أشاد سياسيون بالموقف الفرنسي من التدخل التركي في ليبيا، واصفين إياه بـ«الموقف القوي والصارم تجاه أطماع أردوغان وتدخلاته في الشؤون الداخلية لليبيا»؛ حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن تركيا تمارس لعبة خطيرة في ليبيا لا يمكن التسامح معها.
أنقرة لا تقوى على الصدام مع فرنسا
وقال المحلل السياسي الدكتور خالد الدخيل، إن الموقف الفرنسي نقد قوي للأتراك بعد تدخلهم في ليبيا وتهديدهم لأطراف في حلف الناتو، مُشيرًا إلى أن أمريكا وهي الطرف الأكبر في حلف الناتو مع بريطانيا وألمانيا ليس لديهم حتى الآن أيّ اعتراض على تركيا وتدخلها في ليبيا.
واستبعد المحلل السياسي، في حديثه لـ«عاجل»،إقصاء تركيا من حلف الناتو، موضحًا أن أنقرة ستراجع حساباتها؛ لأنها لا تستطيع الصدام مع فرنسا إذا أرادت اتخاذ موقف قوي ومع مصر والعالم العربي مجتمعين.
وأكد «الدخيل»، أن الأتراك خففوا من مواقفهم وتحركاتهم لاستيعاب ردّة الفعل العربي والفرنسي.
إيقاف العبث التركي
ومن جانبه، وصف المحلل السياسي علي التواني، موقف الرئيس الفرنسي من تركيا وتدخلها في ليبيا بالقوي والصارم، وهدفه إيقاف العبث التركي في ليبيا، لاسيما وأن فرنسا تشعر بأن تركيا تحاصرها.
وأوضح «التواتي»، أن تركيا أوعزت لعدد من أتباعها في ألمانيا بالتسلل إلى شمال شرق فرنسا وتحديدًا في الألزاس وفي المدن المتوسطة والصغيرة، وهي مجموعات عرقية دينية وتدين بولائها لتركيا، ومحاولة تطبيق قوانينها ونظمها بشكل يناسب أهدافها، وهذا ما أشار له الرئيس الفرنسي في كلمته عندما وصفهم بالانفصاليين، وهي جماعة تشكل خطرًا على فرنسا وتوظّف الدين للوصول لأهداف سياسية.
شرخ في حلف الناتو
وأشار «التواني» إلى أن طموحات أردوغان العثمانية وصلت لأوروبا، وضرره بات كبيرًا جدًّا ويهدد أمن ومصالح فرنسا، وأن التحرّش التركي بالسفن البحرية الفرنسية أدى لشرخ حلف الناتو لاسيما أنها أحد أعضاء الحلف.
وأوضح «التواني» أن فرنسا لا تريد نفوذًا لتركيا في شمال إفريقيا، التي تعد بمثابة خاصرة فرنسا، وأنه في حال نشوب حرب قد تتدخل فرنسا بإسناد جوي.
وأكد أن الموقف الذي اتخدته مصر والمملكة وجامعة الدول العربية أعاد التوازن خاصة في الموقف الأمريكي الغريب، والذي كان داعمًا لتركيا ومع حكومة الوفاق في ليبيا.
ويرى المحلل السياسي يحيى التليدي، أن التوتر الفرنسي التركي الحالي امتداد لتجاذب بدأ في العام الماضي، حول المسألة الكردية والدور التركي المستجد في سوريا، ثم تورط نظام أردوغان في ليبيا، وعمليات التنقيب في شرق المتوسط.
وأبان «التليدي» أن فرنسا لها مصالح واضحة في ليبيا في ثلاثة ملفات رئيسية، هي الهجرات والإرهاب والنفط، ولا تريد رؤية يد أردوغان تهيمن على ليبيا. وبالمقابل، لا تريد أن يتحوّل هذا البلد إلى قاعدة روسية في مياه المتوسط.
الرقص على التوترات بين موسكو وواشنطن
وألمح بأن تركيا بأطماعها العثمانية التوسعية تريد الرقص على الحبال المشدودة بين واشنطن وموسكو والاتحاد الأوروبي لتحقيق التمدد التي تطمح إليه؛ لذلك عقدت اتفاقًا مع حكومة السراج ورمت بكل ثقلها السياسي والعسكري نحو ليبيا، وهدفها تحقيق النفوذ والاستئثار بالثروات وإعادة استنساخ الوضع السوري؛ حيث تصبح لكل طرف منطقة نفوذ وقوات تحميها.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يقف محايدًا في قضية التوتر بين باريس وأنقرة، أو يرى أنه خلاف لا يتطلب التدخل الأوروبي. وأيضًا لأن أردوغان يملك في وجه الأوروبيين أوراق اللجوء والهجرة غير الشرعية والاستثمارات الاوروبية والعلاقات التجارية.
المصالح الاقتصادية سبب الخلاف
وأردف قائلًا، إن الخلاف بين فرنسا وتركيا في ليبيا مردّه الأساسي المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، وأنها ما زالت تنظر إلى ليبيا نظرة استعمارية؛ حيث تعتبر تركيا ليبيا جزءًا من حدود خلافتها العثمانية، بينما تعتبر فرنسا، التي قادت التحالف الدولي لإسقاط نظام معمر القذافي، أنها الأحق في الاستحواذ على الجزء الأكبر من ثروات الطاقة في ليبيا، والأجدر بلعب دور مؤثر في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية لشرق المتوسط وشمال إفريقيا.
واختتم «التليدي»، إن استمرار الصراع في ليبيا وعدم تمكن أي جهة من أطراف الصراع على حسمه لصالحها، سواء كان السراج أو حفتر، وأن تظل ليبيا مقسَّمة، هو من مصلحة القوى العظمى.