مغايرة لتلك التي تتبناها الحكومة عن فيروس كورونا يُحاسبون بعنف بتهمة "بث الأخبار المزيفة" من قبل المدعي العام.
ويتشدد الرئيس التركي كذلك ضد منافسه السياسي المحتمل مستقبلًا عمدة إسطنبول إكرام إمام أوغلو، ويعصف بأي إجراء يتخذه كأنه قد بدأ حملته الانتخابية ضده مبكرًا.
ومؤخرًا، أوقف أردوغان برامج التبرع الذي دعا إليها أوغلو سكان إسطنبول لدعم ميزانيتها في مواجهة كورونا، واتهم الرئيس التركي خصمه بالرغبة في تشكيل «دولة داخل الدولة».