نجحت نتائج تحليل الحمض النووي «DNA» في الأيام القليلة الماضية في إعادة 3 من الأبناء المخطوفين إلى أسرهم، بعد فراق دام أكثر من 20 عامًا؛ ما يكشف عن مدى أهمية علم الجينات، في اكتشاف الجرائم، لكن كيف يستعمَل في فك ألغاز وأسرار الجرائم؟
وكان فحص الـ«DNA» الخاص بالمختطف نايف القرادي، أكد تطابقه مع والدته الشرعية، في واقعة خاطفة الدمام، التي تم الكشف عن اختطافها 3 أطفال، وتأكُّد تطابق تحليل الـ«DNA» لاثنين منهما مع أسرتيهما الحقيقيتين.
وبخلاف نايف القرادي فقد أثبتت تحاليل الـ«DNA» تطابق المخطوفَين موسى الخنيزي ذي الـ21 عامًا، وعلي العماري ذي الـ24 عامًا، مع أسرتيهما بعد التأكد من نسبهما.
تحليل الـ«DNA يعيد 3 أبناء مخطوفين إلى أسرهم
فبعد نحو 20 عامًا، استطاعت شرطة الشرقية، حل ألغاز قضية اختطاف طفلين حديثي الولادة، بعد ضبط مواطنة في عقدها الخامس اشتبهت الشرطة في المعلومات التي تقدمت بها لاستخراج هويات وطنية لمواطنين ادعت أنها عثرت عليهما منذ قرابة 20 عامًا، وتولت تربيتهما دون الإبلاغ عن ذلك.
واتضح من إجراءات البحث والتحري وتحليل الحمض النووي الـ«DNA»، علاقة المواطنة المعروفة إعلاميًّا بـ«خاطفة الدمام» ببلاغين عن اختطاف طفلين حديثي الولادة من داخل أحد مستشفيات مدينة الدمام، وإثبات نسبهما وإعادتهما إلى أسرتيهما.
وبعدما كشف الـDNA لغز جريمة اختطافهما، تبين أن نايف القرادي المخطوف هو الآخر من مستشفى القطيف المركزي عام 1414هـ، أنه ابن محمد القرادي، وأبلغت الشرطة والدته المقيمة في منجد بنجران، وهو الابن البكر لأسرته، ويبلغ الآن من العمر 27 عامًا، وكان مسجلًا باسم زوج خاطفة الدمام ولديه هوية وطنية.
لماذا تشترط السعودية تحليل الحمض النووي لاستخراج الهوية الوطنية؟
وبدأت السعودية استخدام فحص الحمض النووي لمن يتقدم لطلب إصدار بطاقة الهوية الوطنية، منذ عام 2017؛ وذلك ضمن التعديلات الجديدة التي طرأت حينها على بعض مواد اللائحة التنفيذية لنظام الأحوال.
واشترطت اللائحة على الرجال مقدمي طلب الحصول على بطاقة الهوية الوطنية بعد إكمالهم سن العشرين، أن تُراعى ضوابط تنظيم طلب فحوصات الحمض النووي عند معالجة مثل هذه الطلبات.
كما اشترطت أن يناقَش والد مقدم الطلب -إن كان على قيد الحياة- أو أحد إخوته -إن كان والده متوفى- أو أحد أقاربه، عن سبب التأخر في طلب الحصول على البطاقة، وعن الأعمال التي يمتهنها، كما أوجبت اللائحة إحضار مقدم الطلب -إذا كان والده متوفى- صك حصر الإرث وإصدار أصله للمطابقة.
وقررت المملكة تطبيق فحص الحمض النووي للمتأخرين في استخراج الهوية الوطنية حتى سن العشرين عامًا؛ للتأكد من إثبات الهوية والنسب، في ظل ازدياد قضايا إثبات النسب في المملكة، التي أثارت جدلًا واسعًا في السنوات الأخيرة.
وكان مجمع الفقه الإسلامي قد سمح باستخدام تحليل الحمض النووي في حالات الاشتباه بالمواليد في المستشفيات، وحالات ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الكوارث والحوادث، أو وجود جثث تعذر معرفة هويتها.
كيف يستخدم الحمض النووي في فك لغز الجرائم؟
وبحسب الباحثة السعودية غادة المطيري، في مقال لها على موقع صحيفة إندبندنت عربي، فإن السعودية تعد رائدة في علم الجينات الذي تغير جذريًّا بأثر التقدم العلمي والتكنولوجي، وباتت تستخدم القاعدة الواسعة من البيانات عن الحمض النووي في حل أسرار الجرائم.
وبحسب الباحثة السعودية، فإن الولايات المتحدة، تشارك مراكز شرطتها في الثورة العلمية الجارية في علوم الجريمة وطُرُق التوصل إلى ألغازها؛ فقد اعتادت الشرطة أن تجمع عينات من الحمض النووي من مسرح الجريمة، ثم إرسالها إلى مختبرات التحليل.
