بحثت المشاورات «السعودية _ الإيرانية» التي عُقدت مؤخراً في الرياض بين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، ووزير خارجية إيران عباس عراقجي، مستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المشتركة تجاه هذه القضايا.
كما تناول اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل التطورات الإقليمية والدولية.
ووفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية "إيسنا"، ركزت زيارة عباس عراقجي على مناقشة الملفات الإقليمية الساخنة، وعلى رأسها محاولة وقف الجرائم الإسرائيلية في كل من قطاع غزة ولبنان. ويأتي ذلك في ظل تفاقم التوترات في المنطقة، حيث تُظهر آراء العديد من الباحثين السياسيين أن زيارة عراقجي إلى الرياض تُعتبر جزءاً من جهود إيران لحشد التأييد لوقف إطلاق النار واحتواء التصعيد. وأشاروا إلى أن إيران تسعى للاستفادة من الثقل الدبلوماسي للمملكة العربية السعودية لمساعدتها في الخروج من مأزق التهديدات الإسرائيلية المستمرة.
وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي السعودي منيف عماش الحربي، إن «هناك ملفين رئيسيين يُركز عليهما الجانب الإيراني في هذه الزيارة. الملف الأول يتعلق برغبة طهران في الحصول على دعم عربي لتشكيل جبهة موحدة للضغط على الولايات المتحدة، ومن ثم على إسرائيل، لوقف أي اعتداءات مستقبلية على إيران. وبهذا، تهدف إيران إلى التوصل إلى تهدئة شاملة على مختلف الجبهات بعد إدراكها لصعوبة الاستمرار في التصعيد إلى ما لا نهاية».
أما الملف الثاني، وفقاً لـ «الحربي»، فيتعلق بتعميق العلاقات الثنائية بين الرياض وطهران، التي شهدت تحسناً ملحوظاً منذ توقيع الاتفاق الثلاثي في بكين في مارس 2023.
وجاء هذا الاتفاق كبداية لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، وتُعتبر اللقاءات المتزايدة بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين جزءاً من هذا التحسن، ومن بينها زيارة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي إلى الرياض في نوفمبر 2023 للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الطارئة.
وتوجت هذه الجهود بلقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في الدوحة، في الثالث من أكتوبر الجاري.
من جانبها، ترى الباحثة السياسية راغدة درغام أن هذه الزيارة تُعدّ دليلاً على رغبة إيران في «لملمة أوضاعها» بعد أن بدأت الشكوك تتسلل إلى قيادتها بشأن قدراتها العسكرية والتزاماتها مع حلفائها في المنطقة.
وأشارت إلى أن «طهران تسعى إلى ترتيب أوضاعها السياسية والدبلوماسية مع الدول الإقليمية، وعلى رأسها السعودية، في ظل تزايد التحديات والضغوط».
وتعتقد «درغام» أن «زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض، تُبرز الحاجة الملحة لإيران لإعادة ترتيب أوراقها الدبلوماسية والبحث عن حلول واقعية للأزمات التي تواجهها».
وأضافت أن «جزءا من أهداف الزيارة هو محاولة إيران وضع الدبلوماسية السعودية في صورة الأوضاع العامة داخل إيران، بالإضافة إلى طلب مساعدة المملكة في السعي لوقف إطلاق النار في غزة».
وأوضحت «درغام» أن «إيران تجد أن التصعيد المستمر بات مكلفاً لها، وأنها تسعى لتجنب المزيد من التوترات في المنطقة».
وتُظهر المشاورات السعودية الإيرانية الأخيرة تلاقياً في المصالح الإقليمية والرغبة في إيجاد حلول مشتركة للتحديات الراهنة، في ظل الأوضاع المتقلبة التي تشهدها المنطقة، ويبدو أن هذه الزيارة تأتي في إطار سعي إيران لتقوية علاقاتها مع السعودية والاستفادة من مكانتها الإقليمية والدولية.