المحليات

أرامكو.. مسيرة طويلة في تمكين بنات الوطن من المساندة الهندسية لأعمال النفط

البداية كانت قبل أكثر من 5 عقود..

فريق التحرير

منذ التزام أرامكو السعودية في مطلع الستينيات الميلادية ببناء مدارس ابتدائية للبنات في المنطقة الشرقية بمعدل مدرستين كل سنة، وبدايةً بتسليم أول مدرستين في الخبر ورحيمة في سبتمبر 1964م؛ فإنها استشعرت المستقبل الواعد للمرأة السعودية، وبدأت مسيرتها الطويلة في تمكين المرأة من خلال توظيف السعوديات في مختلف أعمال الشركة.

وكانت بداية توظيف النساء في أرامكو بنجاة الحسيني منذ أكثر من خمسة عقود، كأول امرأة سعودية تحمل شهادة جامعية تلتحق بالشركة في عام 1964م، ليتواصل بعدها توظيف النساء في الوظائف المهنية، وتدريبهن في جميع مجالات العمل بالشركة، من التخطيط العام إلى إدارة المكامن.

ووضعت أرامكو السعودية كوادرها النسائية المؤهلة في موقعٍ متقدمٍ من أعمالها الهندسية والفنية ليثبتن أن السعوديات بإمكانهن تقديم الكثير في مختلف مجالات الابتكار والإبداع.

وكما حفرت الشركة عميقًا في باطن الأرض تنقيبًا عن خيراتها، فقد فعلت ذلك أيضًا في الذات السعودية استكشافًا لأفضل ما فيها لتحصل على ثروة الوطن من موارده البشرية الثمينة، فعملت على تطويرها وتأهيلها، تعزيزًا للتوطين وتوظيف الخبرات، وفتح مجالات واسعة أمام حركة التطور واستيعاب المتميزين دون تمييز.

وشغلت مجموعة من المهنيات السعوديات وظائف متقدمة بالشركة في وقت مبكر من الستينيات والسبعينيات، منهن نائلة الموصلي أول مهندسة بترول في أرامكو السعودية. وشهدت أوائل الثمانينيات تدفق أعدادٍ هائلة من المهنيات السعودية إلى الشركة، ورغم أنه في تلك الفترة وَجَدت القليلات فرصًا مهنية في الحقول النفطية ومنشآت الإنتاج، فإن تأسيس مركز حاسب التنقيب وهندسة البترول، بجانب مواكبة الاعتماد على الحاسوب في الشركة؛ وفر للسعوديات مزيدًا من الفرص الوظيفية، فبرزت نبيلة التونسي، وسامية الإدريسي، والدكتورة ثريا العريض، وهدى الغصن، وأيضًا فاطمة العوامي إحدى المبتعثات لدراسة هندسة البترول في الولايات المتحدة الأمريكية على نفقة الشركة في أوائل الثمانينيات، التي أكدت مهاراتها في مجال محاكاة المكامن، وأسهمت بالعمل في مشاريع مكامن السفانية، والشيبة، ومنيفة، وغيرها من المكامن.

وظلت الرائدات المتميزات في مرافق أرامكو السعودية جزءًا من منظومة نتاج وحصاد الشركة في مسيرتها لدعم أبناء الوطن وتحفيز طاقاتهم الكامنة.

وحين يتعلق ذلك بالعنصر النسائي فهو يأتي في إطار التمكين وعدم التمييز في مسيرة بناء الوطن الذي ينال شرف خدمته الجميع بلا استثناء.

وكما يبدأ الغيث بقطرات، فإن الأعمال الهندسية والفنية والعلمية ظهرت مؤخرًا في رأس تنورة بنماذج مضيئة لبنات الوطن وهن يقدمن تجربة استثنائية في العمل.

تسع موظفات يعملن حاليًّا في المصفاة والفرضة في رأس تنورة، إضافة إلى عدد أكبر منهن ممن يعملن في مختبرات رأس تنورة، وهن من الرائدات المتميزات، ولكنهن لسن وحدهن. ففي عددٍ متنامٍ من المرافق، وفي عددٍ متزايدٍ من المناطق الإدارية، تجد الكوادر النسائية مواقع لها في الخطوط الأمامية لأعمال الشركة الأساس من تنقيب وإنتاج وتكرير وكيميائيات؛ إذ يعملن كمهندسات ميكانيكا، وكيمياء، ومهندسات بترول، وكيميائيات، وخبيرات بالمختبرات، وجيولوجيات، وجيوفيزيائيات، وخبيرات بمجالات تقنية وحماية المعلومات، ومفتشات سلامة، وإطفائيات، وفي منع الخسائر.

ويتفق الجميع على أمر واحد، وهو أن كل واحدة منهن مستعدة أتم الاستعداد لأداء العمل الموكل إليها بأعلى درجات الحماسة، وستكون قدوة تشكل نقطة تحول في الشركة، بما يمهد الطريق لدخول مزيدٍ من الكوادر النسائية في ميادين العمل.

