حذرت الباحثة الأمريكية نيكول روبنسون من مغبة إهمال تهديد «حزب الله» للأمن الإقليمي، وتنامي المخالب الإيرانية الممولة للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
وفي تقرير تحت عنوان «يجب على الولايات المتحدة أن تقلق من ارتباك المشهد السياسي والاقتصادي في لبنان»؛ حددت الباحثة ثلاث أسباب للقلق، مشيرة في أولها إلى أن المسار الحالي في لبنان يقود حتمًا إلى حرب أهلية جديدة، وبالتالي إلى عقود من العنف.
ثانيًا: تواجه لبنان حاليًا اقتصادًا منهارًا وصراعًا داخليًا سياسيًا، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على إضعاف الجيش اللبناني وخلخلة الأوضاع الأمنية؛ ما يمنح ميليشيات «حزب الله» المدعومة من إيران في العراق وسوريا، وهو السبب الثالث، سيطرة كاملة على مفاصل الدولة اللبنانية والمشهد بشكل عام، ويؤدي بالضرورة إلى تهديد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وتشير الباحثة في تقريرها المنشور بموقع «ذي هيرتيغو فوينديشن» البحثي الأمريكي إلى أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، تصاعدت التوترات ببطء في لبنان مع استمرار انهيار الاقتصاد، وتدهور الظروف المعيشية، والتحقيق في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس العام 2020؛ وإذا لم يتم تغيير هذا المشهد الدراماتيكي، سيؤدي المسار الحالي في هذا البلد بالتأكيد إلى حرب أهلية جديدة، وربما إلى عقود من العنف؛ وللولايات المتحدة مصلحة راسخة في منع مثل هذا التصعيد.
من المؤكد، حسب الباحثة الأمريكية، أن أي صراع ينشب سيهدد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويزعزع استقرار المنطقة التي تكافح بالفعل للحد من آثار النفوذ الإيراني المتزايد، لا سيما مع بلوغ الاضطرابات المدنية، وحالة انعدام الرضا تجاه الحكومة أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وبدلًا من الاستجابة لدعوات الإصلاح، تبادل السياسيون اللبنانيون أصابع الاتهام، وألقى كل فريق مسؤولية الانهيار الذي تشهده البلاد على الآخر؛ فلم يجتمع مجلس الوزراء منذ أكتوبر الماضي؛ بسبب مقاطعة بري وحلفائه من «حزب الله» للتحقيقات المتعلقة بحادث انفجارات مرفأ بيروت، وتركوا اللبنانيين بمفردهم للتعامل مع الأزمة المالية.
ومع ندرة الموارد، يزداد الوضع سوءًا، وأصبح المسيحيون والمسلمون على حد سواء محبطين بشكل متزايد، والذي، كما يتضح من تبادل إطلاق النار المميت في أكتوبر الماضي، أصبح من الصعب احتوائه؛ فدون الإصلاح لن يتغير المشهد نهائيًا، ومن غير المستبعد غرق لبنان في صراع دموي جديد.
ولا يمكن التقليل من خطورة انقسام لبنان، لا سيما فيما يتعلق بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة؛ فلن تُمحَى من الذاكرة ما خلَّفته حرب لبنان الأهلية السابقة من دمار، ترجمه 100 ألف قتيل، بالإضافة إلى أعداد تفوق هذا الرقم من المصابين، فضلًا عن تدمير العاصمة بيروت؛ ومن غير المستبعد تكرار المشهد الدموي ذاته نتيجة للأوضاع الراهنة.
والمستفيد الوحيد من هذا الدمار، حسب الباحثة الأمريكية، هو «حزب الله»، لا سيما أن الحرب الأهلية الوشيكة قد تؤدي إلى حل الجيش اللبناني، وهو ما يترك فراغًا سياسيًا وأمنيًا في لبنان، لن تملؤه سوى ميليشيات الحزب الإرهابي؛ وربما يدعم هذا الاعتقاد تقريرًا نشرته شبكة BBC، يؤكد «قدرة الحزب على حشد ما يربو على 100 ألف مسلَّح، ونشرهم في كل أركان لبنان من أقصاها إلى أدناها خلال أيام».