تحتضن الخرج جنوب العاصمة الرياض، العديد من المواقع التاريخية والأثرية التي تعود لآلاف السنين، حيث أسهم الموقع الجغرافي في تشكيل حضارات مستقرة بين حضارات الشمال والجنوب والشرق والغرب، فيما أسهمت غزارة المياه وخصوبة الأرض في تحويلها إلى أحد أهم المواقع الزراعية التي كانت تصدر القمح ومختلف أنواع الحبوب، وجعلها أيقونة اقتصادية ضخمة.
وقال الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي، الباحث وعالم الآثار، خلال محاضرة بعنوان "الخرج موطن التقاء الحضارات"، ضمن أحدية غرفة الخرج، إن موقع الخرج في منخفض أدى إلى التقاء أودية أهمها وادي حنيفة ووادي نساح من الغرب, ووادي السلي من الشمال, وعدة أودية من الجنوب, وما ينحدر إليها من مياه الهضاب المحيطة وتجمع المياه فيها حتى تشكل حوضًا مائيًّا ضخمًا, يبدأ به وادي السهباء ويتجه شرقًا حتى ينتهي في خليج سلوى؛ مما شكل العديد من الروضات والمواقع الزراعية الغنية.
وأشار أن أبرز الآثار التي تشتهر بها الخرج هي عيون فرزان, والمدافن المنتشرة على السلسلة الجبلية المعروفة باسم قويد وشداد فرزان وهي من أكبر المدافن في العالم القديم, حيث شيدت بكتل حجارة ضخمة وبتصميم بين الدائري والمستطيل والمذيل والمربع والعنقودي, وبعض المدافن بأحجام مختلفة على حجارة يزن بعضها أكثر من طنّين وضعت بأشكال متنوعة.
وأوضح أن هناك مدافن في الرفائع باتجاه الغرب إلى الحائر في الرياض, وتتناثر المدافن الركامية في موقع معروف باسم أم العشاش, في حين اكتُشفت عدد من المدافن الضخمة في هضبة القصيعة التي تشرف على عيون الضلع في الخرج, يصل عدد المدافن إلى أكثر من ثلاثة آلاف مدفن ركامي متفاوتة الأشكال، الأمر الذي يؤكد وجود تجمع بشري ضخم في الخرج وقدرات مالية مختلفة, إضافة إلى مدافن ركامية على هضبة مطلة على عيون خفس دغرة.
وأشار إلى أنه أجرى عدد من الاختبارات على عينات من التربة في الخرج أكدت أن الثلوج كانت تكسو المكان قبل نحو 12 ألف سنة، وأن الدراسات الأثرية لعدد من العلماء والبعثات العالمية التي شاركت في البحث والتنقيب في الخرج وجدت أن بداية إعمار الخرج تعود للقرن الخامس قبل الميلاد استنادًا إلى وجود رؤوس جدران على عمق 5 أمتار من سطح الأرض, وازدهرت الخرج في القرون الميلادية السابقة لظهور الإسلام, وخرجت الدراسات والبحوث والاكتشافات الأثرية إلى الكشف عن دوائر حجرية وتلال ركامية وحجرية لمدافن، ومنشآت مذيلة وقنوات ري ومنشآت مدببة.