مع وصول صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى قصر الإليزيه في العاصمة باريس، حيث كان في مقدمة مستقبليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، انبرى المحللون، في كشف أهمية الزيارة السعودية التي تحمل في مضامينها الشاملة العديد من الدلالات الهامة.
وترسِّخ الزيارة معادلة القوة المؤثرة في ملف العلاقات «السعودية – الفرنسية»، وفق معطيات الطاقة والتبادل التجاري والموقع الاستراتيجي لكلا البلدين المؤثرين في خريطة العلاقات الدولية.
يأتي ملف الطاقة باعتباره الأكثر حضورًا في اهتمام فرنسا بالعلاقات مع المملكة؛ حيث تريد فرنسا وبقية دول الاتحاد الأوروبي الوصول إلى مستوى الأمان بشأن توفير حلول ناجزة لتوفير الطاقة قبل حلول الشتاء المقبل، ذلك الموسم المعروف بتزايد استهلاك الطاقة في أوروبا، بينما تستمر تداعيات العقوبات المفروضة على روسيا.
كما تأتي زيارة ولي العهد إلى فرنسا، مع تركيز الجانب الفرنسي شأنه شأن غيره من دول الاتحاد الأوروبي على وضع توفير مصادر بديلة للغاز الروسي أولوية أولى لدى قادة تلك الدول، وذلك اتساقا مع دور المملكة في ضبط بوصلة أسواق الطاقة على مستوى العالم.
وتتواكب الزيارة أيضًا مع استمرار قوة التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا، بموجب اتفاقيات سابقة تؤطر ذلك ومنها «اتفاقية التعاون الاقتصادي» الموقعة بين الجانبين عام 1975م، فيما وصلت قيمة الصادرات السعودية إلى فرنسا في 2013م إلى 6189 مليون ريال، مقارنة بالعام السابق عليه.
ووصل حجم التبادل التجاري بين السعودية وفرنسا بين العامين (2007 – 2016) نحو 379.28 مليار ريال، وفي العقد الماضي بلغت قيمة صادرات المملكة إلى فرنسا نحو 204.25 مليار ريال، وهو ما يؤكد حرص الجانبين على زيادة ذلك المعدل وتفادي معوقاته.
كما وصلت قيمة الواردات السعودية من فرنسا نحو 175.03 مليار ريال، وهو ما يترجم الاهتمام المتبادل بتعزيز وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين، كما نمت الاستثمارات الفرنسية في السعودية بنسبة 140% لعام 2019 مقارنة بعام 2018، ليصل إلى 23.8 مليار دولار.
يعد الموقع الاستراتيجي أيضًا، بعدًا هامًا في دعائم تعزيز العلاقات السعودية الفرنسية، فالمملكة التي تتمتع بموقع هام يربط بين قارات «آسيا، وأفريقيا، وأوروبا»، فضلًا عن أهميتها في خريطة الملاحة البحرية العالمية، كما تتمتع فرنسا بسهولة تواصلها لإطلال سواحلها على البحر المتوسط و المحيط الأطلسي وبحر المانش.