وفي مصفاة رأس تنورة، تُسهم المهندسة ماريا الفرج، في التوصل إلى حلول تحافظ على استمرارية العمل بأمان وفاعلية، فأُسندت إليها مسؤوليات كبيرة.

تقول الفرج الحاصلة على شهادة في الهندسة الميكانيكية وإدارة الأعمال: "زملائي في المصفاة يرحبون بوجودي ويتعاونون معي"، وترى أن المشاركة في العمل الميداني في المصفاة يشكّل فرصة للإسهام في نجاح أحد الأعمال الأساسية في الشركة، وهو التكرير؛ "فحيثما كنا نعمل في الشركة، فإننا بطريقة ما سنتعاطى جميعًا مع سلسلة أعمال التكرير. ولذا فإن الإسهام الميداني وتحقيق النفع والفائدة للشركة بحلول تساعد في نجاح أعمالنا، لهو أمر يبعث على السرور".

وترى المهندسة الميكانيكية آلاء الأحمد أن العمل اليومي يمثّل واحدة من أهم التجارب لتطبيق المعرفة وتوسيع أفق المهارات؛ وذلك من خلال العمل مع زملائها على بعض أكبر مشاريع الشركة، مثل نظام إدارة أعمال التصنيع المتكامل. "فالنظرية والخبرة العملية تمشيان يدًا بيد، وتكمل كل منهما الأخرى".

وتمكنت آلاء من أداء عملها على أكمل وجه بثقة في بيئة يغلب عليها الموظفون الشباب؛ فهي شغوفة بالهندسة، وقد مكّنها ذلك من التغلب على العديد من التحديات التي ينطوي عليها العمل في المصفاة. كما أنها متحمسة جدًّا بشأن تقديم الشروح اللازمة لمجموعة كبيرة من الناس، وهي تقوم بذلك على نحو فاعل.

واستطاعت المرأة في أرامكو إثبات الذات. وتعد موضي العليوي مسؤولة عن التخطيط في مصفاة رأس تنورة بأكملها، وعن التواصل اليومي مع إدارة تخطيط وتنظيم توريد الزيت في الظهران لضمان تلبية المصفاة طلبات العملاء.

وتُضيف العليوي: «عندما أتيت إلى مصفاة رأس تنورة، أخبرتني إدارة تخطيط المرافق أن الأعمال ستكون صعبة للغاية؛ لذلك يجب عليّ التحلي بالصلابة. وقد تمكنت من إثبات نفسي في هذه البيئة التي رغم صعوبتها، تتميَّز بحث الموظفين على المساندة والتعاون. وقد ساعدني ذلك أيضًا على بناء مهاراتي في التواصل في هذه البيئة الصعبة».

في حين تساند مختبرات مصفاة رأس تنورة جميع الإدارات هناك، ففيها يختبر العلماء والكيميائيون عيّنات من جميع أعمال التكرير، لضمان السلامة وليتأكد لعملاء الشركة أن المنتجات النهائية مثل الديزل والكيروسين والبنزين، تفي بأدق معايير أرامكو السعودية.

ومن ضمن الفريق العامل في المختبر هناك، ديمة إسماعيل، وهي عالمة مختبر تتمتع بسبعة أعوام من الخبرة، وتتولى تحليل عينات الماء. وقد أسهمت ديمة بشكلٍ رئيسي في تحديث الأنظمة والأساليب في مختبر المصفاة، وفي تدريب زملائها على معدات المختبر.

تقول ديمة: «عَمَلُنا حسّاس جدًّا في المصفاة. فالنتائج تكون مطلوبة على نحو عاجل، وإذا حصل أي تأخير فإن ذلك يؤثر في مسار العمل. ومن جهة ثانية، فإن هذا المكان رائع لتبدأ فيه مسيرتك المهنية؛ فهو كالجامعة؛ يمكنك أن تتعلم الكثير هنا.

وبشأن الاهتمام بأدق التفاصيل الذي يعد جزءًا حيويًّا من عمل الكيميائية فقد استطاعت أسماء الفهد، التي تركز على أجهزة الفصل الكروماتوغرافي الغازي. أن تتولى فحص جميع الأدوات قبل تشغيل أي جهاز، وتغيِّر جميع الأجزاء التي يجب تغييرها من المعدات لتجنب الإخفاق. وهي بجانب أنها تحمي سمعة الشركة المتعلقة بجودة منتجاتها، تحرص أيضًا على سلامتها وسلامة زملائها في المختبر. تقول الفهد: «إن العمل هنا يفرض تغييرًا معينًا، لكنني أحمد الله –تعالى- لأنني أطبق هنا كل ما تعلمته في الجامعة».

 اقرأ أيضًا:

مرر للأسفل للمزيد