بعد نحو 8 سنوات على ترك منصبه، يدخل الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي التاريخ. ليس لإنجازاته عن فترة حكمه، بل لكونه أول رئيس فرنسي يمثل أمام المحكمة بتهم فساد.
ولأول مرة في التاريخ الفرنسي، سيمثل رئيس سابق للدولة أمام المحكمة يوم الاثنين، لاتهامه بالفساد واستغلال النفوذ خلال فترة حكمه بين عامي 2007 و2012.
القضية الحالية المعروفة باسم «التنصت» هي جزء من تحقيقات قضائية واسعة، حول شبهات حصول ساركوزي على تمويل ليبي لحملته الرئاسية عام 2007 من نظام الراحل معمر القذافي، كما يتهم بتلقي رشاوى من مبيعات الأسلحة إلى باكستان، وفقًا لصحيفة «الجارديان».
تعود القصة لعام 2013، عندما بدأ المحققون الفرنسيون مراقبة اتصالات ساركوزي، كجزء من تحقيق سري حول حصول الرئيس الأسبق على تمويل بقيمة 40 مليون يورو من القذافي لتمويل حملته الرئاسية في 2007.
لكن ما كشفت عنه التسجيلات كان جديدًا وغير متوقَّع، واتضح أن ساركوزي يستخدم اسمًا مستعارًا وهو «بول بيسموث» للتواصل سرًّا مع محاميه تييري هيرزوج.
أما عنصر الإدانة الدامغ، ظهر بعد اكتشاف المحققين أن ساركوزي حاول رشوة قاضٍ كبير في فرنسا يُدعى أذبير للحصول على معلومات سرية، عن تحقيق منفصل في إحدى القضايا، ووعد الرئيس الأسبق بتعيين القاضي في منصب رفيع.
من بعدها، فتحت السلطات الفرنسية تحقيقًا رسميًا بشأن الفساد واستغلال النفوذ، ولطالما ما نفى ساركوزي البالغ 65 عامًا ارتكاب أي مخالفات في جميع التحقيقات السابقة والحالية، معتبرًا أن الاتهامات الموجهة له «إهانة لذكائه»، وأنها فضيحة سيسجلها التاريخ.
وفي حال إدانته، يواجه ساركوزي احتمال السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، وغرامة قد تزيد عن مليون يورو، بتهم الفساد واستغلال النفوذ، كما تشمل القضية محامي الرئيس الفرنسي الأسبق والقاضي المذكور.
لم تكن عملية تتبع ساكوزي سهلة؛ حيث قال مكتب المدعي المالي إن الرئيس الأسبق تصرف مثل «الجاني المخضرم»، متهمًا محاميه بعرقلة التحقيقات برفع سلسلة من الطعون.
وينظر لتلك المحاكمة على أنها تاريخية، كون ساركوزي أول رئيس يمثل أمام محكمة بتهم فساد، ونظرًا لأنها اختبار حقيقي للقضاء الفرنسي في مكافحة الفساد، ويتوقع أن تستمر حتى العاشر من ديسمبر.
وسبق أن اتهم الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك باختلال الأموال العامة وحكم عليه بالسجن لمدة عامين في 2011، لكنه لم يمثل أمام القضاة.
ويواجه ساركوزي أسوأ أزمة سياسية في تاريخه، بعدما كشفت تقرير موقع «ميديا بار» الفرنسي، عن تلقي حملته تمويلًا من نظام القذافي بملايين الدولارات، وفي 2016، صدقت السلطات القضائية على قانونية التنصت على هاتف الرئيس الأسبق، ما كشف عن قضايا فساد أخرى.
وروى صحفي لبناني أن القذافي قال في عام 2011 «أنا اللي وصلت ساركوزي للسلطة، وأنا اللي دعمته بالمال حتى أصبح رئيسًا، وجاني هنا في الخيمة وهو وزير داخلية، وطلب مني الدعم وأعطيناه المصاري».
وعلى خلفية القضية، وجهت النيابة الفرنسية تهمة «تشكيل عصابة إجرامية» للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، فيما ينتظر أن تبدأ محاكمته العام المقبل في قضايا أخرى ضمن سلسلة من التحقيقات المفتوحة ضد ساركوزي.