مدارات عالمية

استهداف السفن والزوارق.. «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران تنتقل إلى البحر

تفاقمت حدته منذ عام 2019..

فريق التحرير

رصدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية انتقال ما وصفته بـ«حرب الظل» بين إسرائيل وإيران إلى البحرين المتوسط والأحمر، مع استهداف كل منهما سفن وزوارق الآخر، في امتداد للحرب السرية المشتعلة بينهما في الشرق الأوسط، وكانت سوريا أبرز ساحاتها.

وقالت الصحيفة، في تقرير (ترجمته عاجل)، إن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران اتخذت، الأسبوع الماضي، منحنى جديد، بانتقالها من اليابسة إلى البحر مع استهداف سفينة الشحن الإيرانية «شهر كورد»، على بعد 50 ميلًا قبالة سواحل إسرائيل، فيما اعتبره مسؤولون من تل أبيب ردًا على هجوم مماثل ضد سفينة إسرائيلية الشهر الماضي.

وذكرت أن الهجوم على «شهر كورد»، وكانت في طريقها إلى إسبانيا، هو الأحدث في صراع خفي طويل الأجل بين تل أبيب وطهران. فمنذ العام 2019، دأبت إسرائيل على مهاجمة سفن تحمل نفط وأسلحة إيرانية في شرقي البحر المتوسط والبحر الأحمر، ما فتح جبهة قتال بحرية في حربهما الباردة، والتي اتخذت من اليابسة والجو مسرحًا لها في السابق.

ويبدو أن طهران اختارت الرد بهدوء بهجماتها السرية، آخرها كان مساء الخميس، حينما أُصيبت سفينة حاويات إسرائيلية بصاروخ إيران، دون الإفادة عن إصابات أو دمار لحق بالسفينة.

تصعيد خطير

وتعد الحملة الإسرائيلية، التي أكدها مسؤولون من إسرائيل وإيران والولايات المتحدة، ركيزة جهود تل أبيب لكبح النفوذ الإيراني العسكري في الشرق الأوسط، وإحباط مساعي طهران للالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة بحق صناعتها النفطية.

لكن توسع نطاق الصراع يهدد بتصعيد ما كان مجرد مناوشات محدودة نسبيًّا، ويعقد مساعي الإدارة الأمريكية لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي لعام 2015. 
وفي هذا الصدد، قال مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، علي فايز: «إنها حرب باردة مكتملة تهدد بالتصعيد بمجرد وقوع خطأ واحد فقط. ما زلنا في مرحلة التصعيد التي تنذر بالخروج عن السيطرة».

ومنذ عام 2019، هاجمت إسرائيل ما لا يقل عن عشر سفن تحمل شحنات إيرانية، كما هو معلن، لكن العدد الحقيقي للسفن المستهدفة قد يزيد على عشرين سفينة، حسب ما ذكره مسؤول بوزارة النفط الإيرانية.

وتحمل غالبية تلك السفن شحنات من النفط الإيراني متجهة إلى سوريا، وبعضها يحمل عتاد عسكري. وكانت السفينة «شهر كورد» تحمل معدات عسكرية متجهة إلى سوريا، حسبما ذكر مسؤولون أمريكيون.

انتقام إيراني خفي

أما عن الرد الإيراني، فقالت «نيويورك تايمز»: إن مدى رغبة طهران للانتقام لا تزال غير واضحة، مشيرة إلى أن غالبية الهجمات التي نفذتها كانت سرية إلى الآن، دون أن تعلن مسؤوليتها علانية. 

وكانت سفينة « هيليوس راي» الإسرائيلية للشحن آخر السفن التي تتعرض لهجوم إيراني، وكانت تحمل شحنة من السيارات ألمانية الصنع متجهة إلى الصين. وفيما كانت السفينة تدور حول مضيق هرمز وضعت قوات «كوماندوز» متفجرات موقوتة على جانبي السفينة على ارتفاع متر فوق الماء، بحسب شخص مطلع على التحقيق اللاحق. وبعد عشرين دقيقة أحدثت المتفجرات فتحتين في بدن السفينة.

وجرى مهاجمة عدة ناقلات بشكل مماثل في البحر الأحمر خلال شتاء وخريف العام الماضي، في هجمات ربطها مسؤولون بجماعة الحوثي في اليمن، المدعومة من إيران. ونفت طهران من جانبها أي تورط في هذه الحوادث. 

ومن جانبه، قال غيس قريشي، المحلل السياسي عمل مستشار للخارجية الإيرانية لشؤون الشرق الأوسط: «إذا هاجمتمونا هنا سنهاجمكم هناك. إيران وإسرائيل نقلتا حربهما السرية إلى المياه المفتوحة». 

وصعدت كل من طهران وتل أبيب وتيرة حربهما خلال السنوات القليلة الماضية، وسعت الأولى إلى تسليح وتمويل ميليشيات موالية لها في المنطقة، وبالأخص في سوريا والعراق واليمن ولبنان، فيما حاولت إسرائيل كبح النفوذ الإيراني وشنت هجمات جوية منتظمة على أهداف إيرانية في سوريا ولبنان. 

المفاوضات النووية

كما تسعى تل أبيب إلى تقويض برنامج إيران النووي عبر اغتيال علماءها داخل إيران نفسها، وتنفيذ هجمات سيبرانية تستهدف منشآت نووية حيوية. والنتيجة هي صراع غير معلن لا يرغب أي من الطرفين في تحوله إلى قتال حقيقي. 

ويرى مراقبون أن إيران تريد الاستمرار في السيطرة على إسرائيل وتسليح ودعم حلفائها في الشرق الأوسط، لإحاطة إسرائيل بوكلاء جيدي التسليح، ومنح طهران يدًا أقوى في أي مفاوضات نووية مستقبلية.

وتعتقد القيادة الإسرائيلية من ناحية أخرى أن الاتفاق النووي السابق كان غير متكافئ، وستعمل على الأرجح لإحباط أي فرصة لإحياء اتفاق مماثل. وقال مسؤول إسرائيلي إن الهجمات ضد السفن الإيرانية جزء من استراتيجية أوسع لإجبار طهران على الموافقة على قيود أشد على طموحاتها النووية وبرنامجها للصواريخ. 

ويرجع محللون الحملة الإسرائيلية ضد إيران إلى سببين، أولهما منع طهران من إرسال أسلحة إلى «حزب الله» في لبنان لمساعدته في بناء برنامج صواريخ، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديدًا استراتيجيًّا.

والهدف الثاني هو حرمان طهران من مصدر دخل حيوي، ما يضيف إلى الضغط الذي تسببه العقوبات الأمريكية بالفعل. 

اقرأ أيضًا: 

مرر للأسفل للمزيد