وعندما يظهر مشتبه به، تؤخذ عينات من حمضه الوراثي، وترسل إلى المختبرات كي تقارن مع ما جُمع من مسرح الجريمة، ومن ثم تظهر النتائج.
وأضافت أنه في 2017 شرعت الشرطة في استخدام آلات تستطيع أن تحلل بسرعة التركيب الوراثي للحمض النووي، وتحدد تركيبته الجينية، حتى أصبح أفراد الشرطة يستخدمون آلات تعطيهم نتائج تحليل عينات الحمض النووي خلال 90 دقيقة.
وأشارت الباحثة السعودية إلى أن الحمض النووي يستخدم في التعرف على هوية المشتبه بهم، ولا يفرق كثيرًا عن البحث مثلًا عن آباء طفل جرى تبنيه.
وتبدأ تلك العملية بأخذ عينة من الحمض النووي للطفل، وتحليلها وإدخال نتيجتها في قواعد البيانات الجينية. وفي أغلب الأحيان، يؤدي ذلك إلى العثور على أحد الأقرباء ذوي القرابة البعيدة، وفقًا للباحثة السعودية.
ما هو الحمض النووي؟ ومتى دخل في مسرح الجريمة؟
ويرجع أصل البصمة الوراثية إلى العالم الإنجليزي أليك في عام 1984، الذي أحدث ثورة هائلة في عالم الأدلة الجنائية، أسفرت في العقدين الأخيرين عن حل آلاف المعضلات المتعلقة بجرائم مختلفة، وإدانة وتبرئة آلاف المتهمين.
ما هي البصمة الوراثية؟ ما علاقتها بالـ«»DNA؟ وكيف تستخدم في التحقيقات الجنائية والكشف عن الجرائم؟
تعد الـ«DNA» اختصارًا لعبارة «Deoxyribonucleic acid» أي الحامض النووي الذي يشكل المادة الأساسية للكروموزوم، ويوجد داخل كل خلية من خلايا الجسم، ويتحكم في الصفات الوراثية للكائنات الحية.
وتكمن الميزة الأساسية للحامض النووي في أنه يختلف تمامًا بين شخص وآخر، باستثناء التوائم المتطابقين. ومن هنا، برزت أهميته كعنصر أساسي في الكشف عن المجرمين، لا سيما بعد اكتشاف تقنيات استخدامه عن طريق استخراج البصمة الوراثية، وتحليلها بواسطة الكمبيوتر، وإعداد قاعدة بيانات للمتهمين.
ويرجع اكتشاف الـDNA إلى منتصف القرن التاسع عشر، لكنه لم يعرف كأداة لاكتشاف الجرائم حتى عام 1984؛ حين أوجد البروفيسور الإنجليزي أليك جيفريز طريقة لمقارنة النقاط المتعددة في جينات الحامض النووي مستخرجًا بذلك ما يعرف بـ«بصمة الحمض النووي».
ومنذ ذلك الحين، باتت «البصمة الوراثية» أو الحامض النووي الذي يختلف تمامًا بين شخص وآخر تعتمد دليلًا لتبرئة المتهم أو إدانته؛ وذلك عبر مقارنة البصمة الوراثية الخاصة به مع تلك المستخرجة من مسرح الجريمة.
مراحل كشف الجريمة بـ«DNA»
وتمر عملية استخراج البصمة الوراثية واستخدامها دليلًا جنائيًّا بمراحل عدة، بدءًا من سحب عينات من مسرح الجريمة ثم تنقيتها، فتحليلها ومطابقتها وصولًا إلى الحقيقة.
ويمكن سحب عينات الحمض النووي من الشعر، واللعاب، والدم، وخلايا البشرة، والسائل المنوي، والعظام، والأسنان، والأظافر، والتعرق الجلدي، والأنسجة، وغيرها، وتكثر الخيارات أمام الباحث الجنائي عند استخدام مخيلته لجمع الأدلة الخاصة بالـ«DNA».
وتتمثل الخطوة التالية بعد جمع الأدلة في معالجة الآثار التي خلَّفها الجاني؛ وذلك بإزالة الدهون واستخراج مادة الـDNA وتنقيتها. ومن ثم يمكن استخدام تقنيات مختلفة لإيجاد البصمة الوراثية.
وتتم عملية المقارنة بين عينات مأخوذة من مسرح الجريمة وأخرى تعود إلى المتهم. وفي حال عدم وجود مشتبه بهم، يمكن المقارنة بين عينات موجودة ضمن قاعدة بيانات مسجلة خاصة بالـDNA محفوظة لدى الأجهزة الأمنية.
اقرأ أيضًا