المحليات

خطيب الحرم المكي يعدد مخاطر الفساد.. والدكتور الثبيتي يحذر من «هتك السر»

خلال خطبتي الجمعة بمكة المكرمة والمدينة المنورة

فريق التحرير

حذر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم، من الفسادين المالي والإداري؛ لأنهما يقوضان بناء المجتمع ويُحدِثان فيه الإرباك والترهل، وهما من الخيانات العظيمة لله –جل شأنه– ثم لولي الأمر الذي ائتمن من كلَّفهم على المال والإدارة، موضحًا أن الفساد المالي إتلافٌ للمال العام، والفساد الإداري إتلافٌ للعدالة الاجتماعية العامة؛ لذا جاءت شريعة الإسلام بمكافحتهما.

وأضاف خطيب الحرم المكي (خلال خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام): «شريعة الإسلام جاءت بمكافحة الفساد الإداري والفساد المالي اللذين إذا نخرا في مجتمعٍ ما قوَّضا بناءه، وأفسدا مزاجه، وأحدثا فيه من الإرباك والترهل والعجز ما هو ماثلٌ لكل رامقٍ دون مواربة. ولا يشك عاقلٌ البتة أن الفسادين المالي والفساد الإداري، هو طاعون الاقتصاد والإدارة، وسرطان الضمائر والذمم والأخلاق».

وبيَّن خطيب الحرم المكي أن الفساد حالقة المقدرات والمكتسبات والحقوق، وأن النِتاج الإيجابي للمجتمعات الواعية التي تَنشُد الرقيَّ والسموَّ بطاقاتها وثروَاتها؛ مرهونٌ بمدَى تحقيقها مبدأ الأمانة في الإدارة، ومبدأ النزاهة في المال. والنزاهة دون ريبٍ صفةٌ فاضلةٌ لا يختلف فيها اثنان، وهي مُركَّبةٌ من عزة النفس والعدل والقناعة وقلة الطمع التي بمجموعها تشيد الأمانة الذاتية لدى الشخصية الفردية والجماعية والاعتبارية.

وأكد الشيخ الشريم أن الفسادين المالي والإداري، يعدان سوء استعمال النفوذ العام من قبل من كلَّفه ولي الأمر لمصلحة العباد؛ وذلك بإحلاله خدمة تبادل المصالح الخاصة محلَّ خدمة الصالح العام؛ ففي الفساد المالي إهدارٌ للمال العام الذي اؤتمن عليه، وعدم جعل الأولوية في استعماله أن يصرف في مجالاته التي وكل بها المؤتمن عليها من قبل ولي أمر الناس وسلطانهم.

وبيَّن أن الناس في ذلكم المال ضربان: أحدهما يأخذه باسم السرقة والاختلاس لا يبالي، بل يرى أنها فرصةٌ سانحةٌ له لا تقبل الترك أو التسويف. والضرب الآخر يتأوَّله ليخرج به من اسم السرقة والنهب إلى إدراجه تحت اسم الهدية أو الأتعاب أو التسهيلات ونحو ذلكم. ومهما كسا الفاسد فساده ذلك بأنواع الذكاء واللبوس البراق، وسماه بغير اسمه؛ فإن ذلك كله لن يواريَ سوءته، ولن يغير من حقيقته شيئًا.

وأشار إلى أنّ الفساد الإداري يبرز غائلته ظاهرةً في عدم جعل الأولوية الإدارية للتسهيل على الناس والتميز والإنجاز، بل يحتال الفاسد فيها إهدار الفرص عن ذوي الكفاءات، وتفشِّي روح الانتهازية، وبذل النفوذ ليصبحَ التعامل مع الفردِ بمقدارِ ما يحمِله من عَلاقةٍ وصِلةٍ ومصلحةٍ شخصيةٍ، لا بما يحمله من كفاءةٍ وقُدرةٍ وأولويةٍ. وكلُّ ذلك منتجٌ للتراجعِ الإيجابي للمجتمع ومولِّدٌ للغَبن والتردُّد في العمل والأداء، وحاجبٌ للابتكارِ والإبداع والتطور الذي ينعَكس على المصلحةِ العامة بالسلب والفشل، إلى أن يشعرَ الفرد بسبب ذلكم كله أنه لا يستطيع نيل غاياته دون مشاغباتٍ إداريةٍ من محاباةٍ وتقاطعِ مصالحَ تغلق الطريق أمام الذين هم أكثر استحقاقًا منه.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الفساد كلمة تلفظها الألسن السوية، والأسماع النقية، وهو ضد الصلاح، ونارٌ محرقةٌ تأكل النمو والتقدم، فتذر اقتصاد المجتمعات وإداراتها هشيمًا تذروه رياح ذوي الذمم الخداج، والنفوس الخلية من الوازع الديني.

وفي المدينة المنورة، قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي: «إن الإسلام وجَّه المسلم إلى الإقرار والاعتراف بالذنب، لكنه حذّره من هتك سره وبث زلته وقد سترها الله –تعالى– قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم–: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه).

وأضاف أن من فضل الله علينا ستر العيب، وحفظ الذكر بين الخلائق. قال رجل لأحد السلف: «كيف أصبحت» قال: «أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل: ذنوب سترها الله –عز وجل– فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد، ومودةٌ قذفها الله –عز وجل– في قلب العباد لم يبلغها عملي».

وأكد أن الحذر من الذنوب واجبٌ، فكم من ذنبٍ أفسد القلب، وأغضب الرب، وأظلم الدرب، وأنزل في الأرض العقوبة، ومحق البركة، ولوَّث الفطرة، وشتَّت الأسرة!

اقرأ أيضًا:

مرر للأسفل للمزيد