المحليات

باحث يوضّح أسباب ودوافع مقطع «الإساءة للتعليم»

طالب برفع سقف الوعي المجتمعي والأسري والتقني..

سامية البريدي

عبّر خالد الدوس الباحث الأكاديمي المتخصص في القضايا الاجتماعية والأسرية، عن استيائه من المقطع الذي تمَّ تداوله مؤخرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي ظهر فيه طفل يهدّد بقتل أي معلمة تدرِّس له بالسلاح الأبيض، مؤكدًا أنه يحمل دلالة انحرافية ومؤشرات عدوانية مناهضة للمرأة وللتعليم ورسالته التربوية السامية.

وأكّد الباحث المتخصص في القضايا الاجتماعية والأسرية، في تصريحات لـ«عاجل»، أن «هذه السلوكيات المخالفة للنظم الاجتماعية والقيمية تنطوي على أفعال إجرامية طبقًا لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فضلًا عن أنَّ مثل هذه التجاوزات اللاأخلاقية ربما تؤصِّل في وجدان الطفل النزعة العدوانية، وروح الكراهية للآخر، ومن ثمَّ بناء شخصية مضطربة غير سويّة «معنفة»، ترفض التعايش والحوار والتسامح وقبول الآخر».

وحول أسباب ودوافع هذه القضية «الدخيلة» على المجتمع السعودي، قال الدوس: إنَّ خللًا في التنشئة النفسية والأسرية والسلوكية والدينية والأخلاقية، فضلًا عن اعتلال أساليب الضبط الاجتماعي، الذي يتعرّض له الطفل داخل الكيان الأسري من قبل الوالدين أو أحدهما أو غيرهما- أحد أسبابها.

وأشار إلى أنّ تأثير الصحبة في المدرسة وجماعة الأقران (غير الأسوياء) في أهم مرحلة من مراحل النمو السلوكي والقيمي والتربوي والعاطفي والعصبي وتحديدًا من (٦-١٢) سنة، له تأثير بنيوي وانعكاس تربوي في بناء وتشكيل الشخصية العدوانية للطفل، وتشجيعه على حب الانتقام والعنف.

وتابع أنَّ «المدرسة بيئة اجتماعية مليئة بالانفعالات والمثيرات والضغوط والتفاعلات الاجتماعية، ومن خلال هذه العمليات المدمرة قد يتعرّض بعض الأطفال لبعض الصعوبات والمشكلات والمثالب المدرسية، التي ربما تؤثر على تفاعلهم وقدرتهم على التكيف السليم داخل المناخ التعليمي».

وأكَّد أنه على ضوء ما سبق «تظهر بعض السلوكيات اللاتكيفية الشاذة التي قد تعرقل سير العملية التعليمية، وتقف عائقًا في تحقيق أهدافها التربوية وغاياتها السامية». لافتًا إلى أنه من أهم الظواهر السلبية التي تحدث في البيئة التعليمية، وتهدد نظامها التربوي، ما يسمى بالعنف المدرسي، الذي له تأثير قوي ومباشر في تعزيز قيم العدوانية والعنف والكراهية للطفل أو المراهق.

وقال الباحث المتخصص في القضايا الاجتماعية والأسرية: إنَّ «العنف المدرسي قد يكون مصدره عنف بعض المعلمين أو تأثير بعض الأصدقاء غير الأسوياء في البيئة المدرسية».

وحذّر الدوس من أنَّ التفرقة في المعاملة بين الأبناء داخل النسيج الأسري، قد تُخرج أنماطًا من البشر معادية للمجتمع ومتمردة على قيمه ومعاييره الاجتماعية الأصيلة، لافتًا إلى أنَّه «في هذا السياق تؤكد نظرية التعلم الاجتماعية (النمذجة) على أن العنف ومظاهره، سلوك ليس فطريًا بل يكتسبه الفرد، ويتعلمه من خلال الملاحظة والنمذجة أو التقليد.

وأوضح الدوس، أنَّ السلوكيات التي يتعلمها الفرد من خلال ملاحظته للآخرين وتقليده لهم، ومشاهدة النماذج العدوانية لها أثر بالغ في تعلم الفرد السلوك العدواني، كما أنَّ الأسرة تعتبر من المصادر الرئيسية لظاهرة العنف والعدوانية، خاصة إذا كان يسودها سلوك العنف والفوضى وعدم الاستقرار العاطفي والنفسي والعادات السيئة الأخرى سواء بين الزوجين أو بينهما وبين أبنائهما، بالإضافة إلى عدم وعي الأسرة بأهمية عملية التربية والتعليم للأبناء.

وأشار إلى أن «العوامل الثقافية تدخل في عمق المشكلة وتحدياتها التكنولوجية خاصة مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي بإيجابياتها وسلبياتها، وانتشار بعض  الألعاب الالكترونية الغازية والمدمرة للقيم والخيال والفكر والسلوك والعاطفة التي تشجّع على العنف والقتل وحب الانتقام والكراهية والإقصائية».

وطالب مؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية والإعلامية والثقافية) برفع سقف الوعي المجتمعي والأسري والتقني، وتنوير المجتمع بخطورة مثل هذه الممارسات الشاذة والمظاهر المستوردة التي تهدّد قيم المجتمع الأصيلة.

وتحركت الأجهزة المعنية على الفور، لاتخاذ إجراءاتها بشأن مقطع الفيديو الذي يظهر فيه طفل يهدد ويتوعد مدرسيه بسلاح أبيض، فيما وجّه النائب العام الشيخ سعود بن عبدالله المعجب، بضبط وإحضار الشخص المسئول عن تصوير مقطع الفيديو، ونشره عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».

كما وجَّه باستكمال الإجراءات النظامية للواقعة، نظرًا لأنَّ هذه السلوكيات تنطوي على أفعال مجرمة طبقًا لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية، فضلًا عما يولده لدى الطفل من نزعة عدوانية وروح الكراهية للآخر، وانتهاك لبراءة الطفولة.

مرر للأسفل للمزيد