لطالما أبهرت المملكة، بتاريخها المتفرد وانطلاقة تأسيسها، المستشرقين والمؤرخين على السواء؛ بعد أن قدمت للعالم نموذجًا حضاريًا بات محل دراسة لدى الباحثين والأكاديميين.
المستشرق جون لويس بوركهارت، كان أحد أولئك الذين جذبهم التاريخ السعودي، وهو رحالة سويسري مسلم، ويعتبر من أدق وأشمل من كتبوا عن الجزيرة العربية، آثره الدين الإسلامي وخاصة مع ظهور الدولة السعودية، وأسلم في وقت لاحق وأسمى نفسه «إبراهيم».
وكتب عن حكم الدولة السعودية الأولى للحجاز بالعدل واستتباب الأمن والنظام المجتمعي الممتاز، كما نفى الشائعات التي حاولت النيل من تاريخ المملكة، وقد ألّف كتابه الشهير «رحلات في بلاد العرب».
أيضًا كان من بين المؤرخين الذين أبهرتهم المملكة، فتح الله الصايغ وكتب كثيرًا من الوقائع التي رصدها في الدرعية، ومنها حديثه عن البادية وتقاليدها وقبائلها، الذي يصفه المؤرخون بأنه «حديث الشاهد الأمين الذي يتكلم عما رآه و سمعه وعرفه بالخبرة والمشاهدة».
وقد تعرض الصايغ لنواح عديدة من حياة البادية، مثل الرحيل في وقت السلم، والنساء في الهوادج، وأمامهن الفرسان الخبيرون بالضرب والطعن، والرحيل السريع في حالة الطوارئ.
ورصد الصايغ حياة البادية في تلك الفترة، قائلًا: «تجدّ القبيلة بالسير المداوم، من غير نزول ولا راحة، بل الأكل على ظهور الجمال و النوم كذلك، والنساء تعجن وتخبز على ظهور الجمال أيضًا. ويتكلم عن مكانة المرأة في المجتمع البدوي وتكريم أهل البادية لها، وعن الطب البدوي، والخوة والنخوة والعطفة».
كما أبهر التاريخ السعودي، الرحالة الفرنسي شارل هوبر، الذي قدم إلى الجزيرة العربية بصحبة الرحالة الألماني الرسام يوليوس أوتينج، عام 1884م، أي قبل 133 سنة، بهدف دراسة النقوش التاريخية في الجزيرة العربية، واستهوته طبيعة تلك القوش التي عدها إرثًا كبيرًا يتدفق من تاريخ حافل بالأسرار والأعاجيب، ورصد نقوس لأسماء وثقت معها التواريخ الميلادية.
وفي عام 1875م صدر كتاب بالألمانية بعنوان «شبه الجزيرة العربية في كتابات الرحالة الغربيين في مائة عام (1770-1870م)»؛ حيث يلخص المستشرق الألماني ألبرخت زيمة تقارير الرحالة الغربيين، التي نُشرت خلال مئة عام، وكان المنهج الذي اتبعه الكاتب في كتابه هو تتبعه لخط سير هؤلاء الرحالة في الأجزاء المختلفة من الجزيرة العربية.