تحتفي المملكة، قيادة وشعبا، غدًا الجمعة (23 سبتمبر 2022م) باليوم الوطني الـ92 للمملكة، وهو ذكرى توحيد البلاد في 1932م، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
وفي عام 1932م، صدر الإعلان التاريخي للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، لتوحيد البلاد تحت راية «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عليها، بعد جهاد وكفاح استمر 32 عاماً.
وقد ولد الملك المؤسس في مدينة الرياض عام 1293هـ وتأثرت شخصيته كثيرًا بشخصيّة والده الإمام عبد الرحمن الفيصل، حيث كان أبًا وُمعلمًا وأخًا وصديقًا لابنه، فضلاً عن شخصية والدته الأميرة سارة السديري التي كانت من أكمل النساء عقلاً وتدبيرًا، وكان محبًا لإخوته «خالد، فيصل، فهد، محمد ونورة»، لكن علاقته بالأميرة نورة كانت أكثر حميمية، واحتلت مكانة كبيرة في نفسه.
وللملك عبد العزيز شخصية قوية آسرة ومهابة تأثر بها كل من قابله، وعرف عنه احترامه الكبير للعلماء طيلة فترة حياته، فكان يقدمهم على إخوته في مجلسه، ويستمع إليهم.
ومرّ الملك عبد العزيز بأحداث ومحطات متعددة في حياته كانت مؤثرة في بناء شخصيته الفذّة، وعدّ المؤرخون خروج الملك عبد العزيز، مع والده الإمام عبد الرحمن وبعض أفراد أسرته من الرياض عام 1308هـ الحدث الأصعب في حياته، وكانت محطتهم الأولى بعد الرياض واحة يبرين في الأحساء ثم البحرين إلى أن وصلوا فيما بعد إلى الكويت واستقروا بها عدة سنوات ظل فيها الملك عبد العزيز معلق القلب بالرياض.
وعندما بلغ الملك عبد العزيز سن العشرين من عمره وهو في الكويت توجه في الخامس من شهر رمضان عام 1319هـ إلى الرياض في رحلة بطولية قاد مسيرتها بصحبة رجاله ليتمكنوا من اختراق جوف الصحراء التي تلتهب رمالها تحت أشعة الشمس الحارة، صائمين رمضان لربهم، قبل أن يأتي عليهم يوم العيد وهم في موقع يطلق عليه «أبو جفان».
وفي اليوم الرابع من شهر شوال من عام 1319هـ وصل الملك عبدالعزيز ورجاله إلى ضلع الشقيب، الذي يبعد عن مدينة الرياض نحو ساعة ونصف مشيًا على الأقدام، ومن الضلع تقدموا إلى الرياض التي دخلها الملك عبدالعزيز بذكاء القائد المحنك وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح بعد عملية بطولية حامية الوطيس لم تدم طويلًا، طوى خلالها الملك عبدالعزيز زمن العهد الغابر في الرياض، معلنًا بداية العهد الزاهر في نجد بعد أن بايعه أهالي الرياض وأعيانها عام 1320هـ أميرًا على نجد وإمامًا لأهلها.
وتمكن الملك عبد العزيز من إعادة الأمن، والتصدي للفوضى التي كانت سائدة في الجزيرة العربية آنذاك، واهتم بتطوير البلاد، فأصدر مرسومًا ملكيًا يقضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية، وذلك في 21 جمادى الأولى 1351 هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م.
كما وجه الملك عبد العزيز عند بداية تنظيم الدولة بالاهتمام بالحرمين الشريفين وتوسعتهما، وخدمة الحجاج والمعتمرين، فضلاً عن البدء في فتح المدارس، وإنشاء المستشفيات، وبناء القرى، وإصلاح التربة، وتوطين البادية، والتنقيب عن مياه الري من أجل دعم الزراعة.
وفي خريف عام 1933م بدأت مليات التنقيب عن النفط في بعض أراضي المملكة، لكن مضت أربعة أعوام عجاف لم تثمر أعمالها عن الوصول إلى نتيجة إيجابية مرضية لاكتشاف مكامن النفط، إلى أن قرّر الخبراء التنقيب حول بئر ماء في منطقة تسمى «عين جت» كان الملك عبد العزيز قد توقّف عندها عام 1319هـ في طريقه من الكويت إلى الرياض، فكانت المفاجأة وجود النفط على عمق 5 آلاف قدم تحت الأرض. وفي عام 1939م ضخ النفط أول بشائره في احتفال شهده الملك عبد العزيز، ليستهل بعدها مشروعات الدولة التي خطط لها.
وفي شهر محرم من عام 1373هـ ترجل الفارس الملك عبد العزيز عن صهوة جواده بعد أن اشتد عليه المرض أثناء إقامته في الطائف، وفي فجر الثاني من شهر ربيع الأول من عام 1373هـ الموافق 9 نوفمبر 1953م فاضت روحه – رحمه الله - إلى بارئها. وورري جثمان الملك عبد العزيز في مقبرة العود وسط مدينة الرياض.
وانطلاقًا من النهج الإسلامي القويم دعا - رحمه الله - إلى التعاون العربي والتضامن الإسلامي وأسهم إسهامًا متميزًا في تأسيس جامعة الدول العربية وفي الأمم المتحدة عضوًا مؤسسًا، كما سجّل له التاريخ مواقف مشهودة في كثير من الأحداث العالمية والقضايا الإقليمية والدولية.
وقد استمرت مسيرة التطوير والتقدم بالمملكة منذ عهد الملك المؤسس وحتى الآن، وهو ما تشهد به الإنجازات الكبرى التي يتم الإعلان عنها، فمنذ الاحتفاء باليوم الوطني في العام الماضي 2021م تحقق العديد من المنجزات والأحداث المهمة، منها: الإعلان عن إطلاق مكاتب إستراتيجية لتطوير مناطق الباحة والجوف وجازان، وتقدم الرياض بطلب رسمي لاستضافة معرض إكسبو الدولي 2030
وكذلك الإعلان عن إنشاء أول مدينة غير ربحية في العالم بحي عرقة في الرياض، والإعلان عن إنشاء مدينة نيوم الصناعية «أوكساچون» أكبر تجمع صناعي عائم في العالم، وإطلاق مجموعة بوتيك المتخصصة في الضيافة الفندقية الفاخرة.
والإعلان عن إنشاء «تروجينا» الوجهة العالمية للسياحة الجبلية في نيوم، والإعلان عن إطلاق مشروع الملك سلمان لتوسعة قباء كأكبر توسعة في تاريخ المسجد، والإعلان عن التطلعات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار للعقدين المُقبلين بما ُيعزز من تنافسية وريادة المملكة عالميًا.
إضافة إلى الإعلان عن تصاميم «ذا لاين» مدينة المستقبل في نيوم، وافتتاح الطريق الرابط بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وتوقيع اتفاقية تعاون مشترك بين المملكة واليونان في مجال النقل البحري، وتوقيع اتفاقية إنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي اليوناني.
وإقامة -معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2022، وإطلاق أعمال البنية التحتية والمخطط العام لمشروع «"رؤى المدينة»، في المنطقة الواقعة شرق المسجد النبوي الشريف، واحتضان الرياض لأعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية.