وثّقت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في تقرير نشرته، نموذج عمل هيئة تقويم التعليم والتدريب، بصفتها مسؤولة عن تقويم وجودة التعليم العام والتعليم الجامعي والتدريب التقني والمهني في المملكة العربية السعودية، وتنظيم الهيئة وأطر العمل التي تطبقها لأداء مهامها، بوصف الهيئة أنموذجًا من النماذج العالمية الجديرة بالإبراز.
ويهدف هذا التقرير إلى نقل تجربة الهيئة للدول الأعضاء في المنظمة والدول الشريكة، حيث تضم المنظمة في عضويتها ٣٨ دولة، أبرزها دول أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة الأمريكية وكندا) وغرب وشمال أوروبا (مثل: بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، والسويد)، وشرق آسيا (مثل: اليابان، وكوريا، وستغافورا، وأستراليا)، إضافة إلى أكثر من ٤٠ دولة شريكة تشارك في دراسات تقويم التعليم والتقارير التي تصدرها المنظمة.
وأفاد التقرير الذي جاء تحت عنوان "موجز عن إحدى الكيانات المسؤولة عن التقويم.. هيئة تقويم التعليم والتدريب في المملكة العربية السعودية"، أن رؤية 2030 أطلقت باقة من الإصلاحات التي أثمرت عن تغييرات على المستوى المؤسسي لنظام التعليم في المملكة، مبيّنة أن إنشاء هيئة مختصة لتقويم التعليم كان عنصرًا أساسيًا في ذلك الإصلاح، ويشير إلى تركيز المملكة على التقويم لتحسين جودة التعليم بما يثمر عن تعزيز النمو الاقتصادي للمملكة.
وناقشت المنظمة في تقريرها تطور الهيئة منذ إنشاء أول المراكز التابعة لها إلى أن وصلت إلى تنظيمها الحالي، التكاملي، الذي تتعاضد فيه المراكز وفق اختصاصاتها في أداء مهام التقويم والقياس والاعتماد وتوظيف الموارد اللازمة لها بكفاءة، فأصبح أنموذجًا في التكامل المعرفي والفني بين كل ما له علاقة بتقويم وجودة التعليم، فعلى سبيل المثال: تنفذ الهيئة اختبارات نافس الوطنية، التي أُعد إطارها المفاهيمي من قبل ثلاثة من المراكز التابعة لها، هي مركز قياس، ومركز تميز، ومركز البحوث، وطبقها على أرض الواقع مركز قياس، ويستفيد مركز تميز منها في تقويم المدارس، بينما يستفيد مركز البحوث من البيانات في إعداد التقارير والبحوث التي تسهم في تعزيز صناعة القرار في منظومة التعليم والتدريب.
وأبرزت المنظمة في تقريرها نموذج التقويم السعودي الذي تتبناه الهيئة، موضحة أنه مواكب للمعايير والممارسات الدولية ومتوافق مع متطلبات السياق السعودي وأولوياته؛ حيث أشارت المنظمة في تقريرها إلى أن أسلوب الهيئة في تقويم المدارس يعد مثالًا جيدًا على هذا النهج، إذ اشترطت الهيئة خطوة التقويم الذاتي للمدارس؛ بهدف تشجيع التحسين الذي تقوده المدارس نفسها، وهذا يتماشى مع الاتجاهات الدولية، كما أن الهيئة تبنت التقويم الخارجي بالنظر لطبيعة السياق السعودي وحاجة المدارس إلى محفز خارجي لحملها على التقدم في الأداء.
وأردفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها أن الهيئة تقدم صورة شاملة عن الأداء في منظومة التعليم والتدريب من خلال مشاركتها لنتائج ومؤشرات وبيانات تقويم التعليم والتدريب، كما أن لديها خططًا لإتاحة المزيد من المعلومات والتقارير لأصحاب المصلحة.
وفي هذا الصدد، أنشأت الهيئة عددًا من منصات البيانات والتصنيفات والمؤشرات وبطاقات الأداء التي تقوّم أداء مؤسسات التعليم العام والعالي والمهني، ومن ذلك أن الهيئة تصدر مؤشر أداء المدارس (ترتيب)، كما يتيح تطبيق الهواتف الذكية "مستقبلهم" للآباء الوصول إلى نتائج اختبارات أبنائهم ونتائج تقويم مدارس الأبناء؛ مما يوجه إلى الاهتمام بجودة مؤسسات التعليم والتدريب وتحفيز التحسين والتطوير المستمر.
وأشار التقرير إلى أن الهيئة تتمتع بالاستقلال المالي والإداري وترتبط مباشرةً بمجلس الوزراء، مؤكدًا أهمية كون مؤسسات التقويم مستقلة عن الجهات المسؤولة عن السياسة والتنفيذ في التعليم، حسب ما هو شائع لدى الدول الأعضاء في المنظمة؛ إذ يضمن ذلك أن تكون جهات التقويم قادرة على إصدار أحكام تعتمد بشكل أساسي على المعرفة بالجوانب الفنية المتخصصة والبراهين والأدلة العلمية، وأن تكون أحكام التقويم موضوعية غير متأثرة بتضارب المصالح.
وأوضح أن الهيئة وهي تطبق أطر وأدوات التقويم الرامية إلى إعطاء صورة شاملة لأداء التعليم والتدريب، طورت منهجيةً طموحةً للتحول الرقمي بالاستفادة من التقدم في التطبيقات التقنية والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، بهدف رفع كفاءة الموارد وزيادة فاعلية عمليات التقويم.
واختتمت المنظمة تقريرها بالتأكيد على أن الهيئة تمثل أصلًا من أصول منظومة التعليم والتدريب في المملكة، وإعداد الخطط الإصلاحية، حيث تقدم المعلومات الداعمة لسياسات التحسين، كما تعمل على رصد مؤشرات التحسن نحو الأهداف المرسومة للنظام التعليمي وسبل التحديات المحتملة وسبل التوظيف الكفء للموارد.
يذكر أن الهيئة تعمل وفق رؤيتها بالتعاون والتكامل مع الجهات والمؤسسات الوطنية؛ للوصول إلى نموذج سعودي رائدٍ عالميًا لضمان وضبط جودة التعليم والتدريب في المملكة، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، ومستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية.